إجمالي مرات مشاهدة الصفحة
الخميس، 21 أكتوبر 2010
البرنامج السياسي للمجلس الوطني الاعلى لتحرير واستعادة دولة الجنوب
البرنامج السياسي
بسم الله الرحمن الرحيم
البرنامج السياسي للمجلس الوطني الأعلى للنضال السلمي
لتحرير واستعادة دولة الجنوب المستقلة
((وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان، واتقوا الله ان الله شديد العقاب)) صدق الله العظيم
المقدمة
إن المجلس الوطني الأعلى للنضال السلمي لتحرير واستعادة دولة الجنوب المستقلة:
هو القيادة السياسية والشعبية الجنوبية المعبرة عن حق شعب الجنوب الشرعي والعادل في النضال من أجل التحرر من براثن الاحتلال العسكري البدائي ( للجمهورية العربية اليمنية ) لينال استقلاله ويستعيد دولته الوطنية ذات السيادة على كامل ترابها.
وإذا استدعت رحلة كفاح شعبنا على مدى عقد ونيف، و ما ترتب عنه ومن حوله من عوامل ذاتية وموضوعية تسعى إلى حصار المفهوم السياسي لقضيتنا داخل المنطقة الرمادية، أي في حالة سيوله وغموض يحملان أكثر من تعريف وبالتالي، اكثر من خطاب سياسي داخل الحركة الشعبية الجنوبية السلمية .. الخ فإذ استدعى ذلك كضرورة سياسية – تحرير ( القضية الجنوبية ) مما سلف ذكره وغيره، تداعي أبناء الجنوب المؤمنين بالهدف الى التشاور مع كل مكونات الحركة السلمية الجنوبية للإنتقال الى مرحلة الوضوح في نضالنا، فكان " لقاء العسكرية " التاريخي الذي أعلن عن قيام مجلس وطني جنوبي سيضم خمسين مناضلاً من كل محافظة في الجنوب وممثلين عن ابناء الجنوب المهاجرين والنازحين في الخارج، المؤمنين بالهدف المعلن من قبل المجلس الوطني الأعلى في بيان إشهاره الذي كان ثمرة ذلك التشاور.
فإن المجلس الوطني يشكل – كذلك – إطاراً جامعاً لوحدة المناضلين الجنوبيين المقتنعين بهدفه المعلن في كل بياناته وببرنامجه السياسي المرحلي هذا، بمعزل عن انتماءاتهم السياسية والاجتماعية والمهنية – النقابية .. الخ.
منطلقاً من ايمانه بأن وطننا المغتصب امانة في اعناق كل ابنائه في الداخل كانوا او في الشتات، وان الواجب الوطني والديني والأخلاقي يدعوهم أن يسهموا في تحرير وطنهم، كل بما يستطيع ان يقدمه لخدمة هدف الحرية النضالي، متى واينما كان، لتحرير وطنه وانقاذ شعبه من وضعة الفجائعي، تحت نير ما هو اسوأ من الاحتلال، بثقافته الغابوية، ونزوعه التدميري الشامل نحو الجنوب : الأرض والانسان والتاريخ.
إن المجلس الوطني الاعلى، يعي وعياً سياسياً عالياً، المسؤوليات المترتبة على نقلته النضالية النوعية التي حررت القضية من قيود الغموض و مخاطر التردد النخبوي الجنوبي وذرائعيته .. الخ
وفي مقدمة ذلك – لاريب – هي مسؤولية بناء حامل سياسي منظم يرقى الى مصاف الهدف الوطني النبيل الذي اعلنة وتبناه باعتباره التجسيد العملي للإرادة الشعبية الغالبة في الجنوب، التي اوصلتها فاجعتها اللإنسانيه الى اليقين بإستحاله التعايش مع ثقافة سلطة الغزو الوافدة على الجنوب – بالقوة – من خارج العصر بما هي ثقافة تسييد " العقل الهمجي " المبيح للنهب والسلب معيدة الى الذاكرة تاريخ الحروب القديم ، ولا سيما الحروب السبئيه ما قبل الميلاد ، حيث اجلت الممارسات – منذ 7/7/1994م ضد الجنوب الطابع السبئي : الغزو من اجل الغنائم والنزوع العنيف لتدمير المهزومين، وسبي من لم يقتل وتقديم قرابين للآلهة.
لقد حاكت الـ ( ج.ع.ي ) – السلطة بالذات – في غزوتها للجنوب (( مملكة سبأ )) في حروبها التدميرية.
وإذ عبر المجلس عن اراده الشارع الشعبي الجنوبي فإنه لايزعم الوصاية على هذا الشعب المكافح من اجل حريته، بل يربا بنفسه عن هذا المنزلق السياسي اللاعقلاني المدمر، الذي خبره من تاريخ الجنوب السياسي الحديث ولذلك فالمجلس الوطني يدعوا الجماهير الى التمسك الواعي بقناعاتها وخياراتها المعبرة عن ارادتها الحرة، لأنها الارادة الصلبة القادرة على فرض خياراتها الكفاحية التي من اجل انتصارها قدمت وستقدم الغالي والنفيس.
واذ يلتزم مجلسنا خيار الشعب ويجسد ارادته، ينبه الجماهير الى حقيقة ان من لم يجسد ارادتها اليوم ، فلن يحترم ارادة الشعب غداً.
وفي هذا السياق يؤمن مجلسنا بأن ليس ثمة خيار لدي الجماهير في جنوبنا المستباح، يرقى الى مستوى تضحياتها الغالية، سوى هدف الاستقلال واستعادة الدولة. وذلك فمجلسنا يدعوها الى الالتفاف النضالي الواعي حول هذا الهدف الذي سقط من اجله الشهداء الابرار وسالت من اجله الدماء الزكيه على طول وعرض الجنوب.
ويثق المجلس الوطني بأن شعب الجنوب لن ينساق مرة اخرى وراء الاوهام السياسية القاتلة، التي سبق وان قادته الى مصير القربان الجماعي لآلهة التاريخ المؤسطر والايدلوجيا الزائفة وله في حديث رسول الاسلام ( صلى الله عليه وسلم ) القائل " ان المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين " خير هادٍ في رسم آفاق مستقبله.
وسيناضل المجلس يداً بيد مع كل قوى الجنوب السياسية والمدنية والشعبية المؤمنة بحق شعب الجنوب في الحرية والاستقلال وسيعمل بإخلاص وتفاني على تيسير كل السبل لوحدة الاداة النضالية في اطار كفاحي واحد لحماية وتصليب فانتصار الهدف المشترك.
فمجلسنا لا يرى سبباً يحول دون وحدة القوى الجنوبية ذات الهدف السياسي الواحد.
وفي سياق آخر سوف يعمل مجلسنا بكل مكوناته مع الآخرين ممن يتبنون خيارات أخرى، يرون بأنها قادرة على اخراج شعبنا من جحيم فاجعته الانسانيه غير المسبوقة في كل تاريخه.
وسيعمل في هذا الاتجاه منطلقاً من :
1- التزام مبدأ التعدد والتنوع، واحترام الرأي المخالف، والقبول بالآخر كشريك في الوطن في راهنه الكفاحي وفي المستقبل مؤمناً بأن التعدد والتنوع سنة الله في خلقه، وعامل حماية للمجتمعات من الاستبداد والطغيان، وعامل ثراء في المجتمعات غير المتعسفة لمبدأ التنوع في اطار الوحدة.
2- تجسيد قناعاتة المبدئية الرافضة للإستبداد بكل اشكاله من خلال اسهامه العملي على نشر وترسيخ ثقافة التعدد داخله ومن خلال رسم خط علاقاته باصحاب الرؤى المختلفة، الملتزمة قاعدة الاعتراف المتبادل بحق التعدد والاختلاف في الرأي. ويعتبر هذه المرحلة النضالية ضرورية لتعلم فن ادارة الاختلاف والتنوع على صعيد الذات ومع الآخر الوطني او الخارجي. ايماناً من مجلسنا بأن ما سنبذره في مرحلة نضالنا التحرري سيحصده شعبنا مستقبلاً.
3- التنسيق او بناء تحالفات على قاعدة القواسم المشتركة وهي كثيرة بل جوهرية داخل كل مكونات قوى النضال الجنوبية في سبيل خلاص شعبنا من الاحتلال واهدافه المعروفة. وسيعمل على تطوير وتوسيع نقاط الالتقاء طالما اسهم الآخر في تعزيز الشراكة الكفاحية واسهمنا معاً في بناء عوامل الثقة لخدمة قضيتنا وانتصاراً لإرادة شعبنا الحرة.
وإذ يمثل المجلس الوطني الجنوبي اطاراً لوحدة مناضلين مخلصين لهدفهم الكفاحي الواضح، فأنه يؤكد بأن ابواب المجلس مفتوحة لكل المناضلين الجنوبيين ممن اكتملت لديهم القناعة بصواب رؤية مجلسنا السياسية وخطه السياسي الكفاحي.
وسيعمل المجلس بكل تكويناتة على حشد الرأي الشعبي حول هدف الاستقلال واستعادة دولة الجنوب، معتمداً وسيلة الاقناع عبر الحوار ونشاطاته السياسية والاعلاميه والتضامنية والعمل على اعاده بنينة الوعي التاريخي .. الخ.
وسيلتزم المجلس الوطني بمبدأ العمل على الحيلولة دون أي عمل واعي او بدون وعي، يسهم في اعادة انتاج الماضي وصراعاته السياسية العنيفة.. وسيسعى الى تجسير الصلات الايجابية مع وبين كل قوى الجنوب الحية، ملتزما إرادة شعب الجنوب الواعية في طي صفحة الماضي الأليم، والاستفادة من دروسة وعبره والالتزام بقيم التصالح والتسامح والتضامن الجنوبي – الجنوبي، هذا الفعل السياسي والانساني الخلاق المجسد لثقافة جنوبية حضارية متميزة والذي شكل الجسر المادي والمعنوي الذي توحدت عليه ارادة شعب وانتفضت هويته دفاعاً عن وجودها من نزوع الطمس والتدمير العنيف في ثقافة غزاة (7/7).
ان المجلس الوطني جاء كحاجة سياسية موضوعية اقتضت ميلاده من رحم الاضطراب الرؤيوي وسط الحركة الشعبية النضالية الجنوبية العفوية، ذلك الارتباك الذي طفح في تراجع الخطاب السياسي وتعدد مضامينه ليضع الاراده الشعبية الجنوبية امام اختبار عملي لتحديد هدفها وطريق خلاصها الواضح والالتفاف حوله وهو الهدف الذي عبرت عنه في شعاراتها وزواملها وسط الرصاص الحي والغاز السام " برع برع يا استعمار " او ان تظل رهينة مربع الغموض والهلامية الشبيهة بحركة هندول ساعة جدارية سقطت عقاربها. لكن مجلسنا يثق بأن الجماهير التي انتفضت لتواجه الموت بصدور عارية، تعي ما تريد، وانها تسترخص الموت من اجل هدف عظيم : هدف الدفاع عن الوجود من المحو، هدف الحرية والاستقلال.
الباب الأول :
الفصل الأول
القضية الوطنية الجنوبية
ان القضية الوطنية الجنوبية هي قضية حق طبيعي ومكتسب أي قضية شعب وارض وتاريخ سياسي وتراث كفاحي وثقافي - هوية – ( دولة تاريخية ) اخضعت بالغدر والعدوان لإستعمار بدائي هو أسوأ من الاحتلال.
وهي قضية حق سياسي وقانوني وجيو/ثقافي وتاريخي، لا تسقط بالتقادم، بما هي قضية موضوعية الوجود تختزن شروط وعوامل قوتها من شرعيتها وعدالتها بمواجهه القوة، هذه التي اثبتت التجربة التاريخية الانسانية عجزها عن ان تخلق الحق، بمقابل قدرة الحق على خلق اسباب القوة – حسب روسو – وهذه الحقيقة اثبتتها التجربة المعاشة اليوم بمقاومة شعب الجنوب ورفضه للهيمنة العسكرية للجمهورية العربية اليمنية، منذ بدء الاجتياح وما بعد الاحتلال، ليخرج منذ عامين بقضه وقضيضه يناضل سلمياً لإستعادة عزته وكرامته رافضاً للإحتلال ومطالباً بالاستقلال واستعادة دولته المستباحة من قبل نافذي وأمراء حرب سلطة الاحتلال.
وإذا كانت القضية الوطنية الجنوبية، قد بدأت كما يرى المجلس الوطني، مع إعلان قيام ( الجمهورية اليمنية ) في 22/5/1990م عن اندماج ( ج.ي.د.ش ) مع ( ج.ع.ي ) تلك الوحدة التي حملت اسباب فشلها بداخلها بسبب الاندماج الذي لم يراعي ابسط شروط الوحدة بين الشعوب لتأمين مصالح الطرفين مصالحها مما شجع سلطة صنعاء على اعتبار الوحدة مجرد عودة الفرع إلى الأصل معتبراً الـ(ج.ع.ي) اصل و الـ(ج.ي.د.ش) فرع وهو امر متعارض مع مبدأ الوحدة السياسية بين الكيانات السياسية. وعلى هذا كانت مؤشرات القضية الجنوبية واضحة من خلال محاولة هيمنة سلطة صنعاء على السلطة بالتنصل عن اتفاقيات دولة الوحدة المعلنة محولاً ظهره لكل الاتفاقيات الوحدوية. وقد كان اعتكاف البيض الأول بعد اشهر من إعلان الوحدة احتجاجاً على ممارسات نظام صنعاء أول مؤشر عن موت إعلان الوحدة. ومحاولة لإعادة الحياة لها. دون جدوى ولم يعود إلى صنعاء الا على اثر أزمة حرب إحتلال العراق للكويت في 2 أغسطس 1990م. وقد استمرت أزمة الوحدة بين الشعبين بصورة متزايدة مما أعاق دمج مؤسسات الدولتين العسكرية والمدنية بل ظلت كل دولة محتفظة بمؤسساتها. وفتح الباب امام الفوضى من قبل سلطة صنعاء لمفاقمة الفوضى الأمنية فشجع على الاختطافات والأغتيالات والحروب القبلية ثم انتقل الى استهداف القيادات الجنوبية بالأغتيال فقتل منهم أكثر من 150 شخص حتى تمكن من إضعاف القيادة الجنوبية ووضعها في موقف العاجز عن دفع الخطر عن ذاتها ناهيكك عن القيام بمسؤوليتها مما سهل عليه إعلان الحرب الشاملة ضد الجنوب من ميدان السبعين في 27 إبريل 1994م رافضاً كل القرارات والمناشدات الدولية لوقف الحرب وفي مقدمتها قراري مجلس الأمن 921 و931. وكذا دعوة مجلس التعاون الخليجي ومواصلاً الحرب حتى أتم إحتلال أراضي دولة الجنوب في 7/7/1994م وتم إعتبار هذا اليوم يوماً مقدساً، لتصبح حربهم مقدسة وممارستهم للسلب والنهب والقتل والسفك في الجنوب أداء لشعائر مقدسة، واعتراض الجنوبيين لها يمثل في انجيلهم – كفر بمقدس ولكي تصبح الجرائم، المرتكبة بحق الجنوب : الارض والانسان والتاريخ – وبالقوة – ضرب من اداء الواجب الديني، اسندت المقدسات بوعيد الموت وخطوط الدم والعيون الحمر وو.. وما شاكل.
وتهمة " الردة " جاهزة اذا ما رفع الجنوبيون انينهم او طلبوا حقهم فالحكم عليهم بحد الردة وفق تعاليم آلهة ( الوحدة - الغنيمة ) و ( الغنيمة - الوحدة ).
ومن التكريس العصابي للمقدسات الزائفة لتقرير مصير الشعب الجنوبي في دور القربان الجماعي لآلهة الغنيمة السبئية المعاصرة، الى فرص ثنائيات الإلغاء من قبيل : الأصل / الفرع، هذا المفهوم المصطنع يجلي بقوة ثقافة تنزع – بالفعل – الى التدمير الشامل للآخر ( الجنوب ) + الأغلبية/ الأقلية + دار ايمان/ دار كفر. ..الخ
فضلاً عن ممارسة التمميز العنصري الصريح ضد شعب الجنوب، الذي منح مكانة (الفرع ) في الشجرة الأم (الأصل) وهو ما يعني ان الارض تخص الاصل دون الفرع. وهو ما يجري العمل به لتحويل شعب الجنوب الى شعب بلا ارض، ولا هوية له ولا وجود، هكذا تجلت الاهداف المبيتة لدى ( ج.ع.ي ) من وراء قبول اعلان (الوحدة) وتكشفت اكثر في اهداف حرب احتلال الجنوب.المسنودة بفتوى دينية – صكت من دير المطامع السياسية لقوى الحرب القبلية – الاسلامويه – أباحت الارض والعرض والدم.
فجرى تقاسم اراضي الجنوب الخاصة والعامة كإقطاعيات بين امراء الحرب ونافذي الاحتلال بملايين الامتار وثم تحاصص حقول النفط الجنوبية، حتى البحر لم يسلم من المحاصصة فنهبوا الارض بالكيلومترات من املاك الدولة وأراضي المواطنين وأراضي الجمعيات الزراعية، لا فرق، فالجنوب كله – عندهم – فيد حرب وغنيمة نصر مباحة للفاتحين.
كما نهبوا كل مصانع ومؤسسات الدولة، ومزارع الدولة والتعاونيات بأصولها الثابتة والمنقولة وألقوا – بأصحاب الحق – العمال الجنوبيين الى ارصفه الجوع والمهانة فسلبوا مصادر عيشهم وحرموا من ثروات وأراضي بلادهم، التي يتملكها الفاتحون الوافدون من خارجها.
زد الى تصفية الجنوبيين من كل اجهزة الدولة العسكرية والأمنية والمدنية والنزوح القسري للآلاف من كوادر وأبناء الجنوب، ليصبح شعب الجنوب بكاملة يعيش حالة اغتراب، معطل القدرات مصادر الحقوق، مستلب الارادة، منتهك الكرامة، محظور على ابنائه الحلم والطموح الانسانيين.
شعب محروم من ارضه وثرواتها، مفروض عليه ان يعيش في في سجن الهزيمة العسكرية، مقطوع الصلة بماضيه، منفي – قسراً – من حاضرة. ومعلوم بأن شعباً بلا ماضي لا حاضر ولا مستقبل له.
وليتم ذلك للإحتلال تمت عملية سياسية ممنهجه لتدمير القيم الوطنية والمدنية الجنوبية، وزرع ثقافة القبيلة، التي تمثل محور الفكر السياسي لسلطة الجمهورية العربية اليمنية، فقام بإعادة انتاج العلاقات القبلية، بديلاً للعلاقات المدنية وثقافة القانون السائدتين في الجنوب، من خلال فرض المشائخ والعقال في الريف و المدينة – حتى مدينة " عدن " ذات الثقافة المدنية ( لكوزموبوليتانية ) في تسامحها وتعايش كل الاجناس والاديان فيها، جرت اريفتها ابتداء من تعيين مشائخ وعقال حارات فيها، وهو مالم تعرفه عدن طوال تاريخها ولتتم بدونتها صيروها قرية كبيرة، لن تجد فيها مكتبة لبيع الكتب ولا مسرحاً ولا داراً للنشر .. الخ.
وقد منح للمشائخ والعقال مكانة رسمية معترف بها في المعاملات ذات الطابع الرسمي، ليضطر المواطنون العودة اليهم مرغمين.
كما قامت سلطات الاحتلال بإحياء وتشجيع الاحتراب والثأر القبليين، فنجحت في محافظة شبوة، وفي الصبيحة والحد - يافع ومناطق أخرى.. كممارسة لسياسة " فرق تسد "
الاستعمارية بأسوأ صورها وبأخبث المقاصد وارذلها وليس ببعيد على شعبنا، والعالم من حولنا، قيام سلطات الاحتلال بالعدوان على حرمة موتانا، فنبشت المقابر، لإثارة الفتنة بين ابناء الجنوب، ثم قيام رئيس الـ( ج.ع.ي ) ذاته الى التحريض في م/ أبين – على الثأر من خصوم الماضي السياسيين فاين علماء الدين من قوله تعالى: " والفتنة اشر من القتل " صدق الله العظيم.
وبالتزامن مع تدمير قيم المدنية في الجنوب، بفرض قيم الماضي المعادية لقيم عصرنا الراهن ومثله العلمية والعقلانية، قام الاحتلال بتدمير المعالم التاريخية والرموز والآثار الثقافية الجنوبية القديمة والحديثة كعملية سياسية منظمة تستهدف طمس هوية الجنوب ومحو وجوده، كشعب، من خريطة الحاضر، ولأن ذلك غير ممكن كان لابد من شطبه من ذاكرة التاريخ بما هي (الذاكرة) معالم ورموز وآثار ومآثر وانجازات حضارية مادية وثقافية ومعنوية.
ولم يقف نزوع التدمير عند هذا الحد، بل يعمل حيثياً على تزوير التاريخ تحت شعار سياسي مغتصب وزائف عن (واحدية التاريخ) و (واحدية الثورة اليمنية) ولم تسلم ايضاً متاحف الجنوب وثورته وشهدائه حمى التدمير، فأشهر واقدم مسجد في مدينة "عدن" ( مسجد أبان ) تم هدمة واعادة بنائه بطريقة تقضي على وجوده التاريخي... نصب الجندي المجهول كرمز لثورة أكتوبر استقلال الجنوب نهبوه، متحف الثورة في ردفان حولوه الى مخبز عسكري وو... من الجرائم ضد انسانية التي ارتكبها المحتل الوافد من كهوف التاريخ على صهوة ثقافة الغزو والغنيمة السبئية المضمون.
ان شعباً من شعوب العالم لم يتعرض لجريمة تدمير رموزه ومعالمه وتزوير تاريخه، كما تعرض له شعبنا منذ اخضع لما هو أسوأ من الاحتلال في (7/7/1994م) الاسود.
وفي الجانب الاقتصادي، استولى المحتلون على كل شئ : مصانع ومؤسسات ومزارع الدولة ، وتحاصصوا الارض وحقول النفط.. اجمالاً وتملكوا البر والبحر، فارضين – بالعنف – ميزان ظلم لا مثيل له في التاريخ ينص على أن ارضهم لهم وارض الجنوب وثرواتها لهم!؟
ولأن شعب الجنوب كان يخضع لنظام سياسي ركز الملكية بيد الدولة، ولم يسمح بنمو الرأسمالية.
في القطاع الخاص، فقد تم احتلال الجنوب وليس فيه رؤوس اموال، لا تجارية ولا صناعية ... الخ.
وفوق ذلك لم يسمح للرأسمال الجنوبي المهاجر بالاستثمار والمنافسة، بل ونال النهب وكلاء الشركات الاجنبيه الجنوبيين بإرغامهم علي التخلي عن وكالاتهم، ومحاربه أي نشاط اقتصادي جنوبي سابق او لاحق.
فاستأثر الاحتلال بالسلطة والثروة ليفرض اقتصاداً استعمارياً على الجنوب تبدأ دورته في صنعاء وتعود ارباحه وفوائده اليها.
لتكتمل اركان المحو للجنوب – الغنيمة، بحرمان شعب الجنوب الشامل من السلطة والثروة والمكانة والدور والفرصة.
أي ارغام ارادتة على التسليم بإرادة الاحتلال، طالما سلب كل اسباب القوة المادية والمعنوية التي تكبل توقه الى استعاده عزته وكرامته المسلوبتين – كما قدر عقل القوة المهيمن على ثقافة الاحتلال – وهو تقدير انطلق من واقع الجمهورية العربية اليمنية وتاريخ الاخضاع المهيمن اللذين فرضهما الأئمة والقبائل الزيدية على المناطق الشافعية (تعز و إب و تهامة) ولم يأخذ في الاعتبار ان شعب الجنوب، يمتلك ثقافة اخرى فوق ان قضيته لها وجود موضوعي، كدولة تحت الاحتلال، لن يتنازل عن حقه الطبيعي المكتسب وهو ما حدث وسيواصل كفاحه، مبدعاً عوامل وأسباباً أخرى بديله لقوة المال، والسلاح والسلطة، حتى تنتصر ارادتة ويستعيد حقه الشرعي غير النقوص والحرية والسيادة على ارضه، مستنداً الى الاسباب والحقائق الواردة في الفقرة التالية.
حق شعب الجنوب في التخلص من الاحتلال
ان شعب الجنوب يعيش اقسى وأسوأ حقبة زمنية في تاريخه نتيجه تعرضه لأسوأ احتلال عسكري من قبل الجمهورية العربية اليمنية، هذه التي توجت فشل مشروع الوحدة الكارثي بينها و (ج.ع.د.ش) يغزو دولة الشريك الجنوبي.
فخسر شعب الجنوب الدولة والاستقلال ليخضع لإحتلال بدائي همجي غادر.
ومما لاشك فيه بأن قيادة دولة الجنوب ذهبت الى الوحدة مع سلطة صنعاء، مجسدة الطموح السياسي العربي في انجاز وحدة عربية تخرج امتنا من حالة التمزق والضعف والانحطاط الحضاري الى فضاء تاريخي جديد يبني مداميك القوة لاستعادة العزة والكرامة القومية المهدورتين.
و اذ قبل شعب الجنوب (الوحدة) عام 1990م مع (ح.ع.ي) التي يزيد سكانها عليه بثمانية – عشرة اضعاف وتنقص مساحة اراضيها على مساحة الجنوب ثلاث مرات وبالثروات عشرات المرات تقريباً، فإنما قبل التضحية بكل هذه المميزات التي تخصه وقبلها تنازل عما هو أهم أي القبول بتغيير هويته من "الجنوب العربي" إلى الـ(ج.ي.ج.ش) عشية الاستقلال ثم إلى الـ(ج.ي.د.ش) يعد 22/6/1969م، من اجل خدمة المصلحة القومية العربية، مؤملاً ان تكون تلك الوحدة فاتحة أمل، تقدم نموذجاً يجسد – في الواقع – افضليات الوحدة في خدمة الأمة.
وما كان شعبنا يتصور ان يتحول من صاحب فضل الى ضحية حلمه القومي، حين تعرض لعدوان عسكري غادر بشع من قبل الاشقاء في الـ (ج.ع.ي) الذين قبل ان يقيم نموذجاً للوحدة معهم لغاية اشمل واسمى هي خدمة امتنا العربية.
بيد ان الفشل الكارثي لمشروع وحدة 1990م على شعبنا الذي غدر به من قبل سلطة صنعاء قد أجلى بقوة استحالة الوحدة العربية في ظل انظمة عربية لم تؤهل مجتمعات عربية موحدة في كل دولة على حدة، ولم تبن دول المواطنة بدلاً عن دولة (الرعية).
وان وحدة ناجحة تفترض بالضرورة مراعاة الهويات القطرية التي تكونت في كل دولة منذ قرون، فضلاً عن احترام خصوصيات كل مجتمع.. الخ.
كما ان ذلك الفشل الذي تحول الى احتلال عسكري لدولة الجنوب من قبل دولة الشمال، قد اسقط ليس احلام شعبنا في الوحدة العربية وحسب بل ولدى الشعوب العربية الاخرى – دون شك - .
فلقد تحول شعب الجنوب في الوحدة الى كابوس رهيب، عندما وجد نفسه يخضع لاحتلال عسكري اجتثائي استيطاني باسم وحدة ولدت ميتة، وليس منها سوى خرقة بثلاثة الوان يحتمي بها المحتلون للجنوب في سابقة استعمارية لم يشهد لها التاريخ الحديث والمعاصر مثيلاً.
ولذلك فقد انطلق شعبنا في الجنوب متمسكاً بحقة الطبيعي والمكتسب وحقه الشرعي في النضال للتخلص من الاحتلال واستعادة دولته المستقلة، المغدور بها، من الحقائق السالفة الذكر ومن الحقائق الآتي ذكرها:
1- ان الوحدة السياسية بين الدول والشعوب، عملية خاضعة لظروفها ولقدرتها على تأمين مصالح أطرافها، ولذلك فهي قابلة للنجاح بقدر ماهي قابلة للفشل ولنأخذ مثلاً: الوحدة التشيكوسلوفاكية التي دامت اكثر من (70 سنة) فعاد كل طرف الى وضعة السياسي المستقل بطريقة سلمية .. ثم الاتحاد اليوغسلافي الذي شهد تفككاً هو الاعنف في عصرنا، والذي شهد آخر استقلالات مكوناته في استقلال (كوسوفو). وفشل الوحدة المصرية السورية، ولم تلجأ القاهرة الى القوة لفرض الوحدة على دمشق كما فعلت صنعاء مع عدن. ولذلك فإن مشروع الوحدة السياسية بين دولة (ج.ي.د.ش) و الـ(ج.ع.ي) التي فشلت قبل ان تبدأ، ثم توج فشلها الذريع يشن الحرب العدوانية الغادرة من قبل الـ(ج.ع.ي) على دولة الجنوب واحتلال اراضيها عسكرياً، وما تلت ذلك العدوان من ممارسات استباحيه للارض والعرض – كما سلفت الاشارة – كل ذلك لا يقرر الفشل الكارثي لمشروع الوحدة المعلن في 22/5/1990م وحسب، بل وتحول هذا الفشل الى جريمة ضد انسانيه بحق شعب ودولة الجنوب.
2- إن اعلان (الوحدة) السياسية بين دولتينا على عقد سياسي (اتفاقيات) دولية بين طرفيها وطالما نكث طرف بالعقد المتفق عليه، فقد سقط ما ترتب على ذلك العقد شرعاً وقانونا ً بل وعرفاً وانسانياً منذ انتقل الانسان من عصور الهمجية البربرية الى بناء مجتمعات تقوم علاقاتها السياسية والاقتصادية .. الخ على المواثيق والعقود والقوانين التي تنظم هذه العلاقات وتحفظ لكل الاطراف حقوقها ومصالحها. أي سقوط (الجمهورية اليمنية) باعتبارها دولة تعاهدية، قامت على معاهدات (اتفاقيات دولية) بين دولتين فكان بقائها مرهون بالتزام اتفاقياتها من قبل طرفيها، أي بنجاح عقدها السياسي، وفشل هذا العقد، لعدم التزام سلطة صنعاء به، يعني فشل الدولة المعلنة بعقد، ويحق لطرفيها العودة الى ما قبل اعلانها وهو حق شرعي وقانوني لم ولن تلغيه القوة واطماع المحو والتدمير.
3- ان أجلى صور فشل مشروع وحدة مايو 1990م تقرر في نتائج انتخابات 1993م حيث صوت شعب الجنوب بنسبة 100% لممثلة السياسي الحزب الاشتراكي بينما صوت شعب الشمال لممثليه السياسيين (حزب المؤتمر والاصلاح). وهنا تجسد الفشل على صعيد الشعبين، كاستفتاء على فشل الوحدة واستحالة الاندماج.. وبالتالي فإن مجلس النواب ضم شرعيتين سياسيتين لارادتين شعبيتين مختلفتين واحدة للجنوب والأخرى للشمال، وهذه الحقيقة تكشف زيغ وزيف الشرعية المزعومة لنواب يعبرون عن ارادة شعبية جهويه (الشمال) ضد ارادة شعب الجنوب والذي حارب (70 يوماً) للدفاع عن دولته اما جيوش الـ(ج.ع.ي) الغازية. أي انها حرب بين دولتين: دوله الـ(ج.ع.ي) المعتدية و (ج.ي.د) المدافعة عن سيادتها، لتخضع لاحتلال الأولى.
4- ان سلطة صنعاء لم تكتف بتعطيل اتفاقيات الوحدة وحسب، بل مارست الارهاب ضد الشريك وحضرت للحرب ضد الجنوب، وباجتياحها العسكري له، واحتلاله قامت بإلغاء اتفاقيات الوحدة و أجهزت على دستورها المستفتى عليه عام 1991م وادانت وثيقة العهد والاتفاق. وو ...الخ. وهو امر جلي عن ان (صنعاء) استهدفت ضرب مشروع دوله الوحدة، وتدمير دولة الجنوب التاريخية وبسط الهيمنة والنفوذ عليها، فتحويلها الى فيد حرب وغنيمة ونصر للفاتحين كما اثبتت التجربة المرة التي يتجرعها شعب الحنوب على مدى عقد ونيف من القهر والاذلال والحرمان، في ظل نهج الحرب المستمرة ضده.
5- ان (صنعاء) بمقاومتها العنيفة للدوله تواصل تاريخها السياسي المعادي لدولة النظام والقانون، وتعتبر حربها ضد الدولة العصرية معركة وجود. ان هذا العداء، يمثل ثقافة شعب لا يستطيع العيش في ظل دولة مؤسسية، وهي ثقافة تصطدم بثقافة شعب الجنوب الذي فرضته اللادولة احتلالها عليه، فغدا خاسراً دولته واستقلاله ومستهدفا في طمس ثقافته (هويته) ليبلغ اليقين عن ضرورة الخلاص من الجحيم الذي جناه عليه حلمه القومي المتمثل:
أ- جحيم الاحتلال البدائي الهمجي الثقافة والسلوك الذي وضعه تحت رحمة سيوف الاستحالات اللامعقوله في عصرنا:
1- استحالة العيش خارج الدولة المدنية العصرية، التي جاء الاحتلال لتدميرها.
2- بلوغ اليقين الجماعي الدامي عن استحالة التعايش مع سلطة احتلال لا ينتمي الى ثقافتها الماضوية المستندة الى القوة كمحور لكل القيم، والمتشبعة بنزوع التدمير الشامل للآخر.
3- استحالة كفالة ادنى حقوق شعب الجنوب في ظل سلطة تستخدم كل مقومات الدولة للحيلولة دون بناء دولة عصرية. وسلطة كهذه، لا هم لها غير الاستئثار بالسلطة والثروة واباحة فوضى الانساق والنهب والسلب والعدوان يستحيل ان تعترف بحق شعب الجنوب الطبيعي والمكتسب، وحقه الشرعي في الحرية والاستقلال، ويستحيل ضمان حل عادل يرضي شعبنا ويعيد له عزته وكرامته في ظل الاحتلال العسكري، وسلطة تكرس الفوضى وتؤبد اشكال الحكم القبلية، ما قبل مرحلة الدولة.
ب- التحرر الكفاحي الواعي من كل المسلمات والاساطير التي اوصلتها الى هذا المصير المهين بعد ان بلغ شعب الجنوب اليقين وسط فاجعته، بتصادم ثقافته وموروثة الحضاري مع اشقائة في الـ(ج.ع.ي)، والذين حاكموا (قلدوا) في احتلالهم لدوله الجنوب حروب وغزوات (مملكة سبأ)، ليحظى علي عبدالله صالح في اللا شعور السياسي للقبيلة بدور المكمل لدور "سبأ" بعد (3 آلاف سنة).
6- ان استمرار ارتكاب الجرائم والمذابح ضد الانسانية بحق شعبنا ومواصلة نهب وسلب وتملك اراضية وثرواته، وتدمير مكتسبات دولته يعطي له كامل الحق في النضال للتحرر من الاحتلال واستعادة دولته المستقلة على كامل ترابها، والحصول على التعويضات الكاملة عن الثروات والممتلكات المنهوبة، الخاصة والعامة، والتعويض العادل عن معاناة شعبنا الجماعية التي بلغت حد الفاجعة، من قبل الاحتلال، فضلاً عن ملاحقة مرتكبي الجرائم ضد الانسانية بحق شعبنا حتى يقدموا للمحاكمة في المحاكم الدولية، كغيرهم من مجرمي الحروب في العالم، وسالبي ثروات ومغتصبي الحقوق بالقوة ضداً لأصحاب الحق الشرعي.
7- ان حق شعبنا في الاستقلال في استعاده دولته، لا كحق انساني تكفله الشرائع السماء وشرائع الارض وحسب، بل ووفقاً لقرار فك الارتباط واستعادة دولة (ج.ي.د) الصادر عن قيادة دولة الجنوب في 21/5/1994م وهي القيادة ذاتها التي قبلت الدخول في الوحدة الفاشلة مع صنعاء في 22/5/1990م. حيث تعتبر شرعية هذا القرار مرتبط جوهرياً بشرعية قرار اعلان الوحدة، من حيث الشرعية السياسية والقانونية [ فإذا كان قرار قيادة دولة الجنوب في 22مايو1990م قراراً شرعياً، فإن القرار الثاني الصادر في 21مايو1994م له الشرعية ذاتها، والعكس بالعكس صحيح ] ومعلوم بأن سلطة صنعاء هي المسؤولة عن مسؤولية مباشرة عن فشل الوحدة، وشن الحرب على الجنوب (وعن اعلان فك الارتباط الشرعي) واستعادة الشخصية الدولية لدولة الجنوب (ج.ي.د).
8- كما يستند شعب الجنوب لنيل حقه في الحرية و الاستقلال الى ميثاق الامم المتحدة الذي لا يقر بأي شرعية سياسية لنتائج اللقوة (الحروب) على الغير. وعلى المواثيق والعهود الدولية التي شرعت لنصرة حقوق وحريات الافراد والجماعات والشعوب على السواء. وكذلك على المام المجتمع الدولي بجريمة الحرب العدوانية ضد شعبنا التي اتخذ مجلس الامن الدولي بشأنها القرارين 924-931 لعام 1994م ولا زالت القضية منظورة أمام مجلس الأمن الدولي.
9- يؤمن مجلسنا الوطني الجنوبي الأعلى بأن خلاص شعبنا من وضع العبودية المادي والمعنوي التي فرضها عليهم الاحتلال الهمجي من خلال الاستيلاء على ارضه وثرواته وحرمانه منها وممارسة الافقار والاذلال والقمع ضده، وحرمانه من العمل لتعطيل قدراته وتخريب فاعليته.. الخ..الخ. من اجراءات التمييز العنصري الصريحة التي أخضع لها، هو حق شرعي عادل وليس جريمة. الجريمة هي ان يرغم شعب بكاملة على طمس هويته ومحو وجوده فيخضع للاسترقاق المادي والمعنوي من قبل احتلال بربري حول الحلم العربي في الوحدة الى رعب قاتل. فهل يقبل اشقائنا العرب والعالم من حولنا بأن يستعبد شعبنا في عصر انتصار حقوق الانسان وحرياته وسيادة حق الشعوب في تقرير مصيرها بنفسها؟؟
تلك هي القضية الوطنية الجنوبية، وبوجودها الموضوعي، غير القابل للتقادم.
وسيناضل مجلسنا الوطني بكل تكويناته، وسيضحي مناضلوه بالغالي والنفيس حتى تنتصر ارادة شعبنا الحرة بإستعادة الدولة الوطنية الجنوبية وسيادتها على ارضها التي بها ومن خلالها يستعيد عزته وكرامته ومكانته بين شعوب العالم.
ولن يتنازل عن حقه مهما كانت التضحيات، في التخلص من عقد الاسترقاق الظالم الذي يفرضه عليه الاحتلال بديلاً لعقد الوحدة السياسية الفاشل المطبق منذ عام الاحتلال بقوة السلاح الذي ينص على أن :
" كل شئ لصالح المنتصرالـ(ج.ي.ع). وكل شئ على حساب المهزوم (ج.ي.د) " ، ان هذا اللامعقول اقسى من وصف (روسو) لعقد كهذا بالبلاهة حينما قال ان من البلاهة ان اقول " أعقد معك اتفاقاً كله لصالحي وكله على حسابك ، وستنفذه طالما يروق لي، وسأنفذه طالما يروق لي " طالما أن متحرر بقوة إكراهك على قبوله.
أن هذا اللامعقول في نظر صاحبه (العقد الاجتماعي) هو ما يطبق على شعب الجنوب منذ (7/7/1994م). بديلا اكراهياً لعقد الشراكة والتكافؤ بين ارادتي ومصلحة شعبي الدولتين الذي نكثت به سلطة الـ( ج.ع.ي) ليسقط ما ترتب عنه شرعاً وقانوناً (الوحدة السياسية بين الدولتين).
ان هذه الفاجعة الانسانية التي يناضل شعبنا سلمياً اليوم، للخلاص منها هي قضيته الوطنية الجنوبية، مناشداً المجتمع الدولي الى النهوض بمسؤولياته نحو حق شعبنا في الحرية والخلاص من استعمار متخلف وافد من خارج قيم عصر البشرية الراهن.
الفصل الثاني
مرحلة النضال السلمي لتحرير واستعادة الدولة
1- ارهاصات الحركة الشعبية الجنوبية
ان أي مشروع سياسي أو فكري، له صله بحياة الشعوب ومصالحها، يولد ميتاً، يعني – بالضرورة – انه لم يأت نتيجة تشكل موضوعي نضج في أحشاء الزمنين الاجتماعي والجغرافي، ليكون ميلاده كعملية تاريخية تلبيه لحاجة اجتماعية. أي ان تكون عوامل نجاحه وشروط استمراره تمثل صلب مكوناته المادية والشعورية واللاشعوريه عند الحامل والحاضن الاجتماعيين.
ان ذلك ما ينطبق، وبأسوأ صورة، على الاعلان السياسي العلوي لمشروع وحدة مايو1990م، هذا المشروع الذي ولد كمسخ شائه، يحمل كل تشوهات حامليه السياسيين وحاضنيه الاجتماعيين، اللذين استحضرا فيه الماضي وليس المستقبل، فكان منطقياً ان يموت في مهده، ويسلم الراية لقوى التخلف القبلية والثيوقراطية، التي تمكنت بالغدر والقوة – من فرض الماضي سيداً مطلقاً على الحاضر وان تقدمه – بالقوة – قائداً للمستقبل، بما هو – أي المستقبل – منذ عام 1990م، ولاسيما منذ (7/7/1994م) الاسود رحلة من الحاضر الى الماضي البعيد، هذا الذي منحته مسلمات الايدلوجيا واساطير واوهام التأرخه السياسية الزائفة، بعداً مستقبلياً، بما هو عودة الى مالم يكن (الوحدة) لكن انجيلهما جعل منها وصفة سحرية للخلاص من التخلف وعودة الى القوة المختلقة في عهود سحيقة، واذا بحصاد الوهم سقوط ما بشر به قساوة الوحدة وتحولها الى خراب ودمار، معيدة الى الذاكرة حروب وغزوات ما قبل الميلاد بين دول وممالك جنوب الجزيرة العربية.
لم يطل الوقت بل بأقل من عام، كان الارهاب السياسي والفكري والديني والتصفوي قد بدا يعزف الحان التشهير والتزوير والتكفير لكل ما هو جنوبي ويبدأ الموت يلعلع من فوهات البنادق في سلسلة الاغتيالات.. الخ ليبدأ الوعي الجنوبي يتململ ويشرع بمغادرة جبة ميثولوجيا:
" الوحدة قدر ومصير الشعب اليمني ".
أي ان شعبنا قد لمس الخطر المحدق به في المرحلة الانتقالية (الانتقامية – حسب - الشعب) وعبر عن رفضه الاستمرار في مصيدة الوهم ( الوحدوي ) حينما جعل من انتخابات 1993م النيابية بمثابة استفتاءات على (الوحدة) مصوتاً لصالح ممثله السياسي في الوحدة – الفخ، وفخ الوحدة الحزب الاشتراكي وحده.
وبمعزل عن دور ابناء الجنوب في تحقيق هزيمة الجنوب عسكرياً، فقد دافع شعب الجنوب عن ارضه مقدماً الارواح والدماء اكثر من (70 يوماً) هي مدة الحرب العدوانية، على وطننا أي ان احتلال الجمهورية العربية اليمنية لدولتنا (ج.ي.د) لم يقابل بالورود وانما بمقاومة افتقرت للأعداد النفسي والمعنوي القبلي، كما حدث في معسكرات المحتلين قبل شن الحرب تعبئة نفسية ودينية تزعمها اشهر زعماء الاسلام السياسي في اليمن ( عبد المجيد الزنداني ) ولم يسلم شعب الجنوب للهزيمة العسكرية بل ظل يفتش عن وسائل واسباب دعم ارادته لمواجهة الارادة الغالبة للغزاة – الفاتحين الجدد.
ففي عام 1997م فرضت قواعد الاشتراكي الجنوبية رأيها الغالب على قيادة حزبها بمقاطعة الانتخابات النيابية بإعتبارها انتخابات حرب، لا شرعية لها.
• ثم ظهرت في الفترة ذاتها حركة شعبية سلمية قادها المناضل (حسن باعوم) في حضرموت استمرت حتى 27/4/1998م حينما اقدمت سلطات الاحتلال على قمع المسيرة ليسقط الشهيدان بن همام وبارجاش ويطارد (باعوم) لأكثر من عام.
• في العام ذاتة 1998م، وتحديداً في 5 حزيران يونيو ، تقدم قوات الاحتلال على قتل الشهيد محمد ثابت الزبيدي، ليعقبه ذلك مواجهة عسكرية دامت 48 ساعة تقريباً بين اللواء (35 مدرع) وابناء الضالع، ولا سيما منطقة زبيد.
• في العام ذاته ظهرت "حركة تقرير مصير الجنوب العربي" (حتم) العسكرية، وكانت اول صوت يعلن النضال من اجل طرد الاحتلال واستعادة دولة الجنوب. وقد سقط عدد من فدائي الحركة شهداء في الضالع : سقط الشهيد احمد عبدالله احمد ومحمد احمد ناصر و العميد ركن علي قائد المعكر عادل عبدالله مانع وغيرهم ( شهيداً ) كما تم تدمير 4 منازل بـ(tnt) من قبل اللواء (35 مدرع) في العزلة جحاف الضالع. ومعركة اخرى دامت يوماً بين اللواء ( 35 مدرع وفدائيي (حتم) ) في جبل جحاف. واصلت الحركة نشاطها حتى 2002م.
• ظهور اللجان الشعبية التضامنية الجنوبية، التي بدأت في الضالع عام 1999م وقادت التظاهرات والمسيرات في الضالع، لتقوم اللجان الشعبية في كل محافظات الجنوب، كمعبر شعبي رافض للاحتلال، وقد سهمت سياسياً ومعنوياً في تحريك الشارع الجنوبي ودامت حتى 2001م.
• تيار اصلاح مسار الوحدة وازاله آثار حرب 1994م في الحزب الاشتراكي اليمني 2000 – 2005م. وقد اسهم نظرياً في بلورة (القضية الجنوبية) وأصل نظرياً لها وبشر بقدرتها على خلق قواها الذاتية بإعتبارها قضية موضوعية الوجود، لا تسقط بالتقادم. وكان أول من نبه شعب الجنوب لمخاطر مشاركته في انتخابات الاحتلال من خلال كتابات اعضائه ودعواته لعدم المشاركة مع كل موسم انتخابي وغير ذلك.
• ملتقيات التصالح والتسامح والتضامن الجنوبي – الجنوبي، التي بدأت في جمعية ردفان (عدن) في 13 يناير 2006م وتواصلت في كل المحافظات الجنوبية لتتحول الى عملية سياسية مؤثرة، لملمت ارادة الجنوبيين اكثر فأكثر على قاعدة التصالح والتسامح الجنوبي – الجنوبي. هذه العملية امتدت على طول وعرض الجنوب من المهرة الى الضالع.
• جمعيات المتقاعدين العسكريين والمدنيين.. مثلت الانتقال النوعي – وان افتقر للتنظيم السياسي –لتراكم اشكال ووسائل النضال السالفة الذكر حيث نقلت النضال – على قاعدة التصالح والتسامح – الى افق سياسي ارحب فجرته وحدة اراده كل ابناء الجنوب. ومثلت فعالية (7/7/2007م) في ساحة العروض في (عدن) الانعطافة السياسية المفصلية في حركة المقاومة الشعبية الجنوبية السلمية.
وما تلاها من تظاهرات ومواجهات مع اجهزة الاحتلال القمعية (2اغسطس2008م، 1 سبتمبر 2007م في عدن، 1سبتمبر في حضرموت، 10سبتمبر في الضالع، 13،14 اكتوبر2007م في ردفان، 30 نوفمبر2007م في عدن، 13يناير 2008م في عدن، كأبرز المحطات في ابراز قضيتنا على المستويين الاقليمي والدولي).
وفي الخارج :
- ظهرت حركة (موج) المعارضة وان لم تقدم فعلاً سياسياً في الداخل.
- التجمع الديمقراطي الجنوبي (تاج) في بريطانيا (7/7/2004م).
وقد أعلن بأن هدفه في النضال ضد الاحتلال اليمني لتحرير الجنوب العربي (حق تقرير المصير) ولا زال يمثل احد روافد الحركة السياسية الجنوبية في الجنوب.
حملة ابريل 2008 العسكرية الارهابية
لقد شكل النصف الثاني من عام 2007م مرحلة تبلور المضمون السياسي العلني للحركة الشعبية الجنوبية الرافضة – الثائرة ضد الاحتلال العسكري الجاثم على صدر شعبنا منذ عقد ونيف.
وقد قدم شعبنا عشرات الشهداء والجرحى في مواجهاته السلمية مع قوات الاحتلال وهو يهتف "برع برع يا استعمار". معلنا هدفه في التحرر والاستقلال. وحتى مساء 31مارس وصبيحة 1ابريل 2008م، حينما انزل الاحتلال قواته العسكرية بأسلحتها الثقيلة والمتوسطة والخفيفة لحصار مدن الجنوب وشن حملة اعتقالات بعد منتصف ليله 31مارس مداهمة منازل قادة وناشطي الحركة الشعبية في عدن وفي كل مدن الجنوب.
حيث شكلت حرب ابريل 2008م جنوحاً للحرب المستمرة ضد الجنوب الى ارهاب دولة صريح، يحاصر مدن الجنوب بآلة الموت وبنشر الرعب ويطارد الناشطين، ويعلن حالة الطوارئ ويطبقها بالرصاص الحي على المدن وخلال الفترة ابريل – سبتمبر 2008م، ورغم الارهاب المفروض على الجنوب لم يتوقف النضال السلمي، ولم تفل من عزيمة الجماهير الجنوبية هستيريا القتل والسفك والاعتقالات والمحاكمات الصورية لإبطال الحركة الشعبية. فقد تم خرق الحضر في المدن وارتفعت رايات الرفض، حيث تعرض اكثر من (100الف) ناشط للإعتقال وجرح العشرات، ولكن ذلك قدم قضيتنا بصورة اجلى للخارج وعزز قناعة شعبنا بالخلاص.
بيد ان قوة المواجهة، لم تأت ثمارها على صعيد الهدف السياسي من حيث:
1- تجنح الهدف السياسي داخل الحركة الشعبية بصورة الاختلاف الذي برز في بياني فعالية 13 يناير 2008م للتصالح والتسامح والتضامن الجنوبي – الجنوبي في عدن.
أ- استمرت هيئات التصالح والتسامح ولاسيما هيئة التصالح والتسامح الضالع تقدم خطاباً سياسياً محدد الهدف في النضال من اجل الاستقلال واستعادة الدولة، ومعها تيار واسع من أبناء الجنوب.
ب- هيئات الحراك التي تشكلت بعد ابريل ومجلس تنسيق الفعاليات في المحافظات التقت في خطابها السياسي مع احزاب المشترك، لينحصر خطابها السياسي في مطالبة السلطة ان تعترف بالقضية الجنوبية، دون تحديد واضح لمفهوم القضية.
وكان جلياً بأن المضمون السياسي لقضيتنا يخضع لمؤثرات ذاتية ، اكثر مما هي موضوعية، تريد ابقاء قضيتنا اسيرة الغموض، بإبقاء الهدف السياسي حبيس اللون الرمادي، اعتماداً على تعدد تعاريف وتفسيرات (القضية الجنوبية).
وهو ما يعني، من وجهه نظر سياسية عقلانية، ترك السؤال المركزي لشعبنا:
" ماذا يريد شعب الجنوب؟ " بدون اجابة محددة وواضحة.
واذ يغيب الهدف، كاستراتيجبا، يكون التكتيك اشبه بالدوران حول حلقة مفرغة ، كالجمل يدور معصوب العينيين حول المعصرة معتقداً بأنه قطع مسافات طويلة، وهو في الحقيقة يدور في حلقة مفرغة.
ويرى مجلسنا الوطني الجنوبي الأعلى بأن ذلك:
1- يرهن قضيتنا لحسابات سياسية غير دقيقة، تؤخر مسيرة نضالنا، وتحول دون انضاج ظروف وعوامل انتصار قضيتنا، هي حسابات ذرائعية في الغالب الأعم.
2- لا يعبر عن الارادة الغالبة لشعب الجنوب الذي يقدم التضحيات الغالية على طريق الحرية والاستقلال.
3- يحدث ارباكاً واضطراباً في الوسط الشعبي الجنوبي وبالتالي تململاً واحباطَاَ، في الوقت الذي فيه اداة ثورتنا السلمية وقوتها وسلاحها هو الشعب ، وهذا احد ابرز المخاطر.
4- يجعل المراقب السياسي الاقليمي والدولي، الذي لا ينظر الينا بعواطفه وانما بعيون مصالحه، غير قادر على اصدار حكم فيما يريده شعبنا، وهنا تفقد قضيتنا شرط التأثير لخلق ظروف خارجية مساعدة، كعامل مهم.
5- إخضاع حقنا الشرعي والعادل في الحرية والاستقلال، لجدلية [ الوحدة والانفصال ] وهي المعادلة التي يقيم عليها الاحتلال اكذوبه شرعياته. كما انها الساحة التي يملك الاحتلال فيها كل اسباب قوتة التي تسقط حين يكون الصراع خارج هذه الجدلية الآثمة بإستثناء عامل القوة – الاحتلال اللاشرعي.. واخضاع قضيتنا لجدلية الوحدة والانفصال خطأ سياسي اشد ضرراً على شعبنا من خطأ 22/5/1990م. لأن صراعنا مع الاحتلال نفى لاسطورة الوحدة ومفهوم (والانفصال) لا ينطبق على دولتنا المستقلة التي اخضعت للإحتلال. ان مجلسنا يناشد الذين لم يتحرروا بعد من اعاقتهم الذاتية، ان يرحموا هذا الشعب من جحيمه فلا تخذلوا تضحياته وتوقه الى الحرية بمسعى اعاقتكم الايدلوجية (وغيرها للتطهر – غير العقلاني – بما لم يكن (=الوحدة) من تهمة الانفصال.
ولما سبق ذكره كان ميلاد المجلس الوطني الاعلى في 31اكتوبر2008م حاجة موضوعية اقتضت ما يلي:
1- تحرير القضية الجنوبية من اسر الغموض وتعدد التعاريف وقطع دابر التردد بين الموقف الجنوبي الواحد المعترف بأنه يخضع لإحتلال عسكري والاختلاف في فهم الخلاص منه.
2- اخراج الحركة الشعبية من حالة العفوية الى التنظيم، بتحمل مجلسنا مهمة الحامل السياسي الجنوبي الموحد حول الهدف المعلن.
3- تجسيد الارادة الشعبية الجنوبية التواقة الى الاستقلال وتحرير دولتها من الاحتلال، بإعلان المجلس الوطني الأعلى في بيانه السياسي الأول، وما تبعه من بيانات، بأن قضيتنا النضالية هي قضية تحرير شعبنا وارضنا من احتلال الـ(ج.ع.ي) واستعادة دولتنا المستقلة.
4- توحيد الخطاب السياسي وفق وحدة الهدف الواضح غير القابل لتعدد التفسيرات.
5- وضع شعبنا امام مسئولية حماية تضحياته والانتصار لإرادته التي يعتقد مجلسنا جازماً، بإعتباره جزء من الشعب، بأنه جسد ارادة غالبية شعب الجنوب التواقة للإنعتاق، والمستعدة للتضحية، الى بلوغ هدفها الكبير في الحرية والاستقلال ومن اجل ذلك سيتحمل – مجلسنا – مخاطر وتبعات النهوض بخيار الارادة الشعبية الجنوبية التي نهضت من تحت انقاض الدمار والخراب، كطائر الفينق، للخلاص من احتلال بدائي هو الأسوأ والأقسى في تاريخنا القديم والحديث.
2- مرحلة النضال التحرري وإدارة الصراع
1- ان المجلس الوطني الاعلى للنضال السلمي لتحرير واستعادة دولة الجنوب المستقلة، اذ يمثل ابرز ملامح نضوج الحركة الشعبية الجنوبية السلمية، يدرك بأن وعي الشعوب لطرق خلاصها لا يتشكل دفعة واحدة، وانما يمر عبر سلسلة من التجارب الناجحة والفاشلة وسط تعقد علاقات المصالح وتعدد مستوى الافهام والرؤى في المجتمع المعين نحو الحق الجماعي المسلوب وسبل الدفاع عنه وشروط استعادته.
وبناء على ذلك يمكن فهم الواقع السياسي والاجتماعي لشعبنا الذي جاء المجلس الوطني من وسطه ويرى بأن تجربة كفاح شعبنا على مدى 14 سنة من الاحتلال وما وصلت اليه تمثل حالة طبيعية لشعب حي اذا ما قورنت بحالة التشظي التي ذهبت بها دولتنا الى فخ الوحدة مع صنعاء وما ترتب عن فشل الوحدة – المشروع من كارثة عليه وما كان يسيراً على شعب كشعبنا ان يخرج من صدمته العنيفة، وقد شارك بصور مختلفة في صنع مأسآته، إلا انه شعب حي يأبى الضيم أياً كان مصدره.
2- ان المجلس الوطني الجنوبي اذ يؤمن عن وعي وادراك، بأن انتصار قضيته (قضية شعب الجنوب) يحتمه الوجود الموضوعي للقضية ذاتها. فإنه لا يرى سبباً موجباً لإخضاعها لخيارات سياسية لم تنجح قبل الاحتلال وبعد ان اصبح طريق النضال من اجل الاستقلال واستعادة الدولة يمثل ضرورة دفاع عن الوجود بمواجهه سياسة الالغاء المنظمة التي يمارسها الاحتلال بحق شعبنا منذ عقد ونيف.
وحينما يتخذ الصراع صورة القوانين الداروينية (الصراع من اجل البقاء) تسقط معه الخيارات الادنى من معركة الدفاع عن الوجود. ولذلك غداً هدف الاستقلال واستعادة الدولة ضرورة فإما ان نكون او لا نكون.. وطالما شعب الجنوب بمختلف شرائحه الاجتماعية ومكوناته السياسية مجمع على انه خاضع لما هو اسوأ من الاحتلال منذ (7/7) الأسود، فإن خياراً آخر، غير الاستقلال من الاحتلال، يعد ضرباً من الاوهام ذاتها التي قادت شعبنا الى نفق 22/5/1990م ثم الى كارثة نقش (7/7) السبئي المعاصر، ان لم يكن نفقاًَ اشد ظلما وظلاماً.
3- واذ يعمل المجلس الوطني للتحول الى حامل سياسي كفاحي حقيقي للهدف الكبير الذي يؤمن بأنه طريق خلاص شعبنا من المحو الوجودي، من خلال توحيد الجنوبيين المقتنعين بهدفه في الداخل والخارج، ليشكل اطاراً متماسكا لوحدة مناضلين ملتزمين ومستعدين للتضحية من اجل انتصار هدفهم، فيرى ان هذه المرحلة تستلزم من المجلس بكل تكويناتة مايلي:
أولاً : تحرير الوعي الجنوبي من المسلمات الزائفة
ان الجذر التاريخي لقضية شعبنا، – اتخذ مسارين الاول مسار السيطرة على الوعي، بتشكيل وعي تاريخي زائف ابتداء من اول بيان اصدره الاتحاد العمالي في (عدن) في 3 مارس 1956م يتحدث عن وحدة اليمن ارضاً وشعباً.
والمسار الثاني : التطبيق العملي – في الجنوب عبر آلية وقوة السلطة السياسية الخاضعة لفكر قومي ايديولوجي مهيمن في ذلك الوقت، كرست ثقافة الوحدة وجعلتها هدفاً سياسياً لها. وفي هذا السياق سوف يناضل المجلس الوطني بكل تكويناتة على صعيد جبهة الوعي في الوسط الشعبي الجنوبي لاسقاط الوعي التاريخي الاحتفالي الزائف، بما هو لاهوت سياسي واسقاط مسلمات الايديولوجيا التي اثبتت التجربة تناقضها مع حقائق الواقع الصلبة التي اثبتت التجربة قوة ترسخ الهويات القطرية في كل قطر على حدة، في اطار الانتماء القومي العربي.
والجنوب ضمن سياق هذه الحقيقة العربية الشاملة وقبل بالتبديل في المفاهيم السياسية المغتصبة في الوعي الجنوبي من قبيل شطرا اليمن، بدلاً عن قطري اليمن، وكذلك مفهوم "اليمن" ذاته بما هو تعبير عن الجهة جاء من اللغة، وليس عن تبلور سياسي أي (اقليم سياسي واحد) – دولة – لانه لم يعرف وحدة سياسية ما طوال تاريخه، وليس ادل على ذلك من ميلاده السياسي التاريخي الانقسامي، الذي شهد في الألف الأولى ق:م (خمسة كيانات سياسية متزامنة، متنافسة متحاربة).
وهو الامر الذي يقرر حقيقة اكذوبة (الوحدة اليمنية) في العصور القديمة والوسيطة، وهذا ما اثبته التاريخ السياسي المدون منذ ما قبل الميلاد الى عصرنا الراهن.. وكم كان مخجل ان تنطلي على شعبنا اسطورة دور الاستعمار في تمزيق اليمن وغير ذلك من الاكاذيب التي استغلت جهل شعبنا وتسامحه وعواطفه القوية لان ما فعله الاستعمار هو اضفاء الشرعية على ما هو قائم على الارض منذ نهاية القرن السابع عشر.
وللنهوض بهذه المهمة سوف يعمل مجلسنا بالتالي:
1- القيام بإعداد البحوث والدراسات ذات الصلة بالموضوع اعلاه.
2- تنظيم المحاضرات -3- تنظيم الندوات -4- العمل السياسي التوعوي الداخلي
5- الكتابات الصحفية -6- النشرات السياسية والإعلامية -7- الاستفادة من كل وسائط العصر لإيصال الحقائق على الصعيدين الداخلي والخارجي وإنشاء موقع إلكتروني للمجلس
8- العمل بصبر ومثابرة وسط الجماهير، والتزام الصدق والحقائق الثابتة، لبلوغ هدف اجماع شعبي جنوبي واعي عن انعدام ايه شرعية لا سياسية ولا تاريخية ولا جغرافية لسلطة الاحتلال على شعبنا وارضنا، سوى القوة العسكرية، التي تمثل برهانا ً ساطعاً على الاحتلال غير المشروع.
9- تقديم الحقائق بشفافية لشعبنا من مخاطر البحث عن حل لقضيتنا السياسية في ظل الاحتلال تحت مسمى (الحل تحت سقف الوحدة) مع ان شعبنا يدرك ان الوحدة لم تكن، وما هو قائم احتلال بأسوأ صورة. وبالتالي اقناعها بصواب خط المجلس الوطني السياسي، ليس لأنها غير مقتنعة به، بل لإخراجها من حالة الاضطراب المفاهيمي.
ثانياً: وسائل وآليات النضال السلمي المرحلي-
1- على صعيد الداخل
سوف يواصل المجلس الوطني اشكال النضال وآلياته – في هذه المرحلة – التي اهمها:
1- المسيرات الاحتجاجية والمهرجانات الخطابية الهادفة.
2- اقامة الاعتصامات وتطوير اشكالها وتصعيد مطالبها، والعمل على توفير امكانيات وعوامل استمرارها حتى تتحقق المطالب التي تقوم من اجلها الاعتصامات.
3- الاحتفاء – احياء – المناسبات الوطنية الكفاحية الجنوبية منها والتاريخية، واحياء ذكرى شهداء نضال شعبنا منذ ما بعد الاحتلال الى ان يتحقق النصر القريب بإن الله تعالى.
4- تعزيز الوعي الشعبي بأهمية رفض المشاركة في كل مشاريع الاحتلال السياسية، ولا سيما رفض انتخاباته الصورية : الرئاسية والنيبابية والمحلية.
5- تعزيز روح المساندة والتضامن الجنوبي – الجنوبي، على قاعدة ومبدأ التصالح والتسامح والتضامن.
6- العمل في ومع منظمات المجتمع المدني الجنوبي وكل اشكال الدفاع عن الحقوق المغتصبة كالجمعيات والنقابات.. الخ.
7- اسناد مهمة حل الخلافات والمنازعات الشخصية بين مواطني الجنوب الى المراكز المحلية في القرى والاحياء السكنية وذلك على طريق المقاطعة الشاملة لأجهزة الاحتلال الامنية والقضائية.
8- رصد وتدوين جرائم الاحتلال من نهب الارض والحقوق الخاصة والعامة الى جرائم القتل والسك والمذابح الجماعية التي اقترفها الاحتلال ضد شعبنا، وبما في ذلك قصف القرى وهدم منازل المواطنين الجنوبيين عبر تفجيرها بـ(tnt) لوضع الضمير العربي كله امام حقائق جرائم الاحتلال. بحق شعبنا وارضنا وتاريخنا... الخ. وسيكون على المجلس مهمة الوصول لمعرفة عدد شهداء وجرحى حرب 1994م وعدد شهداء وجرحى النضال السلمي الجنوبي و كل الذين تعرضوا للاعتقالات والتعذيب ما بعد 7/7/1994م.
9- العمل مع كل القوى السياسية والشعبية والنقابية والمدنية الجنوبية لبناء عوامل الثقة تحت مبدأ الاقرار بحق التعدد والتنوع في اطار وحدة النضال، كعمل مشترك في الحاضر ويؤسس ويمهد ارضية صالحة لمستقبل خالي من الاستبداد وشمولية الفكر والحكم، وبناء علاقات تقوم على الحوار السياسي.
10- وسيعمل المجلس بتفانٍ واخلاص مع كل قوى الجنوب السياسية والمهنية والقبلية المقتنعة بالهدف على عقد مؤتمر وطني جنوبي لكل الجنوبيين المؤمنيين بهدف الحرية والاستقلال لقيام جبهة وطنية جنوبية موحدة الارادة والهدف.
11- نقل اساليب النضال السلمي – في الوقت المناسب – الى تنظيم الاضطرابات عن العمل حيث لا زال ثمة تواجد جنوبي غالب، وصولاً الى مرحلة العصيان المدني.
12- في حالة واصلت سلطة الاحتلال القوة المفرطة، وارهاب الدولة ضد نضالات شعبنا السلمية، فإنها تتحمل المسؤولية الكاملة عن اجبار شعبنا على خياراته الشرعية الاخرى لمقاومة الاحتلال، المكفولة لكل الشعوب الواقعة تحت الاحتلال. وبهذا الصدد, يدعو مجلسنا مشائخ وقبائل الجنوب الانضمام الى حركتنا الكفاحية فالقبيلة الجنوبية مكون رئيس من مكونات مجتمعنا وتعاني شأنها شأن كل شعب الجنوب.
ثانياً : على صعيد الخارج
ان المجلس الوطني الجنوبي الاعلى اذ يعي العلاقة الجدلية بين الداخل والخارج، فإنه سيعمل على الصعيدين الاقليمي والدولي بالتزامن مع خوضه الصراع التحرري في الداخل.. واذ يؤمن مجلسنا – ايضاً – بأن دور الداخل الكفاحي هو الدور الحاسم في خلق ميزان جديد لصراع الارادات وبما ان العامل الخارجي يمثل احد عناصر الصراع، كعامل مساعد، الا انه في قضيتنا يشكل عنصراً مكملاً لإنتصار قضيتنا، لانها قد اكتسبت بعداً دولياً من قبل ان تشن جيوش (ج.ع.ي) حربها على دولتنا وتخضعها للإحتلال.
ابتداءاً بتدويل بوادر بلوغ الازمة الى المواجهة العسكرية، بإشراك سفراء عدد من الدول في تفتيش معسكرات الدولتين، حتى أعلن رئيس (ج.ع.ي) الحرب بتاريخ 27/4/1994م قبل ان تنهي اللجنة العسكرية مهمتها.مروراًً بالاشراف الاقليمي على توقيع (وثيقة العهد والاتفاق) برعاية اردنية في العاصمة عمان لعام 1994م وعندما شنت صنعاء حربها على الجنوب اتخذ مجلس الأمن الدولي قراريه المعروفين 924 – 931 لعام 1994م ولازالت القضية منظورة امام المجلس حتى اليوم، لان صنعاء لم تلتزم للشرعية الدولية وفق قراريها المذكورين وليس كذلك وحسب، بل ولم تصغي سلطة الاحتلال لدعوات الدول الشقيقة والصديقة على عدم فرض الوحدة بالقوة ولم تعمل بتعهداتها للمجتمع الدولي في 7/7/1994م تجاه شعب الجنوب ودولته المعلنة في 21/5/1994م، بل اخضعتهما لاحتلال عسكري استيطاني بنزوع عنصري وتدميري للآخر.
أي ان نضال مجلسنا الوطني الجنوبي يقوم على الصعيد الخارجي حول مرتكزين كاملي الشرعية:
الأول : شرعية وعدالة النضال الجنوبي لتحرير واستعادة دولته المستقلة، وهي شرعية لا تستمد قوتها من حق الشعوب الواقعة تحت الاحتلال ان تقرر مصيرها بنفسها وحسب، بل ومن حق شعبنا الطبيعي والانساني في خوض معركة الدفاع عن الوجود، الذي فرضته عليه سلطه الاحتلال (ج.ع.ي) التي لا تستهدف شطبه من خريطة الحقوق الوطنية الانسانية وحسب، بل والعمل على محو وجوده ليصبح شعبُ بلا ارض.
المرتكز الثاني:- ويقوم على قوة الحقائق المتوفرة لدى المجتمع الدولي، تلك التي سلف سردها.
وهو الامر الذي يضع المجتمع الدولي امام مسؤولية دعم الحق الجنوبي الشرعي والعادل في الاستقلال واستعادة دولتة الوطنية المحتلة، بعد ان كانت، وما برحت، قضيتنا تقع في صلب مهامها، لا سيما منظمة الامم المتحدة ومجلس الامن الدولي.
وارتباط بما تقدم سوف يعمل المجلس الوطني – في هذه المرحلة – بما يلي:
1- اشراك ابناء الجنوب المهاجرين والنازحين قسراً، بسبب الاحتلال، المؤمنين بحق شعبنا في النضال من اجل الحرية والاستقلال في قيادة العمل الوطني الكفاحي وفي اطار المجلس، وبناء فروع كفاحية له وسط الجاليات الجنوبية في اوروبا وامريكا والخليج العربي وحيث يتواجد جنوبيون مؤمنون بالهدف في العالم.
2- التنسيق والتكامل الكفاحي مع الفصائل الوطنية الجنوبية الملتقية مع مجلسنا الوطني في الرؤى وهدف الاستقلال، وذلك من اجل خلق ايقاع نضالي متناغم ومتكامل في الداخل والخارج. ويدعو مجلسنا قيادات الجنوب النازحة قسراً الى توحيد صفوفها وكلمتها لرفد نضال شعبنا على الصعيد الخارجي.
3- العمل على فتح قنوات اتصال موثوقة في الداخل والخارج توصل حقائق الصراع وجرائم الاحتلال الى المنظمات الاقليمية والدولية، التي سيقوم برصدها المجلس الوطني، ولا سيما المنظمات المعنية بحقوق الانسان وحرياته، بما في ذلك منظمة الامم المتحدة ومجلس امنها ... الخ.
4- جمع الادلة والبراهين القانونية الخاصة بجرائم القتل والسفك ضد انسانية بحق شعبنا من قبل الاحتلال ولم يبت فيها قضاء الاحتلال (ومعلوم بأنه لم يقدم قاتل لأبناء الجنوب الى قضاء الاحتلال منذ 7/7/1994م الى اليوم وذلك من اجل رفعها الى محكمة الجنايات الدولية (معاهدة روما)، مشفوعة بدعوى مقاضاة جنرالات الاحتلال لمحاكمتهم كمجرمي حرب، انطلاقاً من حقيقة ان حرب الاحتلال مستمرة على الجنوب منذ عام 1994م، والدليل على ذلك عسكرة الحياة المدنية في الجنوب، ومواصلة السلب والنهب. بحماية عسكرية وقد شكلت حرب ابريل 2008م بطابعها الارهابي وفرض الطوارئ أجلى صورة الحرب المستمرة.
5- في القضيتين (3+4) اعلاه سيعمل المجلس الوطني مع القوى الجنوبية الأخرى، المناضلة ضد الاحتلال لايصال المذكرات ورسائل المناشدة تحت توقيع كل اشكال وقوى النضال الجنوبية، بإعتبارها حقائق ثابتة- يجمع عليها كل الجنوبيين.
6- اقامة الاعتصامات والمهرجانات اما مقر الامم المتحدة وفي عواصم الدول ذات التأثير الدولي مثل واشنطن ولندن وباريس.. والعمل على ايصال مذكرات ورسائل مناشدة من الداخل للأمين العام للأمم المتحدة وللدول الدائمة العضوية في مجلس الامن الدولي وللمجموعة العربية في المنظمة الدولية. وكذلك جامعة الدولي العربية ومجلس التعاون الخليجي ومنظمة الدول الاسلامية و ... الخ.
7- سيعمل مجلسنا في الداخل والخارج، بصبر ومثابرة، لاقناع دول الجوار والدول ذات المصالح المباشرة وغير المباشرة بالحقائق التالية:
أ- ان الـ(ج.ع.ي) لم تعرف الدولة طوال تاريخها، لسيادة وهيمنة القبيلة وثقافتها الماضوية. ولأن القبيلة – تاريخياً – نقيض الدولة ونفياً لها، فيستحيل ان تقبل (صنعاء) ببناء دولة.
ب- ان امن واستقرار المنطقة لن يأتي من خلال دعم سلطة معادية للدولة، ولن يستقر الوضع لسلطة صنعاء، في ظل اللادولة وهيمنة سلطة اللصوص (الكلبتوقراطية) القبلية الثقافة، ومن حولها دول الجوار، باستمرار بقاء احتلال الـ(ج.ع.ي) البدائي لدولة الجنوب وانما العكس، ازالة الاحتلال البدائي الهمجي، ومساعدة شعب الجنوب على اعادة بناء دولته المستقلة، وهو ما سيسهم في تعزيز الامن والسلم في المنطقة وفي اهم ممر دولي استراتيجي.
جـ- ان عدم وجود الدولة، بل وعدم القبول بها في صنعاء، هو عامل اضطراب والمنتج لفطر الارهاب والفساد والخراب، وتجرؤ القراصنة الصوماليين على خليج عدن وتعريض الملاحة الدولية للخطر، وتواصل العمليات الارهابية داخل العاصمة صنعاء، ابرز تجليات المخاطر التي افرزها احتلال صنعاء لعدن.
د- وبالتالي فإن مصلحة دول المنطقة، ومصالح الدول الاجنبية لن تكون آمنة في ظل سلطة عصبوية قبلية منتجة للحروب مرتكزة على القوة، كعلة وجود.. واستمرار احتلالها لارضنا سوف يسهم في تعاظم حدة الصراع، الامر الذي سيجعل من امن المنطقة عرضة للخطر الدائم، فضلاً عن الازمة العامة التي تتعمق يوماً عن يوم وتنخر جسد سلطة صنعاء الهشة البنية المنتجة، لعوامل فشلها، ومخاطر سقوطها الانفجاري على السلم في المنطقة.
8- الاستغلال المتزايد والهادف للشبكة العنكبوتية وتقنيتها لخدمة قضيتنا اعلامياً، وسيترك المجلس لفروعة الخارجية حق المبادرة وابداع اشكال وميكانيزم لإستغلال تكنولوجيا العصر لخدمة انتصار قضيتنا من خلال التأثير على الرأي العام العالمي من خلال التعريف بحجم الجرائم اللا انسانية التي تعرض لها شعبنا وارضنا وتاريخنا طوال عقد ونيف. وسيرتبط ذلك – بالضرورة – بمستوى الدور الكفاحي المتعاظم لمناضلي المجلس الوطني في الداخل مع بقية اشكال النضال الجنوبية السياسية و الشعبية.
خلاصة:
ان المجلس الوطني الأعلى للنضال السلمي لتحرير واستعادة الدولة الوطنية الجنوبية المستقلة يدرك، وعن يقين، بأن التجربة المأساوية بفجائعيتها النازعة الى المحو من الوجود، التي عاشها واخضع لها شعبنا، قد اوصلتة الى قناعة واعية بأن الدفاع عن حقوقه، لا سيما حقة في الوجود والسيادة على مقدراتة، لن يتأتى عبر التجزيئ والحلول الفردية الترقيعية، وانما عبر انتزاعة لحقه الكلي غير المنقوص المتمثل بتحرير واستعادة دولتنا من بين براثن الاحتلال الاستيطاني.
حيث يرى مجلسنا بأن القبول بتجزئة الحق الكلي يقرر الحق لشراكة الغاصب، (يحجب عوراته) أي ان استعادة شعبنا لحقة الكامل وهو الضمانة الاكيدة لنيل حقوق الافراد والشرائح الاجتماعية الجنوبية مجتمعة.
ان مجلسنا ينطلق من ذلك عن وعي حقيقة قضيتنا في انها قضية دولة بكل مقوماتها (اقليم سياسي) تحت الاحتلال العسكري لدولة اخرى، ويقع في صدارة مطالبها تحرير دولتنا من الاحتلال وازالة نتائجه فإعادة بناء الدولة الوطنية المستقلة، وليست قضية حقوق في اطار الـ(ج.ع.ي) كقضية صعدة او تهامة. وتماشياً مع ذلك الفهم للقضية الجنوبية، فإن مجلسنا يؤكد على:
1- ان شعب الجنوب وقد حزم امره على خوض معركة الدفاع عن حقه في الوجود للتخلص من الاحتلال الذي كان نتيجة فشل مشروع الوحدة السلمية مع (ج.ع.ي) يحق له ان يأخذ بكل الوسائل المشروعة في نضاله حتى يتخلص من الاحتلال وسيكون المجتمع الدولي معني بالاعتراف بهذا الحق بالضغط على سلطة صنعاء في انهاء احتلالها لدولتنا، للحيلولة دون صوملة كل اقليم جنوب الجزيرة العربية. والزام الاحتلال بدفع التعويضات الكاملة عما لحق بأرضنا وثروتنا من نهب وعما سببه من اضرار مادية ومعنوية للإنسان الجنوبي.
2- العمل على تنظيم كل القوى الجنوبية المؤمنة بهذا الحق وتملك الاستعداد الطوعي للتضحية، تنظيماً كفاحياً يؤهلها لخوض معركة التحرير وكفاءة ادارة الصراع داخلياً وخارجياً. وهذا ما يستلزم بالضرورة:-
أ- وضوح الهدف السياسي، بإعتباره المحدد المحوري لشروط وعوامل ووسائل النضال. وارتباط بوحدة الهدف ووضوحه، يتم تقديم خطاب سياسي موحد في شكله ومضمونه، كونها اساس تحرير قضيتنا من الفوضى وتعدد التعاريف.
ب- ادارة الصراع بوعي شروط ووسائل كل مرحلة من مراحل النضال.
ج- الانتقال من عفوية الفعل ونمطية الاداء، الى الديناميكية السياسية وسرعة الحركة في التعاطي مع التطورات التي يفرزها الفعل الثوري في هذه المرحلة من الصراع.
د- العمل على انضاج الظروف، بإبداع اشكال وآليات كفاحية متجددة تعجل النصر بزمن اقصر وتضحيات اقل.
3- أن ينهض المجلس ليس برسم الخطط والاهداف المرحلية وحسب، بل وان يضع الاحتمالات والبدائل المختلفة لكل احتمال، ليمتلك زمام المبادرة ازاء كل حدث سياسي غير محسوب واستغلال كل الظروف السانحة لخدمة انتصار قضيتنا العادلة.
4- تعزيز الوعي الجنوبي بحق شعبنا العادل، ليرقى (جنوبنا – وطننا الغالي) الى مصاف الهوية السياسية والفكرية للشعب. وعي ينتصر، عن ايمان، لحريته المرهونة باستعادة هويته السياسية (دولتة).
5- ان تصبح في صراعها مع هوية الاحتلال اكثر تميزاً لدى الشعب الجنوبي، فلابد من تحويل حق عدم الاعتراف بسلطة الاحتلال ولا بقوانينها ولا بالهيئات التي تمثلها (كما فجر ذلك المناضل (حسن احمد باعوم) وهو خلف قضبان محاكم الاحتلال) الى وعي جنوبي يرتبط بالهوية الجنوبية والدفاع عنها واستسهال التضحية من اجل استعادتها.
6- الاهتمام بالشباب بالعمل على تنمية مداركهم ومعارفهم العلمية والتاريخية والسياسية واشراكهم في الهم الوطني الجنوبي العام، فالشباب هم طاقة نضالنا الحية، وهم الفئة الاكثر حرماناً وضياعاً في ظل الاحتلال، فيما انهم نصف الحاضر وكل المستقبل، فإن لا مستقبل لهم الا بإنتصار قضيتهم الوطنية الجنوبية. وسيعمل المجلس للمساهمة في تعزيز دور وفاعلية المنظمة الشبابية (اتحاد شباب الجنوب). وفي السياق ذاته سوف يعمل مجلسنا الوطني على كشف حجم التزوير والتشويه والتدليس في مناهج التعليم التي يسوقها الاحتلال لتزييف وعي اطفال الجنوب، لا سيما في مناهج التربية الوطنية والتاريخ والجغرافيا السياسية، لتصبح هذه القضية واحدة من قضايا المجلس النضالية العامة، والعمل على كشف نوايا الاحتلال من تزوير وعي اطفالنا، وسيتبع الطرق المناسبة لدفع ذلك العدوان على عقول اطفالنا.
الباب الثاني
الفصل الأول
مرحلة إعادة بناء الدولة الوطنية الجنوبية
إن المجلس الوطني وهو يرسم آفاق مستقبل نضال شعب الجنوب السياسي في مرحلة التحرير وما بعد التحرير فإنما يقدم للشعب رؤيتة السياسية – البرنامجية المنبثقة عن هدفه الواضح، ولا ولن يدعي بأنه يقدم وصفة جاهزة للخلاص ولماهية سلطة الدولة الوطنية الجنوبية المأمولة كنصوص قطعية غير قابلة للتعديل والتغيير، بل يرى بأن لتغير وتبدل الظروف والعوامل دور مهم في اعادة النظر في كثير من القضايا النضالية، وبما ان مجلسنا يضع الارادة الشعبية في مصاف السيادة، بها ومن اجل خلاصها يناضل، فستكون ارادة شعبنا هي المقررة لماهية وشكل حكومتها المأمولة بإذن الله.
وبصدد هذه المرحلة، يرى مجلسنا، بأنها، وفقاً للمشهد السياسي الراهن، تنقسم الى مرحلتين متلازمتين : الأول : مرحلة السيطرة السياسية والأمنية. والثانية المرحلة الانتقالية.
1- مرحلة السيطرة السياسية والأمنية
تشكل هذه المرحلة من اكثر المراحل دقة وتعقيداً، فهي التي ستقرر من خلالها مستقبل ومصير وطننا، أي ثمار نضال شعبنا وتضحياتة.
ومن قراءة المشهد السياسي الراهن، يرى مجلسنا ان هذه المرحلة تخضع لفرضيتين اساسيتين :
االفرضية الأولى: وتتعلق بالذات الكفاحية الجنوبية. وهذه تحتمل مسارين:
المسار الأول: نضوج الوعي الجنوبي، النخبوي والشعبي، بالغاً مرحلة اللاعودة بأن خلاص شعبنا النهائي لا يحتمل تعدد الخيارات السياسية، وانما اصبح التحرر من الاحتلال واستعادة الدولة، هو خيار الضرورة الحامي لحق شعبنا في الوجود، وهو الامر الذي سيسهم في وحدة الارادة الجنوبية الحرة خلف وحدة الهدف، وهو العامل الذاتي الجنوبي المعول عليه في خلق ميزان القوة الند لتفرض على الاحتلال الرحيل عن ارضنا والتفاوض على الاستقلال، وهو المسار الضامن لعوامل التقليل من مخاطر انفجار الفوضى وتوفير شروط وعوامل التحكم والسيطرة السياسية والامنية على الاوضاع الجديدة ما بعد الاحتلال.
المسار الثاني: بقاء قوى الجنوب السياسية رغم وحدتها النضالية – في حالة انقسام جبهوي، اخضع فيه الحق الجنوبي لتعدد الخيارات أو غيره.. واستمرار هذا المسار – غير المبرر سياسياً – وسط حركة النضال الجنوبية، سوف يضيف تعقيداً أكبر، كعائق ذاتي، لقضيتنا، ويفتح احتمالات خطر تحول مهمة السيطرة الى صراع بيني، ان لم يتم ضبط العلاقات البينية ببناء تحالف مرحلي يقوم على وحدة الهدف مع الاقرار بحق التنوع.
الفرضية الثانية: انهيار السلطة في الـ(ج.ع.ي) انهياراً مباغتاً دراماتيكياً عنيفاً. حيث ستسود الفوضى السياسية والأمنية العارمة. ولا يستبعد ان يسعى جناح ما من صلب الاحتلال ليفرض هيمنته على الجنوب. واذ كل المعطيات والمؤشرات تؤكد السقوط غير الآمن لسلطة صنعاء، أي الانهياري (الصوملة) فإن فرضية الانهيار، كإحتمال مرجح، سيضع مصير كفاح شعبنا ومستقبلة رهن الاحتمالات التالية:
1- بلوغ الذات الجنوبية السياسية مرحلة النضوج المشار اليها في المسار الأول من الفرضية الأولى اعلاه، وهو ما ينبغي ان تعمل من اجله كل قوى الجنوب وشرائحه، لأنه الضامن لتسخير الانهيار في خدمة انتصار الارادة الجنوبية.
2- اذ ما حدث الانهيار المحتمل وقوى الجنوب سادرة في غي تجنحاتها، فإن القوى الكفاحية الاكثر تنظيماً هي القادرة على حسم المعركة مع الاحتلال والسيطرة على الوضع.
3- اذا لم يتوفر الشرطين في (1+2) اعلاه، فسيخضع الجنوب اما للفوضى واما لقوة جديدة طامعة في الجنوب من خارجه مجدداً.
4- ان التشخيص اعلاه يمثل اضاءة للذات الكفاحية الجنوبية تضعها امام مسؤولية وطنية تاريخية، مسؤولية توفير العوامل الذاتية القادرة على تحقيق نصر من الفوضى أو الصراع البيني الاشد خطراً على مصير كفاح شعبنا.
وعلى هذا الصعيد ينبه المجلس الوطني مناضليه الى مخاطر استسهال طريق الحرية بمواجهة احتلال بربري لا يقيم وزناً لحق، ولا يتمثل قيمة انسانية ولا دينية، بل كل القيم عنده تنحصر في قيمة القوة.. الغزو- الغنيمة.. الامر الذي يحتم وعي ما هية الصراع وشروطه، انطلاقاً من المضمون الرئيسي الباعث للصراع. كما ان ترجيح كفه العامل الخارجي في النصر هو ضرب من الوهم، ويكفي شعبنا تجربة حرب احتلاله عام 1994م فإذا لم يفرض الداخل ميزان قوى جديد، فلن يأتي الخارج ليقامر بمصالحه. ان الفرضيات والاحتمالات المبنية على مشاهد الحاضر السياسية والاقتصادية .. الخ هي احتمالات خاضعة للتطورات والاحداث السياسية والاقتصادية الخارجية والداخلية المستقبلية، دون شك، وهو ما يحتم الأخذ بمبدأ الديناميكية في التعاطي مع الأحداث، وعدم ادارة الصراع وفق آلية متجمدة على اطروحات قبلية (سابقة)، وانما ينبغي ادارة الصراع بعقل سياسي غير مقيدة مبادر في مواجهة المستجدات.
2- المرحلة الثانية:
اذا كان بلوغ هذه المرحلة من اعادة بناء دولتنا المأمولة بأمان، مرتبط بمرحلة السيطرة على الاوضاع واعادة سير الحياة الى طبيعتها السابقة لأحداث اللحظات الأخيرة من مرحلة التحرير فإن هذه المرحلة تمثل عنوان مستقبل الدولة وطبيعة نظامها السياسي، ولذلك فهي مرحلة دقيقة وحساسة لا تحتمل القرارات غير المحسوبة، وتقتضي، لتوفير مناخ الهدوء والطمأنينة الشعبية، رسم الاسس النظرية والخطوات العملية بدقة وشفافية تحدد الهوية السياسية للدولة كنهج يحرم استخدام السلطة كوسيلة للسيطرة او الاستبداد السياسي والفكري وللاستئثار بالثروة، وذلك وفق مبادئ وطنية وأسس ملزمة يتم التوافق عليها بين كل التعبيرات السياسية الوطنية الجنوبية، والتي يرى مجلسنا اهمها فيما يلي:-
1- الاسلام دين الدولة عقيدة وشريعة.
2- لغة الدولة هي اللغة العربية وانتمائها القومي العربي العائدة بشخصيتها الدولية الى الجامعة العربية.
3- علم الدولة ونشيدها الوطني يتم التوافق الوطني حولهما عشية الاستقلال.
4- يخضع اسم الدولة لإستفتاء شعبي بعد ان تستعيد الدولة شخصيتها الدولية السابقة (ج.ي.د) المعلنة في 21/5/1994م.
5- الديمقراطية: نهجاً سياسياً يكفل التعددية السياسية والفكرية، ويصون مبدأ التدوال السلمي للسلطة، ويكفل حقوق المواطنة دون تمييز، كما يلتزم مبدأ صيانة حقوق الانسان وحرياتة العامة بما فيها حق التعبير عن الرأي (وحق التفكير) وفقاً للعهود والمواثيق الدولية الكافلة لجملة الحقوق التي تصون كرامة الانسان وتحمي حياتة كحق مقدس ويلتزم بإعادة بناء دولة عصرية مؤسسية يسود فيها الدستور والقانون، الجميع فيها سواسية امام القانون من الرئيس الى ابسط مواطن من مواطني الدولة، فمجلسنا الوطني يؤمن بأن لا ديمقراطية ولا حرية الا في ظل سيادة الدستور على الجميع دون تمييز.
6- العمل على تعزيز مبدأ الفصل بين السلطات الثلاث (التنفيذية والتشريعية و القضائية) وضمان ذلك دستورياً وفرض تطبيقة بقوة القانون وارادة الرأي العام المعول عليها، بدرجة اساسية، في حماية مكتسباتها.
7- الأخذ بالليبرالية السياسية والاقتصادية (حرية السوق) كمبدأ اساسي ، لكن ذلك لا يعني تطبيقه حرفياً دون مراعاة لخصوصيات مجتمعنا وظروف خروجة من تحت الاحتلال التدميري، حيث يحق للشعب بإعتبارة صاحب الارادة السائدة ان يأخذ من الليبرالية الاقتصادية ما يحقق مصالحة ويخدم تقدمة واستقراره، كالأخذ بالديمقراطية السياسية والديمقراطية الاجتماعية معاً، لضمان الحرية السياسية والعدالة الاجتماعية..الخ.
8- يتم تغيير شئون الحكومة الانتقالية وفق القوانين الصادرة قبل الاحتلال، وما سيتم التوافق عليه في الحوار الوطني.
9- تأمين الخدمات الضرورية للشعب وتعزيز الاستقرار الأمني والمعيشي، الذي يمثل شرطاً مركزياً لأحداث تنمية اجتماعية و اقتصادية.
10- خلال الفترة الانتقالية يكون شكل الدولة بسيطاً (دولة مركزية) ويتم العمل بما يقره التوافق الوطني حول شكل الدولة، او اخضاع شكل الدولة السياسي للإستفتاء ضمن الاستفتاء على اسم الدولة، أي هل يتم الأخذ بشكل الدولة المركزية ام الفيدرالية ام حكم محلي واسع الصلاحيات شكلاً ومضموناً.
11- تشريع قوانين دستورية المصدر :
أ- قانون يحرم استخدام القوة في العلاقات السياسية بين الاحزاب والتنظيمات السياسية ويلزم كل اطراف العملية السياسية (الحاكم والمعارض) العودة الى الحوار السياسي وحل الخلافات سلمياً. ويتيح قيام احزاب سياسية لا تخضع لشروط تعجيزية ويكتفي بالزام الاحزاب الجديدة بأن تسجل نفسها لدى الجهة ذات العلاقة المنظمة كمؤسسة قانونية.
ب- قانون يحرر الصحافة من هيمنة الدولة، ويفتح المجال امام حرية الرأي والتعبير واصدار الصحف والمجلات وانشاء دور النشر وكل وسائل النشر والتوزيع... وإنشاء اذاعات وقنوات تلفزيونية حرة.. إلخ. أي تحرير الاعلام من الهيمنة السلطوية..
ج- قانون للقوات المسلحة يحدد مهامها ويكفل حياديتها ومعها المؤسسة الأمنية بحيث يحرم عليهما التدخل في الصراعات السياسية بين الاحزاب وبما يجعل منهما صمام أمان للاستقرار السياسي في الوطن ووظيفتهما الاساسية حماية الحدود السيادية للدولة وتطبيق القانون فقط.
د- قانون يجرم تسييس الوظيفة العامة، ويجرم استخدام الحزب الحاكم المعين للمال العام والوسائل الدولة او القوات المسلحة والأمن واي حزب يثبت عليه استخدام وسيلة من وسائل الدولة في أي استحقاق انتخابي او تسخير المشاريع الحكومية للدعاية الانتخابية وغير ذلك، يحرم من خوض الاستحقاق الانتخابي – للدورة ذاتها – حرماناً تاماً.
هـ- قانون للأسرة، يحمي المرأة من التمييز ومن عبودية الرجل، ويمنحها كامل حقوقها وبما لا يتعارض والنصوص الدينية القطعية وبالاخذ بجانب العدل من تشريعات الاسلام.
12- ومن بين المهام التي تنهض بها الحكومة الانتقالية التي تدير شئون البلاد عقب الاستقلال والمكونة من:
1- رئيس ونائباً للرئيس.
2- حكومة انتقالية يتم تشكيلها على اساس وطني يخضع لمعايير الكفاءة والخبرة والاخلاص وليس على اساس توازن مناطقي او غيره من الحسابات المضرة بالمصلحة الوطنية.
3- مجلس وطني مؤقت (برلمان).
4- مجلس قضاء:- يشرف ويعيد بناء السلطة القضائية ويسهم مع الحكومة في تقديم مشاريع القوانين الى المجلس الوطني (البرلمان) ومن المهام المرتبطة بدور الحكومة في هذه المرحلة كما يرى المجلس الوطني ما يلي.
أ- اعادة بناء القوات المسلحة والأمن على اساس وطني.
ب- استعادة الحقوق الخاصة بشعبنا تلك التي تضمنتها اتفاقية انهاء الاحتلال والمسؤوليات المترتبة على احتلاله لأرضنا، كالتعويض عن الثروة المنهوبة والحقوق الخاصة والعامة.
ج- متابعة الهيئات الدولية المختلفة لإستعادة عضوية دولتنا فيها.
د- متابعة الاحتلال على جرائمه ضد انسانية بحق شعبنا، اذا لم تكن وثيقة انهاء الاحتلال قد تضمنت حلاً لها.
هـ- تنظيم وادارة حوار وطني ديمقراطي توافقي، تقدم له الاسس وتهيئ المناخ لإنجاحه.
13- الفترة الانتقالية تتحدد بفترة لا تقل عن سنتين ولا تزيد عن ثلاث سنوات، أو بما يقره حوارتوافق بين قوة الاستقلال عشية استلام السلطة من الاحتلال (القوى السياسية التي ادارت معركة تحرير واوصلت الاحتلال الى التسليم بحق شعبنا في الحرية الاستقلال والحوار على هذا الاساس).
14- حوار القوى الوطنية الجنوبية في المرحلة الانتقالية، الذي تلتزم الحكومة الانتقالية بتنظيمة :
أ- وفقاً للفقرة (12-هـ) تنظم الحكومة حواراً بين القوى الوطنية الجنوبية لإقرار الاسس والمبادئ التي على اساسها تتعين ماهية السلطة السياسية (الدولة) بعد اعادة مؤسساتها في المرحلة الانتقالية ولا يجوز تغيير ما تم اقرارة والتوافق عليه في هذا الحوار الا بتوافق وطني جديد، اقتضتة المصلحة الوطنية العامة.
ب- يحق لقوى الحوار ان تتفق على مرجعية مؤقتة، لإدارة الحوار بينها، ومنحها صلاحية البت في القضايا التي فشل المتحاورون في الاتفاق عليها، لا سيما القضايا التفصيلية المضامين.
وعلى الحكومة في فترة الحوار الذي يرتب له ما بعد اعلان الاستقلال وتشكيل الحكومة المؤقتة ان تنهض لانجاح الحوار ما يلي:
1- اعداد قضايا الحوار وترتيبها حسب اولوياتها كمشاريع تخضع للمناقشات والاغناء من قبل لجان الحوار قبل ان تصبح (قضايا الحوار) ملزمة للجميع.
2- الدعوة لحوار القوى الوطنية الجنوبية السياسية وممثلي الفئات الاجتماعية المختلفة.
3- اعلان نتائج الحوار للشعب، ومن ثم تحويلها الى برامج عملية، بعد تقديمها الى البرلمان واقرارها، ليتم تطبيقها كأساس للنظام السياسي عبر التشريعات والسياسات بإعتبار نتائج الحوار الوطني (عقداً اجتماعياً) معبراً عن الارادة الشعبية الممثلة في لجان الحوار الوطني، ولا يحق تغييرها الا بإجماع وطني جديد.
4- في فترة الحوار تمارس الحكومة الانتقالية مهامها المتوسطة بها بصورة كاملة، بإعتبارها مكلفة بتحمل مسؤولية انجازها مهمة اعادة بناء الدولة بناء يؤهلها للإنتقال الى مرحلة ادارة الدولة الوطنية المكتملة المقومات.
مهام الحكومة الانتقالية
صلاحيات الرئيس :
1- يمثل الدولة داخلياً وخارجياً .
2- يصدر القوانين التي يقرها المجلس الوطني (البرلمان) ولا يحق له اصدار قوانين بقرارات الا اذا خول له حوار القوى الوطنية اصدار قوانين بقرارات لضرورة حماية الدولة من المخاطر المستجدة.
3- يصدر القرارات المقدمة اليه من الحكومة مع رئيس الحكومة.
4- يشرف على اداء الحكومة ويوجهها عند الضرورة.
5- اعلان الدستور بقرار يصدرة بعد اقرارة في البرلمان والاستفتاء عليه من قبل الشعب.
اما النائب فمهامة معروفة وصلاحياتة نيابية تكاملية مع رئيس الدولة، فهو من ينوب الرئيس في حال غيابة او تمثيلة في المحافل الدولية.
وظائف الحكومة الانتقالية:
• تقوم بمهمة اعادة بناء مؤسسات الدولة ومقوماتها التي دمرها الاحتلال.
• العمل على تنظيم وانجاح الحوار الوطني.
• تعد الموازنة العامة وتحدد طرق تحصيل مواردها.
• تقوم بمعالجة الاضرار الناجمة عن سنوات الاحتلال ومتابعة التعويضات المستحقة المادية والمعنوية.
• تستكمل معالجة ما تبقى من آثار قانوني التأميم والاصلاح الزراعي الصادرين بعد الاستقلال الأول.
• العمل الدبلوماسي المثابر على استعادة عضوية دولة الجنوب المستقلة في المنظمات العربية والدولية واستعادة اعتراف دول العالم بها.
• اعداد مشروع الدستور والقوانين وتقديمها الى المجلس الوطني (البرلمان).
• تنظيم الاستفتاء على الدستور وغيره والتهيئة السياسية والقانونية لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية (ومحلية) ولضمان بناء دولة وطنية ديمقراطية، تؤكد الحكومة الانتقالية رعايتها لها عملياً تلتزم بالتالي:
1- لا يحق للرئيس ونائبة ترشيح نفسيهما في الاستحقاق الانتخابي الاول.
2- ينطبق على رئيس واعضاء الحكومة الشرط نفسة بعدم الترشح في اول انتخابات ديمقراطية تنافسية.
3- بحق للحزب او الائتلاف الفائز في الانتخابات ان يسند مهاماً وزارية لأي من اعضاء الحكومة الانتقالية، وذلك من منطلق ان حرمانهم من خوض الانتخابات، يضع الحكومة في موقف المنظم المحايد والمسؤول المؤسس لنهج ديمقراطي عملي ورعاية التجربة وانجاحها.
الفصل الثاني
مرحلة الدولة والسيادة الوطنية
ان المجلس الوطني اذ يرسم افقاً لمستقبل نضال شعبنا للتحرر والاستقلال من استعمار بدائي متخلف، كي يضع الجماهير في الصورة الواضحة من مستقبل نضالها، وليطمئن مناضلوا شعبنا الميامين ان تضحياتهم سوف تثمر وطناحراً آمناً يسوده العدل والانصاف والحرية وستحقق حلم شعبنا في استعادة دوره ومكانته بين الشعوب.. الخ.
فإن مجلسنا اذ يرسم الافق السياسي لقضية كفاحنا، يدرك بأن الطريق شاق و وعر ومعقد، لكنه يؤمن ايماناً عالياً بالنصر، ولهذا فهو يقدم برنامجاً سياسياً، يحمل مادة فكرية مرحلية واستشرافية للشعب الجنوبي الحي المكافح ويطالبه بإبداء الرأي بحرية وشفافية حول مجمل القضايا المطروحة للنقاش في هذا المشروع القابل للمراجعة والتعديل والتطوير في خضم معركتنا العادلة ضد الاحتلال. ويقصد مجلسنا بمرحلة الدولة السيادية، مرحلة استعادة اركان دولتنا : (أي الأرض والسكان والسيادة والحكومة) وسيادة الدولة على كامل ترابها وحدودها البرية والبحرية المعروفة دولياً واستكمال البناء المؤسسي لدولة النظام والقانون والديمقراطية الشكل والمضمون السياسيين وليس استعادة النظام السياسي السابق لإعلان مايو1990م الذي اصبح جزءاً من ذاكرتنا الجماعية بحسناتة وسيئاتة.
ويرى مجلسنا انه كي يتم ضمان فاعلية وهيبة الدولة ولكفالة توظيف سلطاتها القانونية لصالح المجتمع وخدمة تقدمه في شتى مناحي الحياة السياسية الاقتصادية الاجتماعية والعلمية وتمكينه من حقه السيادي في الحكم وفق عقد اجتماعي (دستور) يعبر عن هذا الحق، بتشريع يجسد الارادة الشعبية بإخضاع الحاكم والمحكوم، الغني والفقير.. الخ. لسيادة القانون، وذلك من خلال المرتكزات المبدئية التالية:
1- التسليم غير المشروط بأن كل سكان الدولة مواطنين لا (رعية) يكفل الوطن والانتماء المشترك اليه، كافة حقوق مواطنتهم دون تمييز. ومبدأ الشراكة هذا يقرر مساواة الجميع امام القانون من رئيس الدولة الى ابسط مواطن في اطراف الدولة.
2- يخضع كل مواطني الدولة للمحاسبة القانونية من الرئيس الى اصغر موظف في جهاز الدولة طالما ارتكب خطأ.
3- الفصل بين السلطات (التنفيذية والتشريعية والقضائية) للحيلولة دون استئثار احدى السلطات بالهيمنة على بقية السلطات والمؤسسات القانونية.
4- اخضاع العلاقة بين السلطات لمبدأ الرقابة المتبادلة فيما بينها، وتعزيز دور الرقابة الشعبية على مستوى الالتزام بالقوانين من قبل سلطات الدولة ومن قبل موظفيها واجهزتها المختلفة .
5- الالتزام للدستور والقوانين ولا يحق تعديلة او تعطيل مادة في الدستور الا بإستفتاء شعبي.
6- تحدد الفترة الزمنية لرئاسة الدولة بفترتين لا تزيد عن 8 سنوات، كل دورة 4 سنوات ومدة البرلمان 4 سنوات ايضاً دورياً.
7- وبناء على ما تقدم يمكن فهم وظيفة سلطات الدولة على النحو التالي:
أ- تطبيق الدستور والقوانين وتشريع واصدار القوانين الجديدة التي تقتضيها حالة التطور الموضوعية سياسياً واقتصادياً وثقافياً وعلمياً.. الخ.
ب- لعب دور المطبق، المسؤول قانوناً، للحقوق المكفولة دستورياً لمواطني الدولة، كالتوزيع العادل للثروة، وتكافؤ الفرص، وضمان الحقوق والحريات العامة، وصيانة الحقوق الفردية كالملكية الخاصة وغيرها.
ج- تطبيق مبدأ سيادة القانون على الجميع دون تمييز.
د- توفير الاستقرار الامني والمعيشي للسكان، وتوفير للخدمات العامة وكفالة التعليم والتطبيب وحماية المجتمع من الأمراض العصرية الوافدة، ومن السلع والأدوية التجارية المهربة، ومن خلال فرض الرقابة التجارية و الصحية على الواردات واخضاعها لمقاييس الجودة العالمية.
هـ- ادارة الموارد البشرية والمادية، ادارة علمية مسؤولة، لتحقيق تنمية وطنية شاملة.
و- اتباع سياسة خارجية تقوم على اساس المصالح المشتركة مع العالم وبما يؤمن مصالح الدولة ويسهم في خدمة اهدافها الداخلية بأبعادها السياسي والاقتصادي والعلمية والامنية.. الخ.
ز- أي ان وظيفة الدولة هي خدمة المجتمع، وليس العكس المجتمع في خدمة الحاكم . وضبط هذه الوظيفة لا يتأتى الا من خلال سيادة الدستور، وتأمين نظام سياسي ديمقراطي يؤمن تبادلاً سلمياً للسلطة عبر آلية ديمقراطية تحول دون الاستبداد السياسي او الشمولية الفكرية.
على صعيد السياسة الخارجية
ان السياسة الخارجية للدولة، أي دولة، هي انعكاس لسياستها الداخلية، وبما ان الدولةالتي يناضل المجلس الوطني مع كل قوى الجنوب لاستعادتها واعادة بنائها،تقوم على اسس ديمقراطية تمثل احد ابرز مكونات المنظومة السياسية والقانونية، للدولة ، فإن سياساتها الخارجية سوف تقوم على :
1- التفهم الواعي للتطورات والاحداث الدولية العاصفة التي شهدها عاملنا المعاصر على صعيد انهيار التوازن الدولي وما استتبع ذلك منذ انهيار جدار برلين، وكذلك استيعاب ما احدثة التطور التقني والتكنولوجي لا سيما في مجال الاتصالات وتقنية المعلومات، وما احدثته (العولمة) من بتدلات على المستوى المحلي والدولي.
2- ولذلك سوف تعمل دولتنا المستقلة – بإذن الله – من وعي المتغيرات الدولية على استعادة علاقاتها بالمؤسسات الدولية والاقليمية (الامم المتحدة والجامعة العربية ومنظمة الدول الاسلامية) وفي المؤسسات الدولية الأخرى، واقامة علاقاتها الدبلوماسية مع كل شعوب العالم، وفي مقدمتها الدول العربية، على اساس عدم التدخل في الشئون الداخلية وعلى قاعدة المصالح المشتركة واحترام سيادتنا الوطنية.
3- احترام كل المواثيق والعهود والقوانين الدولية الخاصة بحقوق الانسان وحرياته العامة وغيرها، وعكسها في دستور الدولة وقوانينها وستنظم الى كل المعاهدات الدولية الجديدة التي لم توقع عليها بسبب خضوعها للإحتلال.
4- تبني سياسة منفتحة غير مقيدة بنصوص ايديولوجية او مواقف مسبقة مع كل شعوب ودول العالم بما يخدم المصالح المشتركة لشعبنا والشعوب الشقيقة والصديقة، وفي مقدمتها دول الجوار العربية.
5- التزام مبدأ الحوار لحل الخلافات السياسية وغيرها، وستتبنى سياسة رافضة لكل اشكال الارهاب مهما كان مبررات ممارسته ومسمياتة.
6- سوف تتكفل دولتنا بحماية مصالح الدول الشقيقة والصديقة على اراضيها، وستقدم كل اسباب التسهيل وتيسير سبل الاستثمار للرأسمال العربي والأجنبي، بما يساعد على احداث تنمية اقتصادية وعلمية في بلادنا.
7- سوف تقف دولتنا الى جانب الشعب الفلسطيني الشقيق في نضاله لإسترداد ارضه وبناء دولة المستقلة وعاصمتها القدس وسيقف شعبنا مع حق اشقائنا في فلسطين وبمقدار حجم الألم والقهر اللذين ذاق مرارتهما تحت احتلال الاشقاء في (ج.ع.ي) الذي لا يختلف الا بمسمى وجنس ودين المحتل، ليس الا.
8- سيقف شعبنا الى جانب كل الشعوب المناضلة ضد الاستبداد والمكافحة لنيل حقها في تقرير مصيرها بنفسها.
-انتهى- 22/12/2008م
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق