بسم الله الرحمن الرحيم
منتدى تنمية الوعي الوطني الجنوبي الضالع في أسبوعه السادس ((مفهوم التصالح والتسامح والتضامن الجنوبي))
منتدى تنمية الوعي الوطني الجنوبي/الضالع 5يناير 2011م خاص-منصور زيد
تحت شعار لتنمية الوعي الوطني الجنوبي عقد المنتدى اليوم الأربعاء 5/1/2011م أسبوعه السادس في مدينة الضالع بحضور عدد كثير من قيادات الحركة الشعبية الجنوبية والنشطاء والمثقفين والمفكرين من مختلف المكونات التحررية ومنظمات المجتمع المدني
حيث تم افتتاح المنتدى لهذا الأسبوع من قبل إدارة المنتدى الأستاذ محمد مساعد والأستاذ منصور زيد بكلمة الافتتاح والترحيب بالحضور ومن ثم إدارة الندوة والنقاش .
. وقدمت في ندوة هذا الأسبوع عدد من الأوراق عل النحو التالي:
· الورقة الأولى بعنوان: التصالح والتسامح بين النظرية والتطبيق للأستاذ والكاتب عبدا لمجيد طالب
· الورقة الثانية بعنوان: التصالح والتسامح والتضامن الجنوبي بابعادة الثلاثة للكاتب محمد علي شايف
· الورقة الثالثة بعنوان :الحركة الشعبية السلمية قيمة سياسية واجتماعية وثقافية للكاتب فواد علي ناصر
وقد تم في الندوة قراءة الاواراق عل الحاضرين ومن ثم تم التداخل والحوار حول الأفكار التي تضمنتها الأوراق المقدمة. حيث طرح الحضور ملاحظاتهم والاستفسارات حول بعض النقاط والمفاهيم ومن ثم ائراء هذه الأوراق من قبل الحضور.
بعد ذلك اختتمت الندوة وتم تحديد موضوع وعنوان الندوة القادمة وهي (( ماهي آلية إيصال فكر التصالح والتسامح إلى الرأي العام؟؟)
ولأهمية ماجاء في المداخلات اعلاة ولتعميم الفائدة عل اكبر عدد من أعضاء الحركة الشعبية الجنوبية في كل مناطق الجنوب والمراقبين والمتابعين في الداخل والخارج سننشر نص المداخلات التي قدمت الى الندوة ونتمنى من المتابعين والقراء والمهتمين في نشر هذا الوعي في الداخل والخارج وأيضا إبداء الرأي المسئول والهادف الى تنمية الوعي الوطني الجنوبي نحو تحصين حاضر ومستقبل ثورتنا التحررية ومن منطلق ان مهمة نشر الوعي ومواصلة النضال لايقتصر على فرد أو جماعة معينة بل هو مسئولية كل أبناء الجنوب الأحرار .
نص الورقة الاولى في الندوة : التصالح والتسامح بين النظرية والتطبيق قدمها الأستاذ
عبدالمجيد طالب
بسم الله الرحمن الرحيم
مفهوم التصالح والتسامح :
في نظري هو عبارة عن مجموعة من الإجراءات التصحيحية للأخطاء والممارسات السلبية المرتكبة خلال فترة زمنية محددة من قبل جماعة أو فرد ضد فرد أو جماعة أخرى أو وطن ، وإيجاد الحلول والمعالجات الصحيحة والشافية لها لإرسائها على مداميك أمنة ومتينة كأساس وكثقافة للحاضر والمستقبل ، تكون قادرة على خلق نسيج اجتماعي متوائم ، متفاعل مع واجبات الحاضر ،ومؤهلا لتلبية متطلبات المستقبل ، ومحصنا من استهدافه كشعب أو وطن أو حضارة أو هوية أو دين ، ومترفعا عن السقوط إلى مستوى عبادة الذات الشخصي أو ألمناطقي أو الحزبي الضيق بقصد عدم إلحاق الضرر بالآخرين .
ويأتي مفهوم التصالح والتسامح من وجهة نظر الدين باعتباره من صلب التعاليم الإسلامية الحقة الداعية إلى الإصلاح والصلاح والعفو والمغفرة ... الخ ونستشهد هنا بقول الله سبحانه وتعالى في سورة الحجرات بقوله :
وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ{9}
وفي سورة آل عمران {الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ } 134.
أي أن التصالح والتسامح لا يمكن أن يتحقق لتندمل الجراح بمجرد رفعه شعارا مجخيا ، وإنما سعي ودود وجهد دءوب وعمل متواصل ، يحد من إنكاء جراح الماضي الأليم .
الإجراءات التصحيحية للتصالح والتسامح :
نستطيع القول من أن التصالح والتسامح يمكن أن يتحقق من خلال المرور بالخطوات الاجرائية التالية :
- الاعتراف بالأخطاء والممارسات السلبية المرتكبة .
- العمل على إيجاد الحلول الشافية لها ماديا ومعنويا .
- الندم على ارتكابها والكف حتى عن التفكير من العودة لممارساتها أو عودة رموزها للحد من إعادة الماضي إلى الصدارة مرة أخرى .
- العمل على إرساء قيم التصالح والتسامح كأساس وكثقافة للحاضر والمستقبل.
- الإجراءات الواجب اتخاذها للحد من تكرارها امتثالا لقول الله سبحانه وتعالى :
فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ .
التصالح والتسامح في واقع الحركة الشعبية الجنوبية
1 - الدواعي والأسباب التي أدت إلى تبني مبدأ التصالح والتسامح .
ليس خافيا على احد أن الجنوب منذ اليوم الأول لاستقلاله من الاحتلال البريطاني وأيضا اثنا فترة الكفاح المسلح مرورا بمرحلة ما بعد الاستقلال وحتى يوم 22/ مايو 1990م قد مر بعدة أزمات أدت إلى ارتكاب الكثير من الأخطاء التي خدمت القوى الاستعمارية الطامعة بأرض الجنوب مما سهلت في عملية القضاء على كيان بحجم دولة ، وارض بحجم وطن ، ومستقبل بحجم أمال شعب ، وتراث بحجم حضارة ، كل هذا وللأسف الشديد تم بطريقة ممنهجة تحت مسمى الشرعية والدين ومن قبل الدعاة للعروبة والإسلام الذين سمحوا لأنفسهم ابتلاع الجنوب واعتباره فرع عاد إلى الأصل ، بل واعتبار أهله دخلاء حيث وصلت بهم الوقاحة إلى اعتبارهم هنود وصومال ناهيك عن الفتاوى التكفيرية بحق ابناء الجنوب .
إن النزوع العدواني المنطلق من ثقافة وتعاليم المدرسة السبئية قد حولت الجنوب المحتل في 7/7/1994م إلى غنيمة وفيدا لهم ليس هذا فحسب ،بل وما ارتكبوا من أعمال بحقه بقصد محوه وطمس هويته وحضارته وثقافته يؤكد هذا النزوع ألتدميري بحق الجنوب والذي تمت بطرق ممنهجة ونذكر منها على سبيل المثال الأسباب التالية والتي كانت الاهم في تبني الجنوبيين لفكرة التصالح والتسامح كمبد رئيسي للخروج من واقعهم المزري :
1- السلب والنهب للأراضي العامة والخاصة ومصادرة البيوت والمرافق العامة والاستيطان الغير مشروع للغزاة في الجنوب .
2- القضاء على كوادر ومؤهلات الدولة الجنوبية بتسريحهم من أعمالهم والاستحواذ على الوظيفة العامة بهدف تأخير الجنوب عن مواكبة العصر .
3- تدمير القيم الوطنية المدنية الجنوبية واستبدالها بالتقاليد الفوضوية والقبلية والمناطقية حيث احتل قرار إلغاء ما يسمى بلجان الدفاع الشعبي في الجنوب صدارة القرارات المتخذة بحق الجنوب في يوم 7/7/1994م .
4- إحياء الثارات والاحتراب بين ابنا القبائل الجنوبية والسعي الدءوب من قبل زعيم دولة الاحتلال نفسه لإحياء الفتن والتذكير باخطا الجنوبيين السابقة بقصد إحيائها على اعتبار إن الفتنة نائمة والجيد من يحييها في نظر الغاب السبئي .
5- نبش المقابر والقتل والاعتقالات وغير ذلك من الممارسات التي أدت بأبناء الجنوب إلى تبني الجنوبيون لمبدأ التصالح والتسامح .
2 – التبني والركود :
إن الواقع وضروف المرحلة الراهنة لا تسمح بوحدة الجنوبيين لتحقيق وبلوغ أهدافهم المنشودة إلا على مبدأ ( قاعدة ) التصالح والتسامح الأمر الذي أدى بالجنوبيين إلى تبني ذلك كفكرة فكان للقاء 13 يناير 2006م في جمعية أبناء ردفان دورا محوريا في إظهارها إلى العلن .
فعلى الرغم من تبني مبدأ التصالح والتسامح من قبل هيئات التصالح والتسامح التي تأسست فيما بعد إلى إن هذا المبدأ دخل مرحلة الركود نتيجة لظهور مكونات أخرى لم تتبنى هذا المبدأ وإنما تم رفعه كشعارا فقط ،الأمر الذي كان يتطلب من جميع مكونات الحراك والنخب السياسية الجنوبية الفاعلة قي الساحة أن تنطلق من حقيقة أن لا نهوض ولا خروج من الواقع الجنوبي المزري إلا بالتزام جميع القوى الجنوبية لحركة التصالح والتسامح كمرجعية وكإطار يضم الجميع تحت سقفه ، وكمنهج في الخطاب والممارسة ولكن للأسف إن الغالبية في الحراك لم تسير في هذا الاتجاه فحسب بل سارت في الاتجاه المعاكس ، فالواجب على كل فريق أو مكون إذا كانت لديه أي أجندة تتعارض مع مبدأ التصالح والتسامح عليه أن يعلم انه يعمل ويساهم على قتل وقبر القضية الجنوبية إلى الأبد سواء علم أم لم يعلم ، وسواء شاء أم لم يشاء فلم يغير من الأمر شيا إلا بتبني مبدأ التصالح والتسامح باعتباره مرجعية لكل ابناء الجنوب .
وعلى ضوء ما تقدم يمكن أن نلخص سبب ركود وتراجع مبدأ التصالح والتسامح بالتالي :
1- لم يتم تشكيل هيئة للتصالح والتسامح مباشرة بعد اجتماع جمعية أبناء ردفان في 13يناير 2006م نظرا للضرورة القصوى التي تتطلبها منا المرحلة ، وإنما أتت متأخرة بعض الشيى وتحديدا بعد انتشار حمى المناصب والظهور على المنصات ، الأمر الذي حال دون تمكينها من أداء دورها على أسس وقواعد تستند إلى الواقع ومتطلبات المرحلة الراهنة .
2- ظهور ونشوء مكونات الحراك وما تبنيانه من خطاب وأطروحات وممارسات في صراعها مع بعضها البعض لا يمت إلى روح مبدأ التصالح والتسامح بصلة وكان ذلك يتجلى بوضوح من تصرفات اغلب القيادات في معالجة الاختلافات والتباينات مع بعضها البعض بالإقصاء والتهميش وعدم قبول الرأي والرأي الأخر وممارسة الالتفاف على البعض داخل المكون نفسه أو مع المكونات الأخرى والعمل ألاستباقي لإصدار البيانات والدعوات لإحياء فعالية ما بقصد احتواء الشارع وكل هذه التصرفات هي في الأساس نابعة من خلفيات صراع الماضي والبعض ترجع إلى ثقافة عدم القبول بالأخر والغرور .
3- اعتماد بعض المكونات على خطاب التخوين والتجريم وتوزيع صكوك الوطنية .
4- كان من المفترض عند نشوء هذه المكونات أن تكون تحت رداء مبدأ التصالح والتسامح بدلا من أن تكون خارجة عنه ونقيض لما يتطلبه هذا المبدأ من شفافية ووضوح ومصداقية وجدية ... الخ.
5- عدم وضوح الرؤية والهدف لدى غالبية المكونات باستثناء المجلس الوطني الذي خرج ببرنامج سياسي واضح الأمر الذي أدى إلي تعدد التعاريف للقضية الجنوبية من قبل قيادات هذه المكونات وتبني خطاب أخر مع الشارع الذي كان السباق وحتى ألان في تحديد أهدافه من القيادات ، الأمر الذي أدى إلى حدوث توجس ماذا بعد الاستقلال ؟ وغيرها .
3- المخارج والحلول المقترحة :
أولا : العمل على إجراء دراسة تفصيلية لواقع المجتمع الجنوبي بكل تكويناته الحزبية والقبلية والمناطقية والشللية وغيرها ومعرفة مدى استعداد وقابلية هذه المكونات للتصالح والتسامح والوئام ومدى جاهزيتها في التخلي عن أجنداتها والانتقال إلى الدولة المدنية المنشودة التي تتسع للجميع وان يعلن هذا الترحيب والقبول علنا للانتقال إلى الخطوة التالية .
ثانيا : العمل على تشكيل هيئة تحضيرية تقوم بمهام متابعة سير الإعداد لعملية التصالح والتسامح .
ثالثا : العمل على إعداد مشروع قانون التصالح والتسامح والوئام الاجتماعي باعتبار أن الوطن للجميع وان أخطاء الماضي يستحيل التغلب عليها بالشعارات والأقوال ، وإنما من خلال معالجة الأخطاء والمسببات معالجة صحيحة ومواجهة الحقيقة ولو كانت مرة ، وعلى الكل الترحيب بنتائج ذلك الإجراء والقبول بقاعدة الربح والخسارة مسبقا .
رابعا : العمل على إنشاء هيئة للتصالح والتسامح والوئام الاجتماعي تكون مستقلة تماما من أي انتماء حزبي أو قبلي أو مناطقي ...الخ لتقوم بواجبها في تنفيذ متطلبات سير عملية التصالح والتسامح والإشراف عليه بالحاضر والمستقبل وتكون بمثابة مرجعية لكل أبناء الجنوب ، أو كهيئة مثل هيئة تشخيص مصلحة النظام في إيران بالمستقبل إذا تطلب الأمر لذلك.
خامسا : التأسيس لمبدأ التصالح والتسامح والوئام الاجتماعي كثقافة تعايش بين أبناء المجتمع الجنوبي .
أخيرا : ندعوا الجميع إلى طرح أرائهم ووجهات نظرهم وإيجاد المخارج الحقيقية لهذه الأزمة كي نتمكن من البدء في السير بالاتجاه الصحيح ، فنحن في سفينة واحدة ولا احد بمقدوره الوصول بمفرده ولا احد بمقدوره النجاة ، فالأعداء يتربصون بنا من كل جانب إذا ما وصلنا إلى شاطئ الأمان ، فلا احد أيضا يستطيع الوصول إلى المزمار ليتغني بانجازاته لان الانجازات هذه المرة ستأتي على بحيرات من الدم ، وجبال من العذاب ، ووديان من النار التي ستحرق بقايا الكل .
نرجو من الله سبحانه وتعالى أن يجنبنا ذلك ويوفقنا إلى ما فيه الخير والصلاح والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
انتهى عبد المجيد علي طالب
0105//2011م
وسوف ننشر نص الورقتين الأخرى في وقت لاحق
منتدى تنمية الوعي الوطني الجنوبي الضالع في أسبوعه السادس ((مفهوم التصالح والتسامح والتضامن الجنوبي))
منتدى تنمية الوعي الوطني الجنوبي/الضالع 5يناير 2011م خاص-منصور زيد
تحت شعار لتنمية الوعي الوطني الجنوبي عقد المنتدى اليوم الأربعاء 5/1/2011م أسبوعه السادس في مدينة الضالع بحضور عدد كثير من قيادات الحركة الشعبية الجنوبية والنشطاء والمثقفين والمفكرين من مختلف المكونات التحررية ومنظمات المجتمع المدني
حيث تم افتتاح المنتدى لهذا الأسبوع من قبل إدارة المنتدى الأستاذ محمد مساعد والأستاذ منصور زيد بكلمة الافتتاح والترحيب بالحضور ومن ثم إدارة الندوة والنقاش .
. وقدمت في ندوة هذا الأسبوع عدد من الأوراق عل النحو التالي:
· الورقة الأولى بعنوان: التصالح والتسامح بين النظرية والتطبيق للأستاذ والكاتب عبدا لمجيد طالب
· الورقة الثانية بعنوان: التصالح والتسامح والتضامن الجنوبي بابعادة الثلاثة للكاتب محمد علي شايف
· الورقة الثالثة بعنوان :الحركة الشعبية السلمية قيمة سياسية واجتماعية وثقافية للكاتب فواد علي ناصر
وقد تم في الندوة قراءة الاواراق عل الحاضرين ومن ثم تم التداخل والحوار حول الأفكار التي تضمنتها الأوراق المقدمة. حيث طرح الحضور ملاحظاتهم والاستفسارات حول بعض النقاط والمفاهيم ومن ثم ائراء هذه الأوراق من قبل الحضور.
بعد ذلك اختتمت الندوة وتم تحديد موضوع وعنوان الندوة القادمة وهي (( ماهي آلية إيصال فكر التصالح والتسامح إلى الرأي العام؟؟)
ولأهمية ماجاء في المداخلات اعلاة ولتعميم الفائدة عل اكبر عدد من أعضاء الحركة الشعبية الجنوبية في كل مناطق الجنوب والمراقبين والمتابعين في الداخل والخارج سننشر نص المداخلات التي قدمت الى الندوة ونتمنى من المتابعين والقراء والمهتمين في نشر هذا الوعي في الداخل والخارج وأيضا إبداء الرأي المسئول والهادف الى تنمية الوعي الوطني الجنوبي نحو تحصين حاضر ومستقبل ثورتنا التحررية ومن منطلق ان مهمة نشر الوعي ومواصلة النضال لايقتصر على فرد أو جماعة معينة بل هو مسئولية كل أبناء الجنوب الأحرار .
نص الورقة الاولى في الندوة : التصالح والتسامح بين النظرية والتطبيق قدمها الأستاذ
عبدالمجيد طالب
بسم الله الرحمن الرحيم
مفهوم التصالح والتسامح :
في نظري هو عبارة عن مجموعة من الإجراءات التصحيحية للأخطاء والممارسات السلبية المرتكبة خلال فترة زمنية محددة من قبل جماعة أو فرد ضد فرد أو جماعة أخرى أو وطن ، وإيجاد الحلول والمعالجات الصحيحة والشافية لها لإرسائها على مداميك أمنة ومتينة كأساس وكثقافة للحاضر والمستقبل ، تكون قادرة على خلق نسيج اجتماعي متوائم ، متفاعل مع واجبات الحاضر ،ومؤهلا لتلبية متطلبات المستقبل ، ومحصنا من استهدافه كشعب أو وطن أو حضارة أو هوية أو دين ، ومترفعا عن السقوط إلى مستوى عبادة الذات الشخصي أو ألمناطقي أو الحزبي الضيق بقصد عدم إلحاق الضرر بالآخرين .
ويأتي مفهوم التصالح والتسامح من وجهة نظر الدين باعتباره من صلب التعاليم الإسلامية الحقة الداعية إلى الإصلاح والصلاح والعفو والمغفرة ... الخ ونستشهد هنا بقول الله سبحانه وتعالى في سورة الحجرات بقوله :
وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ{9}
وفي سورة آل عمران {الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ } 134.
أي أن التصالح والتسامح لا يمكن أن يتحقق لتندمل الجراح بمجرد رفعه شعارا مجخيا ، وإنما سعي ودود وجهد دءوب وعمل متواصل ، يحد من إنكاء جراح الماضي الأليم .
الإجراءات التصحيحية للتصالح والتسامح :
نستطيع القول من أن التصالح والتسامح يمكن أن يتحقق من خلال المرور بالخطوات الاجرائية التالية :
- الاعتراف بالأخطاء والممارسات السلبية المرتكبة .
- العمل على إيجاد الحلول الشافية لها ماديا ومعنويا .
- الندم على ارتكابها والكف حتى عن التفكير من العودة لممارساتها أو عودة رموزها للحد من إعادة الماضي إلى الصدارة مرة أخرى .
- العمل على إرساء قيم التصالح والتسامح كأساس وكثقافة للحاضر والمستقبل.
- الإجراءات الواجب اتخاذها للحد من تكرارها امتثالا لقول الله سبحانه وتعالى :
فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ .
التصالح والتسامح في واقع الحركة الشعبية الجنوبية
1 - الدواعي والأسباب التي أدت إلى تبني مبدأ التصالح والتسامح .
ليس خافيا على احد أن الجنوب منذ اليوم الأول لاستقلاله من الاحتلال البريطاني وأيضا اثنا فترة الكفاح المسلح مرورا بمرحلة ما بعد الاستقلال وحتى يوم 22/ مايو 1990م قد مر بعدة أزمات أدت إلى ارتكاب الكثير من الأخطاء التي خدمت القوى الاستعمارية الطامعة بأرض الجنوب مما سهلت في عملية القضاء على كيان بحجم دولة ، وارض بحجم وطن ، ومستقبل بحجم أمال شعب ، وتراث بحجم حضارة ، كل هذا وللأسف الشديد تم بطريقة ممنهجة تحت مسمى الشرعية والدين ومن قبل الدعاة للعروبة والإسلام الذين سمحوا لأنفسهم ابتلاع الجنوب واعتباره فرع عاد إلى الأصل ، بل واعتبار أهله دخلاء حيث وصلت بهم الوقاحة إلى اعتبارهم هنود وصومال ناهيك عن الفتاوى التكفيرية بحق ابناء الجنوب .
إن النزوع العدواني المنطلق من ثقافة وتعاليم المدرسة السبئية قد حولت الجنوب المحتل في 7/7/1994م إلى غنيمة وفيدا لهم ليس هذا فحسب ،بل وما ارتكبوا من أعمال بحقه بقصد محوه وطمس هويته وحضارته وثقافته يؤكد هذا النزوع ألتدميري بحق الجنوب والذي تمت بطرق ممنهجة ونذكر منها على سبيل المثال الأسباب التالية والتي كانت الاهم في تبني الجنوبيين لفكرة التصالح والتسامح كمبد رئيسي للخروج من واقعهم المزري :
1- السلب والنهب للأراضي العامة والخاصة ومصادرة البيوت والمرافق العامة والاستيطان الغير مشروع للغزاة في الجنوب .
2- القضاء على كوادر ومؤهلات الدولة الجنوبية بتسريحهم من أعمالهم والاستحواذ على الوظيفة العامة بهدف تأخير الجنوب عن مواكبة العصر .
3- تدمير القيم الوطنية المدنية الجنوبية واستبدالها بالتقاليد الفوضوية والقبلية والمناطقية حيث احتل قرار إلغاء ما يسمى بلجان الدفاع الشعبي في الجنوب صدارة القرارات المتخذة بحق الجنوب في يوم 7/7/1994م .
4- إحياء الثارات والاحتراب بين ابنا القبائل الجنوبية والسعي الدءوب من قبل زعيم دولة الاحتلال نفسه لإحياء الفتن والتذكير باخطا الجنوبيين السابقة بقصد إحيائها على اعتبار إن الفتنة نائمة والجيد من يحييها في نظر الغاب السبئي .
5- نبش المقابر والقتل والاعتقالات وغير ذلك من الممارسات التي أدت بأبناء الجنوب إلى تبني الجنوبيون لمبدأ التصالح والتسامح .
2 – التبني والركود :
إن الواقع وضروف المرحلة الراهنة لا تسمح بوحدة الجنوبيين لتحقيق وبلوغ أهدافهم المنشودة إلا على مبدأ ( قاعدة ) التصالح والتسامح الأمر الذي أدى بالجنوبيين إلى تبني ذلك كفكرة فكان للقاء 13 يناير 2006م في جمعية أبناء ردفان دورا محوريا في إظهارها إلى العلن .
فعلى الرغم من تبني مبدأ التصالح والتسامح من قبل هيئات التصالح والتسامح التي تأسست فيما بعد إلى إن هذا المبدأ دخل مرحلة الركود نتيجة لظهور مكونات أخرى لم تتبنى هذا المبدأ وإنما تم رفعه كشعارا فقط ،الأمر الذي كان يتطلب من جميع مكونات الحراك والنخب السياسية الجنوبية الفاعلة قي الساحة أن تنطلق من حقيقة أن لا نهوض ولا خروج من الواقع الجنوبي المزري إلا بالتزام جميع القوى الجنوبية لحركة التصالح والتسامح كمرجعية وكإطار يضم الجميع تحت سقفه ، وكمنهج في الخطاب والممارسة ولكن للأسف إن الغالبية في الحراك لم تسير في هذا الاتجاه فحسب بل سارت في الاتجاه المعاكس ، فالواجب على كل فريق أو مكون إذا كانت لديه أي أجندة تتعارض مع مبدأ التصالح والتسامح عليه أن يعلم انه يعمل ويساهم على قتل وقبر القضية الجنوبية إلى الأبد سواء علم أم لم يعلم ، وسواء شاء أم لم يشاء فلم يغير من الأمر شيا إلا بتبني مبدأ التصالح والتسامح باعتباره مرجعية لكل ابناء الجنوب .
وعلى ضوء ما تقدم يمكن أن نلخص سبب ركود وتراجع مبدأ التصالح والتسامح بالتالي :
1- لم يتم تشكيل هيئة للتصالح والتسامح مباشرة بعد اجتماع جمعية أبناء ردفان في 13يناير 2006م نظرا للضرورة القصوى التي تتطلبها منا المرحلة ، وإنما أتت متأخرة بعض الشيى وتحديدا بعد انتشار حمى المناصب والظهور على المنصات ، الأمر الذي حال دون تمكينها من أداء دورها على أسس وقواعد تستند إلى الواقع ومتطلبات المرحلة الراهنة .
2- ظهور ونشوء مكونات الحراك وما تبنيانه من خطاب وأطروحات وممارسات في صراعها مع بعضها البعض لا يمت إلى روح مبدأ التصالح والتسامح بصلة وكان ذلك يتجلى بوضوح من تصرفات اغلب القيادات في معالجة الاختلافات والتباينات مع بعضها البعض بالإقصاء والتهميش وعدم قبول الرأي والرأي الأخر وممارسة الالتفاف على البعض داخل المكون نفسه أو مع المكونات الأخرى والعمل ألاستباقي لإصدار البيانات والدعوات لإحياء فعالية ما بقصد احتواء الشارع وكل هذه التصرفات هي في الأساس نابعة من خلفيات صراع الماضي والبعض ترجع إلى ثقافة عدم القبول بالأخر والغرور .
3- اعتماد بعض المكونات على خطاب التخوين والتجريم وتوزيع صكوك الوطنية .
4- كان من المفترض عند نشوء هذه المكونات أن تكون تحت رداء مبدأ التصالح والتسامح بدلا من أن تكون خارجة عنه ونقيض لما يتطلبه هذا المبدأ من شفافية ووضوح ومصداقية وجدية ... الخ.
5- عدم وضوح الرؤية والهدف لدى غالبية المكونات باستثناء المجلس الوطني الذي خرج ببرنامج سياسي واضح الأمر الذي أدى إلي تعدد التعاريف للقضية الجنوبية من قبل قيادات هذه المكونات وتبني خطاب أخر مع الشارع الذي كان السباق وحتى ألان في تحديد أهدافه من القيادات ، الأمر الذي أدى إلى حدوث توجس ماذا بعد الاستقلال ؟ وغيرها .
3- المخارج والحلول المقترحة :
أولا : العمل على إجراء دراسة تفصيلية لواقع المجتمع الجنوبي بكل تكويناته الحزبية والقبلية والمناطقية والشللية وغيرها ومعرفة مدى استعداد وقابلية هذه المكونات للتصالح والتسامح والوئام ومدى جاهزيتها في التخلي عن أجنداتها والانتقال إلى الدولة المدنية المنشودة التي تتسع للجميع وان يعلن هذا الترحيب والقبول علنا للانتقال إلى الخطوة التالية .
ثانيا : العمل على تشكيل هيئة تحضيرية تقوم بمهام متابعة سير الإعداد لعملية التصالح والتسامح .
ثالثا : العمل على إعداد مشروع قانون التصالح والتسامح والوئام الاجتماعي باعتبار أن الوطن للجميع وان أخطاء الماضي يستحيل التغلب عليها بالشعارات والأقوال ، وإنما من خلال معالجة الأخطاء والمسببات معالجة صحيحة ومواجهة الحقيقة ولو كانت مرة ، وعلى الكل الترحيب بنتائج ذلك الإجراء والقبول بقاعدة الربح والخسارة مسبقا .
رابعا : العمل على إنشاء هيئة للتصالح والتسامح والوئام الاجتماعي تكون مستقلة تماما من أي انتماء حزبي أو قبلي أو مناطقي ...الخ لتقوم بواجبها في تنفيذ متطلبات سير عملية التصالح والتسامح والإشراف عليه بالحاضر والمستقبل وتكون بمثابة مرجعية لكل أبناء الجنوب ، أو كهيئة مثل هيئة تشخيص مصلحة النظام في إيران بالمستقبل إذا تطلب الأمر لذلك.
خامسا : التأسيس لمبدأ التصالح والتسامح والوئام الاجتماعي كثقافة تعايش بين أبناء المجتمع الجنوبي .
أخيرا : ندعوا الجميع إلى طرح أرائهم ووجهات نظرهم وإيجاد المخارج الحقيقية لهذه الأزمة كي نتمكن من البدء في السير بالاتجاه الصحيح ، فنحن في سفينة واحدة ولا احد بمقدوره الوصول بمفرده ولا احد بمقدوره النجاة ، فالأعداء يتربصون بنا من كل جانب إذا ما وصلنا إلى شاطئ الأمان ، فلا احد أيضا يستطيع الوصول إلى المزمار ليتغني بانجازاته لان الانجازات هذه المرة ستأتي على بحيرات من الدم ، وجبال من العذاب ، ووديان من النار التي ستحرق بقايا الكل .
نرجو من الله سبحانه وتعالى أن يجنبنا ذلك ويوفقنا إلى ما فيه الخير والصلاح والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
انتهى عبد المجيد علي طالب
0105//2011م
وسوف ننشر نص الورقتين الأخرى في وقت لاحق
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق