بسم الله الرحمن الرحيم
لا ريب ان توحيد الصفوف واجتماع الكلمة هما الدعامة الوحيدة لبقاء الحركة الشعبية الجنوبية ودوام حيويته ونجاح الثورة الشعبية
منتدى تنمية الوعي الوطني الجنوبي /الضالع –الاسبوع السابع –الاربعاء 19يناير 2011م
نص الورقة التي قدمها الاستاذ عبدالغني الخطيب في السبوع السابع بعنوان:
التصالح والتسامح من منظور اسلامي ونبذ الخصومات
منتدى تنمية الوعي الوطني الجنوبي –الضالع-خاص –بن زيد
التصالح والتسامح:- التصالح:
تصالحوا-اصطلحوا
والصلح في اللغة :-هو اسم من المصالحة وهي المسالة بعد المنازعة وقال اخر للصلح هو انهاء الخصومة وانها حالة الحرب .وصالحة بمعنى -سالمة وصافاه ويقال صالحه على الشيء ,سلك معه مسلك المسالمة في الاتفاق.
واصطلح القوم وزال مابينهم من خلاف
وفي الشريعة (عقد يرفع النزاع)
قال تعالى:-( فأصلحوا بين أخويكم....) وقال تعالى:-( الصلح خير...)
والتسامح بمعنى التساهل وتسامحوا تساهلوا
وسامحه بكذا وافقه على مطلوبة وبذنبه عفا عنه ويقال في الدعا سامحك الله
واصطلاحا على وجهين:
• السماحة ما ذكره الجرجاني أنها بذل ما لايجب تفضلا وقال ابن الامير المقصود بها الجود عن كرم وسخا
• بمعنى التسامح مع الغير في المعاملات المختلفة ويكون ذلك بتيسير الأمور والملاينة وعدم القهر.
ومن طبيعة النفس السمحة ان يكون صاحبها هنيء لينا يتقبل ما يجري به القضاء والقدر بالرضاء والتسليم ويحاول ان يجد لكل ما يجري به حكمة مرضية وان كان مخالفا لهواة ويراقب قوله تعالى:-
(فعسى ان تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا)
ومن ظواهر سماحة النفس:
• طلاقة الوجه واستقبال الناس بالبشر
• مبادرة الناس بالتحية والسلام والمصافحة وحسن المحادثه
• حسن المصاحبة والمعاشرة والتغاضي عن الهفوات.
يحرص الاسلام على تنمية العلاقات الطيبة بين المسلمين والقضاء على الفرقة ومنع الخصومات التي تقع بينهم وإحلال المصالحة والوئام محل المباغضة والخصام. وقد جمع الله في اية واحده بين التقوى واصلاح ذات البين فقال :-فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم) –الأنفال
وجعل الصلح اساس الخير فقال :-(والصلح خير )-النساء . وإصلاح ذات البين من القواعد الرئيسة والدعائم المهمة في بناء المجتمع والتالف بين أفراده وهو قرين الصدقة والمعروف قال تعالى-) لا خير في كثير من نجواهم الا من امر بصدقه او معروف او إصلاح بين الناس...) النساء
وفي الحديث عن ابي هريرة رضي الله عنه: (كل سلامى من الناس عليه صدقه .كل يوم تطلع فيه الشمس تعدل بين الاثنين) ومعنى تعدل تصلح بينهما.
والإصلاح هو التوفيق بين الناس وحسم الخصومة وإعادة الحب والطمأنينة الى النفوس
وشرع الله الصلح في امور منها:
• صلح بين المتغاضبين ويدخل فيه الزوجان لقوله تعالى: ( ان يريدوا أصلاحا يوفق اله بينهما) النساء
• صلح بين المتعاملين في الأملاك والمشتريات ونحوها لقوله تعالى : (والصلح خير )
• صلح في الجراح: وهو الذي يحدث نتيجة المشاجرة او حوادث السيارات وغير ذلك.
• صلح بين فئتين ( وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فان بغت أحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تقيئ الى امر الله فان فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل واقسطوا ان الله يحب المقسطين)-الحجرات-9
• ولذلك امر الله بالسعي بين الناس وعده من علامات الخير سواء بين الزوجين او فئات متشاحنة من المسلمين . ويجوز الكذب عند الاصطلاح
• فمن الوسائل المرغبة بين الناس ما ورد عن ام كلثوم بنت عقبة رضي الله عنها في الصحيحين (ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فيقول خيرا او ينمي خيرا)
قالت ولم اسمعه يرخص في شيء مما يقول الناس كذبا الا من ثلاث (الحرب –والإصلاح بين الناس –وحديث الرجل وامراءته وحديث المراه وزوجها).
فتبين ان التورية والتعريف بالخير امر مشروع وهذا من تأليف القلوب ويعتبر من أعظم النعم التي تذكر وتشكر,قال تعالى: (واذكروا نعمة الله عليكم اذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا....)ال عمران.
ولقد رغب الشارع في الإصلاح ذات البين أي إصلاح الفساد القائم بين جماعة المسلمين والمراد (إسكات ثائرة الغضب وإخمادها حيث ان الصلح عقد يقطع النزاع بين المدعي والمدعي عليه ويقطع الخصومة .
وعن ابي الدرداء قال : قال رسول الله: ( الا أخبركم بأفضل من درجة الصلاة والصيام والصدقة؟ قالوا بلى قال: إصلاح ذات البين فان فساد ذات البين هي الحالقه)
والمراد هنا هي النوافل,وانما كان أصلاح ذات البين أفضل من هذه النوافل مجتمعه لما فيه من عموم المنافع الدينية والدنيوية من التعاون والتناحر والالفه والاجتماع عل الخير ولكثرة ما يندفع به من الشر والعداوة والبغضاء بين الأفراد والأسر وبين الجماعات والدول.
ولا يجوز الصلح في :
عن ابي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الصلح جائز بين المسلمين الا صلحا احل حراما او حرم حلالا)
تحريم الهجران:
حرم الاسلام الهجران بين المسلمين وبذلك قضى الإسلام على أساس الشقاق والخلاف وهو الهجران فحرمه الا لثلاثة ايام واعتبر المسلم الذي يسرع بالمصالحة مع اخيه خيرا من الاخر لقوله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ابو ايوب رضى الله عنه في الحديث المتفق عليه: (لايحل لمسلم ان يهجر أخاه فوق ثلاثة يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهم الذي يبدا السلام). بل لايرفع الله عمل المتهاجرين والمتخاصمين حتى يصتلحا لقوله صلى الله عليه وسلم : ( تعرض اعمال الناس في كل جمعه مرتين يوم الاثنين ويوم الخميس فيغفر لكل عبد مؤمن الا عبدا بينه وبين اخيه شحنا ,وقال : اتركوا هذين حتى يفيا , يصطلحا) رواة مسلم.
نماذج من سماحة الإسلام والمسلمين:
قال الشيخ محمد صادق العرجون:
(والناظر في تصرفات القادة والافراد في فتوح الشام والناظر تصرفات قادة الفتوحات الاسلامية من اصحاب رسول الله صلى عليه وسلم وأمرائه وولاته وتلاميذهم من التابعين وتابعييهم يرى انهم كانا احرص على الرفق والسماحة في تنفيذ العهود والمصالحات مما على المعاهدين والمصالحين يتعاونون مع المسلمين في صدق واخلاص نتيجة لما راوه من العدالة الرحيمة في معاملة المسلمين لهم.
ويلاحظ ان تطبيق سماحة الاسلام من أعظم اسباب سرعة انتشارة وفي هذا السياسة الحكيمة الرحيمة اوضح اجابة عن تساؤل المتسائلين عن اسباب السرعة الهائلة التي طوى فيها الاسلام اكثر المعمورة من الارض تحت ضله الضليل.
ويتجلى ابرز هذه المبادئ في امور:
• ان هذه المبادئ السمحة الراشده تنفض الفكرة المتعنتة الجاحدة التي يرددها اعداء الانسانية بتصوير فتوحاته غزوا ماديا لثروات الامم واغتصاب خيراتها وحرمانها من نعم الله عليها.
وتصوير هذه الفتوحات بانها اكراه للناس في الدين لدخول الاسلام ,لان النظرة الفاحصة في فتوحات الاسلام ترد ذلك
فهذا ابو عبيدة ابن الجراح نقراء في مصالحاته لاهل الشام انه صالحهم على الابقاء على معابدهم من البيع والكنائس داخل المدن وخارجها مصونه لايهدم منها شيئ ولا يغير من معالمها وصالحهم على حقن دمائهم وحفظ حياتهم من الاعتداء عليهم ومن قاتلهم وجب على المسلمين ان يقاتلوه دونهم ويدفعوه عنهم بقوة السلاح. فهل هذه هي المبادئ التي تلزم المسلمين ان يحافظوا عل معابد اهل الذمة والمعاهدين وحمايتهم يشم منها رائحة غزو مادي لنهب ثروات او جمع اموال او يتصور فيها اعتداء على حرية الاديان.
• هذه المصالحات التي تعتمد على العدل والرحمة والتي قامت عل الرفق باهل الذمة كان لها الاثر الخطير الذي استهدفه الاسلام في فتوحاته. فقد راى اهل الذمة وفاء المسلمين لهم بشروطهم وشاهدوا حسن سيرتهم فيهم وجربوا معاملتهم فوقفوا معهم مخلصين وصاروا اعوانا لمسلمين على اعدائهم فكانوا بهذه المعاملة يخبرونهم باحوال اعدائهم ليكونوا منهم على حذر,بهذه المعاملة السمحة وبهذه السماحة في المعاملة فتحت بلاد الشام ولم تكن هذه السياسة الحكيمة الرحيمة في معاملة اهل الذمة هي منهج أبي عبيده وحده بل كانت المنهج الذي اقام الاسلام دعائمه وبث في شريعته إعلامه فهو ليس منهجا خاصا لأمير فتح المصالحة ,وفرضه على أمرائه و ولاته الذين عملوا تحت امرته. وانما هو منهج عام في شريعة الاسلام ينبع من مصدريها الأصليين القران الكريم والسنة المطهرة .
والايات التي تدل على سماحة الاسلام كثيرة منها:
قول تعالى :- ( لا أكراه في الدين قد تبين الر شد من الغي .....) ألبقره. وقوله تعالى:-( ود كثير من أهل الكتب لو يردونكم من بعد أيمنكم كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق فأعفوا واصفحوا حتى ياتي الله بأمره وان الله عل كل شيء قدير )) البقره.
فما احوجنا نحن هذه الايام الى هذه المسامحة مع بعضنا.
تصفية النفوس من الاخطاء ونبذ الخلاف:\
ان الاسلام يتحسس النفوس بين الحين والاخر ليغسلها من ادران الحقد الرخيص وليجعلها حافله بمشاعر ازكي وانقى نحو الناس ونحو الحياة.
في كل يوم وفي كل اسبوع وفي كل عام تمر النفوس من اداب الاسلام في مصفاة تحجز الاكدار وتنقي العيوب ولا تبقي في الأفئدة المؤمنة اثارة من ضغينة.
اما في كل يوم فقد اوضح الاسلام ان الصلوات المكتوبة لا يحضى المسلم بثوابها الا اذا اقترنت بصفا القلب للناس وفراغه من الغش والخصومات .قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ثلاثة لأترفع صلاتهم فوق رؤوسهم شبرا: رجل ام قوما وهم له كارهون وأمراءه باتت وزوجها عليها ساخط وإخوان متصارعان))
واما في كل اسبوع فان هناك إحصاء لما يعمله المسلم بنظر الله فيه ليحاكم المرء الى ما قدمت يداه واسره ضميره ,فان كان سليم الصدر نجا من العثار وان كان ملوثا بمأثم الغضب والحسد والسخط تاخر في المضمار.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( تعرض الاعمال في كل اثنين وخميس فيغفر الله عز وجل في ذلك اليوم لكل امرئ لايشرك بالله شيئا الا امرأ كانت بينه وبين اخيه شحنا ,فيقول: اتركوا هذين حتى يصطلحا) رواه مسلم.
واما في كل عام فبعد تراخي الليالي وامتداد الايام لا ينبغي ان يبقى المسلم حبيسا في سجن العداوة مغلولا في قيود البغضاء ,فان لله في دنيا الناس نفحات لا يظفر بخيرها الا الأصفياء والسمحاء....
ففي الحديث ..(( ان الله عز وجل يطلع على عباده ليله النصف من شعبان فيغفر للمستغفرين ويرحم المسترحمين و يؤخر اهل الحقد كما هم, فمن مات بعد هذه المصافي المتتابعة والبغضاء لاصقة بقلبه لاتنفك عنه, وعجزت الشرائع عن تطهيره لا تعجز النار الوصول الى قراراه وكي إضغانه و اوزاره.
ان اختلاف الإفهام واشتجار الاراء ليس بمستغرب في الحياة ولكن ليس هذا سبب التقاطع والشقاق. وانما يعود سبب الشقاق الى انضمام عوامل اخرى تستغل تباين الأنظار والافكار للتنفيس عن اهواء باطنه ومن ثم ينقلب البحث عن الحقيقة الى ضرب من العناد, ولو تجردت النيات للبحث عن الحقيقة واقبل روادها وهم بعيدين عن طلب الغلبة والسمعة والرياسة والثراء لصفيت المنازعات التي ملاءت التاريخ بالاكدار والماسي وقد لاحظنا ان هناك امور ضخم الخلاف فيها وامتد لان هذا الخلاف اقترن ابتدا بمنافع سياسية عل حين انكمش الخلاف في مسائل هامة وتركزت وجهات النظر ترسو حيث شاءت . ان ائتلاف القلوب والمشاعر واتحاد الغايات والمناهج من أوضح تعاليم الاسلام. ولا ريب ان توحيد الصفوف واجتماع الكلمة هما الدعامة الوحيدة لبقاء الحركة الشعبية الجنوبية ودوام حيويته ونجاح الثورة الشعبية.
ان الناس ان لم يجمعهم الحق شعبهم الباطل واذا لم توحدهم الأهداف السامية مزقنهم الاهواء
ان الخصومة اذا نمت وغارت جذورها وتفرعت اشواكها شلت زهرات الايمان.وكثير ما تطيش الخصومة بألباب ذويها وربما عجز الشيطان ان يجعل من الرجل عابد صنم ولكنه حريص على ايقاد نيران العداوة في القلوب.
والانسان في كل نزاع ينشب احد رجلين : اما ان يكون ظالما واما ان يكون مظلوما فان كان الأولى ينبغي ان يقلع عن غيه وان يصلح سيرته ويتصالح مع صاحبه ويطيب خاطره.قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من كانت عنده مظلمة لاخيه من عرض او من شيء فليتحلله منه اليوم من قبل الا يكون دينار ولا درهم...)
ذلك نصح الاسلام لمن عليه الحق .اما من له الحق فقد رغب اليه ان يلين ويسمح وان يمسح أخطاء الامس بقبول المعذرة عند نياتي له اخوه معتذرا.
والصفح ازالة اثر الذنب من النفس:
والصفح ابلغ من العفو لان الصفح تجاوز عن الذنب بالكلية اما العفو فانه يقتضي اسقاط اللوم فقط.
الصفح في القران:
قال تعالى:- (فاصفح عنهم وقل سلام)—(فاصفح الصفح الجميل) الحجر-85 وقال-( وان تعفوا وتصفحوا وتغفروا)-التغابن اشارة الى عفو الاباء عن الاولاد. وقوله (وليعفوا وليصفحوا) اشارة الى ابي بكر الصديق رضي الله عنه بالتجاوز عن ذنب مسطحح بن اثاثه عندما خاض في حادثة الافك .وقصة يوسف مع اخوانه عندما عفى عنهم.
وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما فتح مكه فالبرعم مما لاقاه من اهل مكه من متاعب وقتال وسب ... الا انه خطب فيهم في مكه بعد فتحها وقال يا معشر قريش ( ما ترون اني فاعلا بكم ) قالوا خيرا اخ كريم وابن اخ كريم ,قال ..( لاتثريب عليكم اليوم اذهبوا فانتم الطلقاء) وفي خطبة الوداع قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :- (ايها الناس اسمعوا قولي فاني لا ادري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا ,ان دمائكم و أموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا .....)
وذكر الله تعالى في كتابه الصبرالجميل والصفح الجميل والهجر الجميل:
الصبر الجميل هو الذي لا شكوى فيه ولا معه
الصفح الجميل هو الذي لا عتاب معه
والهجر الجميل هو الذي لا اذى معه.
من فوائد الصفح:
• الصفح اعمق من العفو اذ يزيل الله به اثر الضغائن
• امر الله المؤمنين بالصفح حتى عند ألد الأعداء كي يذوقوا حلاوة الايمان
• الصفح من مستلزمات الإحسان والاحسان من اعلى درجات الايمان
• الصفح يقوي رابطة التآخي بين افراد المجتمع ويجعلهم متحابين متحدين
الامة التي يتحلى معظم افرادها بالصفح تكون امه سعيدة في الدنيا والاخرة وذلك فضل الله ياتيه من يشا . واخيرا لا مكان للفردية المتسلطة ,بل فيها الحب المشترك والود الشائع والتعاون المتبادل والصفح الجميل. قال تعالى:- ( والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالأيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين امنوا ربنا انك رءوف رحيم) صدق الله العظيم .
انتهى
وسيكون موضوع الندوة القادمة هو اسقاط وانتزال هذه القيم والمبادئ والاسس على واقعنا وراهن ثورتنا وتجسيدها كسلوك وثقافه بين ابناء الجنوب الاحرار.
الخطيب
لا ريب ان توحيد الصفوف واجتماع الكلمة هما الدعامة الوحيدة لبقاء الحركة الشعبية الجنوبية ودوام حيويته ونجاح الثورة الشعبية
منتدى تنمية الوعي الوطني الجنوبي /الضالع –الاسبوع السابع –الاربعاء 19يناير 2011م
نص الورقة التي قدمها الاستاذ عبدالغني الخطيب في السبوع السابع بعنوان:
التصالح والتسامح من منظور اسلامي ونبذ الخصومات
منتدى تنمية الوعي الوطني الجنوبي –الضالع-خاص –بن زيد
التصالح والتسامح:- التصالح:
تصالحوا-اصطلحوا
والصلح في اللغة :-هو اسم من المصالحة وهي المسالة بعد المنازعة وقال اخر للصلح هو انهاء الخصومة وانها حالة الحرب .وصالحة بمعنى -سالمة وصافاه ويقال صالحه على الشيء ,سلك معه مسلك المسالمة في الاتفاق.
واصطلح القوم وزال مابينهم من خلاف
وفي الشريعة (عقد يرفع النزاع)
قال تعالى:-( فأصلحوا بين أخويكم....) وقال تعالى:-( الصلح خير...)
والتسامح بمعنى التساهل وتسامحوا تساهلوا
وسامحه بكذا وافقه على مطلوبة وبذنبه عفا عنه ويقال في الدعا سامحك الله
واصطلاحا على وجهين:
• السماحة ما ذكره الجرجاني أنها بذل ما لايجب تفضلا وقال ابن الامير المقصود بها الجود عن كرم وسخا
• بمعنى التسامح مع الغير في المعاملات المختلفة ويكون ذلك بتيسير الأمور والملاينة وعدم القهر.
ومن طبيعة النفس السمحة ان يكون صاحبها هنيء لينا يتقبل ما يجري به القضاء والقدر بالرضاء والتسليم ويحاول ان يجد لكل ما يجري به حكمة مرضية وان كان مخالفا لهواة ويراقب قوله تعالى:-
(فعسى ان تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا)
ومن ظواهر سماحة النفس:
• طلاقة الوجه واستقبال الناس بالبشر
• مبادرة الناس بالتحية والسلام والمصافحة وحسن المحادثه
• حسن المصاحبة والمعاشرة والتغاضي عن الهفوات.
يحرص الاسلام على تنمية العلاقات الطيبة بين المسلمين والقضاء على الفرقة ومنع الخصومات التي تقع بينهم وإحلال المصالحة والوئام محل المباغضة والخصام. وقد جمع الله في اية واحده بين التقوى واصلاح ذات البين فقال :-فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم) –الأنفال
وجعل الصلح اساس الخير فقال :-(والصلح خير )-النساء . وإصلاح ذات البين من القواعد الرئيسة والدعائم المهمة في بناء المجتمع والتالف بين أفراده وهو قرين الصدقة والمعروف قال تعالى-) لا خير في كثير من نجواهم الا من امر بصدقه او معروف او إصلاح بين الناس...) النساء
وفي الحديث عن ابي هريرة رضي الله عنه: (كل سلامى من الناس عليه صدقه .كل يوم تطلع فيه الشمس تعدل بين الاثنين) ومعنى تعدل تصلح بينهما.
والإصلاح هو التوفيق بين الناس وحسم الخصومة وإعادة الحب والطمأنينة الى النفوس
وشرع الله الصلح في امور منها:
• صلح بين المتغاضبين ويدخل فيه الزوجان لقوله تعالى: ( ان يريدوا أصلاحا يوفق اله بينهما) النساء
• صلح بين المتعاملين في الأملاك والمشتريات ونحوها لقوله تعالى : (والصلح خير )
• صلح في الجراح: وهو الذي يحدث نتيجة المشاجرة او حوادث السيارات وغير ذلك.
• صلح بين فئتين ( وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فان بغت أحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تقيئ الى امر الله فان فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل واقسطوا ان الله يحب المقسطين)-الحجرات-9
• ولذلك امر الله بالسعي بين الناس وعده من علامات الخير سواء بين الزوجين او فئات متشاحنة من المسلمين . ويجوز الكذب عند الاصطلاح
• فمن الوسائل المرغبة بين الناس ما ورد عن ام كلثوم بنت عقبة رضي الله عنها في الصحيحين (ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فيقول خيرا او ينمي خيرا)
قالت ولم اسمعه يرخص في شيء مما يقول الناس كذبا الا من ثلاث (الحرب –والإصلاح بين الناس –وحديث الرجل وامراءته وحديث المراه وزوجها).
فتبين ان التورية والتعريف بالخير امر مشروع وهذا من تأليف القلوب ويعتبر من أعظم النعم التي تذكر وتشكر,قال تعالى: (واذكروا نعمة الله عليكم اذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا....)ال عمران.
ولقد رغب الشارع في الإصلاح ذات البين أي إصلاح الفساد القائم بين جماعة المسلمين والمراد (إسكات ثائرة الغضب وإخمادها حيث ان الصلح عقد يقطع النزاع بين المدعي والمدعي عليه ويقطع الخصومة .
وعن ابي الدرداء قال : قال رسول الله: ( الا أخبركم بأفضل من درجة الصلاة والصيام والصدقة؟ قالوا بلى قال: إصلاح ذات البين فان فساد ذات البين هي الحالقه)
والمراد هنا هي النوافل,وانما كان أصلاح ذات البين أفضل من هذه النوافل مجتمعه لما فيه من عموم المنافع الدينية والدنيوية من التعاون والتناحر والالفه والاجتماع عل الخير ولكثرة ما يندفع به من الشر والعداوة والبغضاء بين الأفراد والأسر وبين الجماعات والدول.
ولا يجوز الصلح في :
عن ابي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الصلح جائز بين المسلمين الا صلحا احل حراما او حرم حلالا)
تحريم الهجران:
حرم الاسلام الهجران بين المسلمين وبذلك قضى الإسلام على أساس الشقاق والخلاف وهو الهجران فحرمه الا لثلاثة ايام واعتبر المسلم الذي يسرع بالمصالحة مع اخيه خيرا من الاخر لقوله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ابو ايوب رضى الله عنه في الحديث المتفق عليه: (لايحل لمسلم ان يهجر أخاه فوق ثلاثة يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهم الذي يبدا السلام). بل لايرفع الله عمل المتهاجرين والمتخاصمين حتى يصتلحا لقوله صلى الله عليه وسلم : ( تعرض اعمال الناس في كل جمعه مرتين يوم الاثنين ويوم الخميس فيغفر لكل عبد مؤمن الا عبدا بينه وبين اخيه شحنا ,وقال : اتركوا هذين حتى يفيا , يصطلحا) رواة مسلم.
نماذج من سماحة الإسلام والمسلمين:
قال الشيخ محمد صادق العرجون:
(والناظر في تصرفات القادة والافراد في فتوح الشام والناظر تصرفات قادة الفتوحات الاسلامية من اصحاب رسول الله صلى عليه وسلم وأمرائه وولاته وتلاميذهم من التابعين وتابعييهم يرى انهم كانا احرص على الرفق والسماحة في تنفيذ العهود والمصالحات مما على المعاهدين والمصالحين يتعاونون مع المسلمين في صدق واخلاص نتيجة لما راوه من العدالة الرحيمة في معاملة المسلمين لهم.
ويلاحظ ان تطبيق سماحة الاسلام من أعظم اسباب سرعة انتشارة وفي هذا السياسة الحكيمة الرحيمة اوضح اجابة عن تساؤل المتسائلين عن اسباب السرعة الهائلة التي طوى فيها الاسلام اكثر المعمورة من الارض تحت ضله الضليل.
ويتجلى ابرز هذه المبادئ في امور:
• ان هذه المبادئ السمحة الراشده تنفض الفكرة المتعنتة الجاحدة التي يرددها اعداء الانسانية بتصوير فتوحاته غزوا ماديا لثروات الامم واغتصاب خيراتها وحرمانها من نعم الله عليها.
وتصوير هذه الفتوحات بانها اكراه للناس في الدين لدخول الاسلام ,لان النظرة الفاحصة في فتوحات الاسلام ترد ذلك
فهذا ابو عبيدة ابن الجراح نقراء في مصالحاته لاهل الشام انه صالحهم على الابقاء على معابدهم من البيع والكنائس داخل المدن وخارجها مصونه لايهدم منها شيئ ولا يغير من معالمها وصالحهم على حقن دمائهم وحفظ حياتهم من الاعتداء عليهم ومن قاتلهم وجب على المسلمين ان يقاتلوه دونهم ويدفعوه عنهم بقوة السلاح. فهل هذه هي المبادئ التي تلزم المسلمين ان يحافظوا عل معابد اهل الذمة والمعاهدين وحمايتهم يشم منها رائحة غزو مادي لنهب ثروات او جمع اموال او يتصور فيها اعتداء على حرية الاديان.
• هذه المصالحات التي تعتمد على العدل والرحمة والتي قامت عل الرفق باهل الذمة كان لها الاثر الخطير الذي استهدفه الاسلام في فتوحاته. فقد راى اهل الذمة وفاء المسلمين لهم بشروطهم وشاهدوا حسن سيرتهم فيهم وجربوا معاملتهم فوقفوا معهم مخلصين وصاروا اعوانا لمسلمين على اعدائهم فكانوا بهذه المعاملة يخبرونهم باحوال اعدائهم ليكونوا منهم على حذر,بهذه المعاملة السمحة وبهذه السماحة في المعاملة فتحت بلاد الشام ولم تكن هذه السياسة الحكيمة الرحيمة في معاملة اهل الذمة هي منهج أبي عبيده وحده بل كانت المنهج الذي اقام الاسلام دعائمه وبث في شريعته إعلامه فهو ليس منهجا خاصا لأمير فتح المصالحة ,وفرضه على أمرائه و ولاته الذين عملوا تحت امرته. وانما هو منهج عام في شريعة الاسلام ينبع من مصدريها الأصليين القران الكريم والسنة المطهرة .
والايات التي تدل على سماحة الاسلام كثيرة منها:
قول تعالى :- ( لا أكراه في الدين قد تبين الر شد من الغي .....) ألبقره. وقوله تعالى:-( ود كثير من أهل الكتب لو يردونكم من بعد أيمنكم كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق فأعفوا واصفحوا حتى ياتي الله بأمره وان الله عل كل شيء قدير )) البقره.
فما احوجنا نحن هذه الايام الى هذه المسامحة مع بعضنا.
تصفية النفوس من الاخطاء ونبذ الخلاف:\
ان الاسلام يتحسس النفوس بين الحين والاخر ليغسلها من ادران الحقد الرخيص وليجعلها حافله بمشاعر ازكي وانقى نحو الناس ونحو الحياة.
في كل يوم وفي كل اسبوع وفي كل عام تمر النفوس من اداب الاسلام في مصفاة تحجز الاكدار وتنقي العيوب ولا تبقي في الأفئدة المؤمنة اثارة من ضغينة.
اما في كل يوم فقد اوضح الاسلام ان الصلوات المكتوبة لا يحضى المسلم بثوابها الا اذا اقترنت بصفا القلب للناس وفراغه من الغش والخصومات .قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ثلاثة لأترفع صلاتهم فوق رؤوسهم شبرا: رجل ام قوما وهم له كارهون وأمراءه باتت وزوجها عليها ساخط وإخوان متصارعان))
واما في كل اسبوع فان هناك إحصاء لما يعمله المسلم بنظر الله فيه ليحاكم المرء الى ما قدمت يداه واسره ضميره ,فان كان سليم الصدر نجا من العثار وان كان ملوثا بمأثم الغضب والحسد والسخط تاخر في المضمار.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( تعرض الاعمال في كل اثنين وخميس فيغفر الله عز وجل في ذلك اليوم لكل امرئ لايشرك بالله شيئا الا امرأ كانت بينه وبين اخيه شحنا ,فيقول: اتركوا هذين حتى يصطلحا) رواه مسلم.
واما في كل عام فبعد تراخي الليالي وامتداد الايام لا ينبغي ان يبقى المسلم حبيسا في سجن العداوة مغلولا في قيود البغضاء ,فان لله في دنيا الناس نفحات لا يظفر بخيرها الا الأصفياء والسمحاء....
ففي الحديث ..(( ان الله عز وجل يطلع على عباده ليله النصف من شعبان فيغفر للمستغفرين ويرحم المسترحمين و يؤخر اهل الحقد كما هم, فمن مات بعد هذه المصافي المتتابعة والبغضاء لاصقة بقلبه لاتنفك عنه, وعجزت الشرائع عن تطهيره لا تعجز النار الوصول الى قراراه وكي إضغانه و اوزاره.
ان اختلاف الإفهام واشتجار الاراء ليس بمستغرب في الحياة ولكن ليس هذا سبب التقاطع والشقاق. وانما يعود سبب الشقاق الى انضمام عوامل اخرى تستغل تباين الأنظار والافكار للتنفيس عن اهواء باطنه ومن ثم ينقلب البحث عن الحقيقة الى ضرب من العناد, ولو تجردت النيات للبحث عن الحقيقة واقبل روادها وهم بعيدين عن طلب الغلبة والسمعة والرياسة والثراء لصفيت المنازعات التي ملاءت التاريخ بالاكدار والماسي وقد لاحظنا ان هناك امور ضخم الخلاف فيها وامتد لان هذا الخلاف اقترن ابتدا بمنافع سياسية عل حين انكمش الخلاف في مسائل هامة وتركزت وجهات النظر ترسو حيث شاءت . ان ائتلاف القلوب والمشاعر واتحاد الغايات والمناهج من أوضح تعاليم الاسلام. ولا ريب ان توحيد الصفوف واجتماع الكلمة هما الدعامة الوحيدة لبقاء الحركة الشعبية الجنوبية ودوام حيويته ونجاح الثورة الشعبية.
ان الناس ان لم يجمعهم الحق شعبهم الباطل واذا لم توحدهم الأهداف السامية مزقنهم الاهواء
ان الخصومة اذا نمت وغارت جذورها وتفرعت اشواكها شلت زهرات الايمان.وكثير ما تطيش الخصومة بألباب ذويها وربما عجز الشيطان ان يجعل من الرجل عابد صنم ولكنه حريص على ايقاد نيران العداوة في القلوب.
والانسان في كل نزاع ينشب احد رجلين : اما ان يكون ظالما واما ان يكون مظلوما فان كان الأولى ينبغي ان يقلع عن غيه وان يصلح سيرته ويتصالح مع صاحبه ويطيب خاطره.قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من كانت عنده مظلمة لاخيه من عرض او من شيء فليتحلله منه اليوم من قبل الا يكون دينار ولا درهم...)
ذلك نصح الاسلام لمن عليه الحق .اما من له الحق فقد رغب اليه ان يلين ويسمح وان يمسح أخطاء الامس بقبول المعذرة عند نياتي له اخوه معتذرا.
والصفح ازالة اثر الذنب من النفس:
والصفح ابلغ من العفو لان الصفح تجاوز عن الذنب بالكلية اما العفو فانه يقتضي اسقاط اللوم فقط.
الصفح في القران:
قال تعالى:- (فاصفح عنهم وقل سلام)—(فاصفح الصفح الجميل) الحجر-85 وقال-( وان تعفوا وتصفحوا وتغفروا)-التغابن اشارة الى عفو الاباء عن الاولاد. وقوله (وليعفوا وليصفحوا) اشارة الى ابي بكر الصديق رضي الله عنه بالتجاوز عن ذنب مسطحح بن اثاثه عندما خاض في حادثة الافك .وقصة يوسف مع اخوانه عندما عفى عنهم.
وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما فتح مكه فالبرعم مما لاقاه من اهل مكه من متاعب وقتال وسب ... الا انه خطب فيهم في مكه بعد فتحها وقال يا معشر قريش ( ما ترون اني فاعلا بكم ) قالوا خيرا اخ كريم وابن اخ كريم ,قال ..( لاتثريب عليكم اليوم اذهبوا فانتم الطلقاء) وفي خطبة الوداع قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :- (ايها الناس اسمعوا قولي فاني لا ادري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا ,ان دمائكم و أموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا .....)
وذكر الله تعالى في كتابه الصبرالجميل والصفح الجميل والهجر الجميل:
الصبر الجميل هو الذي لا شكوى فيه ولا معه
الصفح الجميل هو الذي لا عتاب معه
والهجر الجميل هو الذي لا اذى معه.
من فوائد الصفح:
• الصفح اعمق من العفو اذ يزيل الله به اثر الضغائن
• امر الله المؤمنين بالصفح حتى عند ألد الأعداء كي يذوقوا حلاوة الايمان
• الصفح من مستلزمات الإحسان والاحسان من اعلى درجات الايمان
• الصفح يقوي رابطة التآخي بين افراد المجتمع ويجعلهم متحابين متحدين
الامة التي يتحلى معظم افرادها بالصفح تكون امه سعيدة في الدنيا والاخرة وذلك فضل الله ياتيه من يشا . واخيرا لا مكان للفردية المتسلطة ,بل فيها الحب المشترك والود الشائع والتعاون المتبادل والصفح الجميل. قال تعالى:- ( والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالأيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين امنوا ربنا انك رءوف رحيم) صدق الله العظيم .
انتهى
وسيكون موضوع الندوة القادمة هو اسقاط وانتزال هذه القيم والمبادئ والاسس على واقعنا وراهن ثورتنا وتجسيدها كسلوك وثقافه بين ابناء الجنوب الاحرار.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق