بسم الله الرحمن الرحيم
المجلس الوطني الاعلى لتحرير واستعادة دولة الجنوب
أفـــــــكار أوليــــــــــه في :الحـــــركــة الشعبيـــة الجــــنــــوبيــــــة
توطئـــــــــه :
بماذا يقاس الموقف المخلص والصادق للفرد أو الجماعة ألمعينه , من قضية شعب الجنوب المتمثلة بالخلاص من الإحتلال والنضال من اجل تحرير الأرض والاستقلال واستعادة الدولة الوطنية الجنوبية وكامل سيادتها على ترابها الوطني؟؟
هل بموقفه الواضح من ماهيَة ألازمه التي أنتجها فشل مشروع } الوحدة { السياسية غير المدروس وتحوَله إلى احتلال لدولتنا من قبل ( ج.ع.ي ) . ؟؟
بمعنى أخر تبنيه هدف الاستقلال واستعادة دولة الجنوب ،واستعداده الطوعي للتضحية في سبيله وتأكيد ذلك في خطابه السياسي وفي انتمائه سياسيا إلى التجمع السياسي / التعبير الشعبي الذي حمل راية هذا الهدف بوضوح دون خوف أو مواربة ،إن لم يكن من المساهمين في بنائه ؟؟ !!
وبالتالي تطابق سلوكه النضالي ، بل مرتقيا مع وإلى مصاف الشروط والقيم الكفاحية التي يدعو إليها لتحقيق الهدف الكبير؟؟.
هل في الإجابة على هذا السؤال المتفرع يتم القياس ، فنيل الفرد السياسي أو التجمع السياسي الثقة الشعبية باعتباره واضح الموقف قولا وفعلا ؟
من منطلق أن التفتيش في ضمائر الناس يقَيض الروح النضالية ولا يسهم في خلق وحدة مناضلين نذروا أنفسهم لهدف وطني نبيل ، تجمعهم آصرة اقوي وامتن من روابط القرابة والمصالح الذاتية هي آصرة الحق المشترك والمصير الواحد وصناعة تاريخ مشترك بالدم والألم ووحدة الإراده والسباق على التضحية والتقليل من دور وتضحية ال "أنا " الفردية بمقابل الإكبار من دور وتضحية الآخرين ، الذين يكوَن الفرد معهم الذات النضالية الواحدة (سواء كانت هذه الذات حركة تحرر شعبيه أو تنظيم سياسي تحرري ...الخ ) حيث تأخذ العلاقة الداخلية للذات الجماعية الكفاحية الموحدة صورة الجسد الواحد ، الكل فيه مسئول عن الكل ، بمعنى أن الفرد مسئول عن الكل ( الذات الجماعية ) والكل مسئول عن الفرد ( = العضو في الجسد) . الكل يشعر بمسؤوليته نحو ذاته الجماعية بما هي " أنا " الجماعة النضالية والحرص عليها سابق على الحرص عن ألـ " أنا " الفردية . والحفاظ على عضو من الجسم مسؤولية الجسم كله ، وعقله بالذات ( = هنا قيادته ) والعكس والفرد في سبيل الحفاظ على الجسم كله ، احد عوامل بقاء الذات النضالية الجماعية القادرة على بلوغ أهدافها القريبة والبعيدة بما أن ذلك شرط مركزي لمفهوم (وحدة بين مناضلين ) وان هشاشة هذه العلاقة في بنية الذات السياسية الشعبية الكفاحية تجعل من وحدة الهدف والمصير ضرب من الأحلام ليس إلا . أي إن ذلك من أهم شروط الذات الكفاحية القادرة على الفعل ( = شرط الضرورة ) أي مركز دائرة مطلب (التنظيم ) الذي يعنيه مفهوم " وحدة المناضلين " إضافة إلى وحدة الهدف الاستراتيجي وبرنامج سياسي مرحلي إضافة إلى قواعد كفاحية ملزمه تنظيم العلاقات والمسؤوليات الفردية والجماعية بناء على طبيعة الصراع وإشكاله ووسائله التي يتبناها التنظيم المعين انطلاقا من رؤيته ألاستراتيجيه لخوض الصراع والتكتيك المرتبط بالهدف وأساليب النضال .
تبدو المسالة شديدة المثالية هذا صحيح من وجهة نظر التفاوت بين الإفراد في وعي ما اجتمعوا من اجله وفي مستوى إدراك شروط بلوغه وفي النزوعات والمطامح الشخصية المشروعة وغير المشروعة فضلا عن اختلاف النفسيات ، وفي قدرات الناس على تحمل المشاق ، وامتصاص الضربات والنكسات فالقلة هم الذين لا يجد اليأس إليهم طريقا وهم في اقسى وأحلك الضروف ، وينطبق عليهم القول ، بان المناضل منتج دائم الأمل . وهؤلا هم القادرون على قيادة الثورات إلى النصر ، كما تخبرنا التجربة الانسانيه في هذا المضمار . ولا شك إن تجربة الصراع المريرة ومخاطرها تهذب وتصقل مدارك وسلوك المناضلين ، كما تصلب قدراتهم لمواجهة الشدائد بحنكه وشجاعة تتعاظمان يوما بعد يوم .
الحركة الشعبية بين مبدأ التعدد وهم التَو حد
إلى أي مدى يصدق القول بان الحركة الشعبية الجنوبية بكل فصائلها المعلنة – بمعزل عن تفاوت أحجامها وفاعليتها – موحده في هدفها السياسي والاستراتيجي ، وبموقفها السياسي من القوى السياسية والاجتماعية الجنوبية الأخرى أي القبول بمبدأ التعدد والتنوع في الحاضر والمستقبل ... الخ ؟؟. إذا كان الأمر كذلك ، فالسؤال المنطقي الواجب علينا الرد عليه هو :
لماذا انقسمت الحركة الشعبية إلى أكثر من تيار / فصيل مستقل ؟ ومتى ؟ ومن ثم لماذا لم تسهم في توحيد الحركة الشعبية لا قبل ولا بعد التعدد ؟ " = نقصد وحدة الهدف الاستراتيجي وما يرتبط به " .
في البدء دعونا نعود قليلا إلى الوراء نراجع شيئا من الذاكرة ونتصفح بعقول تبحث عن مواطن الداء ، عن الأسباب التي قادت شعبا إلى هذا المصير اللا أنساني ، كي تضع يدها على الداء ومن ثم تحدد العلاج أو تتجنب السير في حقل الاوبئه " = العلل السياسية والاجتماعية والثقافية " التي أدت إلى خطر فقدان شعب الجنوب ليس لهويته ، بل والى تعرضه لخطر محو وجوده كشعب ساهم هو – وان بمستويات مختلفة – في صنع ماساته .
1- لنقرأ صفحة سنوات الثورة ضد الاستعمار البريطاني , لا سيما صفحة القوى السياسية حينذاك . كم عدد الأحزاب السياسية إضافة إلى الجبهة القومية وجبهة التحرير ؟. أولم تكن ثمة رؤيتين سياسيتين حول طرد المستعمر ؟
طرف تبنى النضال السلمي من قبل إعلان ثورة 14 اكتو بر 1963 م المسلحة التي تبنتها الجبهة القومية كخيار وحيد . وانقسمت قوى خيار الثورة المسلحة إلى جبهتين – كما نعرف - وكانت النتائج كما نعلمها .
2- دور المسلمات الايدولوجية في الفكر القومي والمسلمات التاريخية الزائفة في قرار قادة الجبهة القومية الذي الحق إقليم الجنوب العربي السياسي , بإقليم سياسي أخر اليمن " = الجمهورية العربية اليمنية " ما مستوى العقلانية والموضوعية السياسية فيم حدث عشية الاستقلال " ج. ي . ج . ش " وفي 22/ 6 / 1969م " = ج . ي . د . ش" ؟؟
إلى أي مدى كان القراران صائبان ؟. هل كان للماضي ... للتاريخ الصحيح حضور ما عند اتخاذ القرار ؟ هل بني القرار على دراسة مستقبلية أم على مسلمة إيديولوجية استعلت على الواقع , أم لحسابات تخص أصحاب القرار ؟ وكما هو معروف تاريخيا فإن فكر الشعب الواحد واليمن الواحد , لم تطرح إلا في منتصف القرن العشرين , وتحديدا في بيان الاتحاد العمالي بـ " عدن " وذلك في 3 مارس 1956م , أما قبل ذلك , حتى لدى قادة حركة 1948م ضد الإمامة , فاليمن هو الممتد من قعطبة حتى صعده حسب الشاعر عبدا لله البرد وني .
3- دون الحاجة إلى ما أحدثته أزمة الهوية الوطنية في الجنوب - الدولة – في إلغاء الصفة العربية العامة والجنوبية خاصة , وتحريم ربط الأسماء الشخصية بهوية المكان الذي تمت تغطيته بهدف لم ينجح في اتخاذ الصراعات السياسية بعدا مناطقيا برغم طابعها السياسي العلوي" = داخل قيادة سلطة الحزب الواحد " وألان أليس السؤال مشروعا عمن كان المستفيد من فرض إلغاء اقتران الأسماء الشخصية باسم القبيلة أو بالمنطقة ؟ وها قد أثبتت التجربة أن الانتماء إلى فكرة ما , لم ولن تترسخ بقرار قسري وان الهوية وعلاقتها بالمكان لا تحول دون قيام مجتمع موحد ومتجانس ومتصالح في ظل دولة العدل والمواطنة المتساوية .
4- قرار الوحدة السياسية الاندماجية بين دولتي " ج . ي . د . ش " والــ " ج . ع . ي" في 22 مايو 1990م ما مدى عقلانية القرار وواقعيته ؟ . بأنه بعد أن وقع الفأس في الرأس - كما يقولون – أكتشف الشعب المخدوع بأنه كان قرارا حماسيا , عاطفيا , متعجلا وغير مدروس , لم يراع حق شعب الجنوب كطرف رئيس , فيحميه باتفاقيات مشروطة في حال غدر الأخر به وإشهاد المنظمتين الرئيسيتين : الأمم المتحدة , والجامعة العربية على الاتفاقيات الدولية بين الدولتين وشروطها كاقل ما ينبغي أن تعمله قيادة سياسية تتحمل مسؤولية دولة ( شعب وارض وسيادة وطنية ) فبرغم تنازل قيادة "ج . ي . د . ش " عن رئاسة الدولة والعاصمة وعن وعن ... لم تحافظ على حقنا في التمثيل السياسي في مجلس النواب للحفاظ على التوازن السياسي لحق نص عليه إعلان الوحدة . ( لم يفصح احد عن الأسباب بعد).
5- لم يتم الأخذ بقاعدة أن الوحدة مع الأخر تستلزم وحدة الذات وهو ما لم يتم التفكير به و و ... الخ فان تنشد وحدة بين شعبين , يلزمك أن توفر كل عوامل وأسباب وحدة شعبك ... ثم ما مدى وحدة وانسجام الذي ستتوحد معه ؟. ناهيك من أن تجمع مجتمع دولة مع شعب يعيش مرحلة ما قبل الدولة , الإشارات أعلاه أردنا باستعراضها السريع فرملة اندفاعنا القائم على الرغبة والعاطفة أكثر من الاتََكاء على العقل لاننا هكذا نهدر العقل , بوعي وبدونه – غالبا – ولا نعود إليه إلا حين توشك دورة العاطفة على الانتهاء , وتكون العودة إلى زوادة العقل أشبه بهروب المحاصر من زلزال مباغت فاللاعقلاني هنا تعني التعاطي مع اللحظة الزمنية - الحدث – وكأنها لحظة مستقلة عن الماضي مفصولة عن شبكة العلاقات الجدلية لأحداث ووقائع الزمن الحاضر " = زمنها الداخلي والخارجي".
وبتحرر من أسئلة المستقبل وعبئ الإجابة عنها لأنها عملية مقيدة لاندفاع العواطف وثقافة " اليوم خمرا وغدا امرأ ". بمعنى أخر : اللاعقلانية واللاعلمية هما أن يتم النظر إلى النتيجة باستقلال تام عن الأسباب والمحركات الداخلية والمؤثرات الخارجية " = الموضوعية ". فمثلا : كثيرا ما نقرا ونسمع من يقولون أن فشل مشروع الوحدة اليمنية !![ يعود إلى شن " ج . ع . ي " الحرب على " ج . ي . د . ش " واحتلال أراضيها عام 1994م وبذلك تكون وحدة 22 مايو المشئوم قد انتهت ... الخ .
هنا – وفي هذا التفسير – يتم فصل الحدث " = الحرب " عن الأسباب والنزوع الداخلي للحدث ودوافعه السياسية والاقتصادية ... الخ . بما أن الحرب نتيجة لسبب بنيوي في مضمون المشروع أولا وفي المخيال السياسي لقوى الحرب ثانيا . هذه التي كشفت ممارساتها عن حضور فاعل لثقافة الغزو والغنيمة السبئية . وفضلا عن التناقض في بنية ثقافة الشعبين وأسلوب حياتهما وفي المصلحة ... الخ 0 ناهيك عن استحالة الجمع بين دولة مدنية مع مجتمع لا يعرف الدولة ويعيش مرحلة ما قبل الدولة بقرون , حيث لا زالت كل الأزمنة وصراعاتها قائمة من الرق إلى الرأسمالية "= تذكروا مأساة مئات الأسر في منطقة الجعاشن , وبيع العبيد في حجة , والحروب القبلية اليومية ..الخ "
وما ليس هنا مكانه من أسباب كان لا بد أن تفضي إلى ما أفضت إليه ولذلك يقال أن " وحدة مايو" انتهت بحرب احتلال الجنوب في 7/7/1994م " = كنتيجة خاطئة لمقدمات خاطئة " نعم . فلو أن ثمة وحدة سياسية تمت ] وحدة [ بما تعنيه من اندماج وضمان المصالح المشتركة لطرفيها ... الخ. لما تحولت الفترة الانتقالية إلى حملة إرهاب فكري وسياسي وتصفوي استهدفت الجنوب وممثله السياسي "الاشتراكي" ولما انقسم الشعبان في انتخابات ابريل 1993م في نتائج تصويتهما كلا إلى جبهته السيادية والسياسية ومن ثم لن تحدث حرب احتلال الجنوب ولكن الوحدة لم تتم حتى يقال أنها انتهت , بيد أن إعلانها كمشروع , قد وفر لعقل القوة وثقافة الحرب السبئية إمكان تحريك المخيال السياسي لقوى الحرب , لتحقيق رابطة الانتقام من الخصم القديم وتدمير دولته والاستيلاء على أرضه وثرواته ولا شك أن الدراسة العلمية ستنقلنا إلى سؤال أخر هو : هل كان محتوم أن يتم الإعلان عن مشروع وحدة سياسية بين صنعاء وعدن , لتمكين الأولى من الهيمنة على الثانية ؟؟ بالعودة إلى قرار قوى استقلال الجنوب عشية الاستقلال وما تبعه عام 1969م وما ترتب عن ذلك من شعارات ومسلمات إيديولوجية كرستها سلطة الاستقلال في الوعي الاجتماعي الجنوبي , وطبيعة الحوارات ما بعد حرب 1972م و 1978م التي جرت حتى نوفمبر 1989م , تحت مسلمة " إعادة وحدة اليمن " وليس وحدة قطرين عربيين كبقية الأقطار العربية ... الخ . أن ذلك وما لم نذكره , يقولان , أن نعم . لان كل تلك المقدمات ليست صحيحة فأفضت عقلا ومنطقا , إلى نتيجة خاطئة , هي فاجعة الشعب الجنوبي الذي زيف وعيه وابتلع وهم المسلمات الإيديولوجية والتاريخية الزائفة , فأعطى كل شيء لصنعاء ليحظى بجزاء "سنمار" من رئيس الدولة إلى فراش في مؤسسة حكومية نهبت برغم انه يملك ثلثي الأرض و 85% من الثروة ويملك اكبر شريط بحري ( 2000كم) / غني بالثروات السمكية ويتمتع بالسيادة على واحد من أهم الممرات البحرية الإستراتيجية في العالم وعدد قليل من السكان فقد أعطى كل شيء ولم ياخذ شيئا وفوق ذلك عومل كفرع مفصول عن جذوره " عودة الفرع إلى الأصل " .
وللإجابة عن سؤال : لماذا تعددت قوى النضال السلمي في الجنوب ومتى ؟.
تعالوا نتساءل هل بمقدور شعب الجنوب, ولا سيما مجموع الحركة الشعبية , قواعد وقيادة أن يعترف بأنه كشعب : بإفراده وفئاته الاجتماعية وأطيافه السياسية , قد أسهم بنسبة 60 % من الهزيمة أن لم نقل أكثر لصالح " ج . ع . ي " ؟. سواء عبر مشاركة مباشرة في الحرب ضد أهله وناسه وأرضه , أو بخيانته أو بتخاذله أو بتعاونه , كطابور خامس أو بوقوفه متفرجا ...الخ .؟ فضلا عن غياب عامل التعبئة للحرب في الجنوب . وتأخر قرار فك الارتباط إلى 21 مايو 1994م بينما تمت التعبئة لجيش وشعب الـ "ج . ع . ي" وإقناعهما بأنهما سيخوضان حربا ضد الشيوعية وتحرير الجنوب من الكفار ليرفعوا شعار " حرب الردة والانفصال " بما هما مفهومان يجمعان بين الديني والسياسي في آن . وتأسيسا على ذلك , الم يكن الوعي بحقيقة ومضامين الحرب واحتلال الجنوب نحا منحا العلاقة الفردية والجمعية بأطراف المعركة ؟؟ .
- المشارك في الحرب اعتبر هزيمة شعبه نصرا له , أيضا . بمعزل عن نوع المشاركة فمثلا : ]طرف شعر بالنصر على الخصم السياسي الجنوبي متناسيا أن خصمه ليس كل الشعب , وطرف رأى في هزيمة الجنوب انتصارا لعقيدته الدينية بطابعها الإيديولوجي وثالث : تشفيا بقيادة الجنوب التي انتقلت إلى صنعاء دون أن تفكر بمصيره , وعادت لتطالبه بالدفاع عن الوطن ، بعدما غدت في نظره قيادة فاشلة سياسيا وفقدت ثقته وولاءه . ورابع : توهم بان الأمر سينتهي بحسم المعركة ، ولن تتعرض حقوقه للعدوان مسقطا تجربة الصراع السياسي في الجنوب على تلك الحرب . وخامس : في الشتات . لم يفق من الصدمة ، أو انتصر فيه الإحباط فعاد إلى صنعاء مسلما بالأمر الواقع . وسادس : وهم الشهداء والجرحى ومن تبقى من المقاتلين والسياسيين ، الذين هزتهم الهزيمة ولكن القلة منهم هم من وعوا قضيتهم مبكرا . فكم استغرقت الشعب هذه الحال بين منتمي للنصر أو مناصر له آو قابل به ، أو متذمر أو مراقب آو معارض ؟؟ .
وخارج الشركاء في تحقيق هزيمة شعبهم ، كان التبرؤ من الهزيمة يتم بتحميل مسئوليتها أصحاب القرار ، وعلى غرار القول " الهزيمة يتيمة والنصر له ألف أب " وبرغم رحلة الألم والعناء وحدوث مالم يدر في خيال الجنوبيين المشارك في صنع فاجعة شعبه وغير المشارك ، ووصول غالبية الشعب إلى قناعه معجونه بالقهر والحرمان ... الخ إلى أن ثمة عائق ذاتي ، داء لم تبرا منه النخب " مجازا " أن ذلكم التعدد المتصارع الفهم والمواقف إيزاء الاحتلال العسكري لدولتنا ونتائجه الكارثيه ، قد آسهم في :
1- الإبقاء على خارطة الصراع ألسياسيه ألجنوبيه – ألجنوبيه كما كانت قبل الاحتلال ، ولكن بصيغه مقلوبة هي تغيير الأدوار أي تبدَل الدور والمكانة بين شركاء نصر الاحتلال وضحايا هزيمة الغدر الجنوبيين ، زد إلى ظهور طرف جنوبي آخر إلى شركاء نصر الاحتلال ، هم شريحة الإسلام السياسي بطرفيها الجهادي والسياسي – أي تنظيم القاعدة كما عرف عنهم – والمنتمين سياسيا إلى حزب الإصلاح – اضافه إلى المنتمين للحزب الحاكم العسكري " المؤتمر الشعبي العام " .
2- تشكيل شريحة مصالح مرتبطة بالاحتلال " شركاء الاحتلال " ومن تعاونوا معه ما بعد الاحتلال ، سواء كانت المصالح سياسيه آو اقتصاديه آو البحث عن دور ولو كان مجرد عين أمينه ، آو للحفاظ على وظيفة ما إداريه ، بعد ما أصبحت الوظيفة مسيسه بإطلاق .
3- تعدد أشكال المكاسب المرتبطة بالحرب ارتباطا باتجاه قواها ألسياسيه والايديولوجيه كمضاهر تطغي على الأهداف ألاستراتيجيه للاحتلال } مثلا قوى الإسلام السياسي جمعت بين تحصيل المكاسب ألسياسيه والايديولوجيه في الجنوب ، وفي الدستور الذي وقفت ضده عام 1990م ففرضت بالحرب تعديله . قوى الثأر السياسي : القوى المتضررة من إجراءات دولة الاستقلال ، التي ساهمت في صنع نصر للأخر ، واعتبرته سبيل استعادة الحقوق والمكانة واستعادة الدور وانتزاع الحقوق التي ترى أن الاشتراكي " قيادته " استولت عليها في زمن سابق . آما قادت الحرب وأمراء القبيلة : فإستراتيجيتهم اشمل وأعمق : هيمنه سياسيه واقتصاديه وطمس هوية ... الخ { .
4- آسهم في منح الاحتلال فرض أجندته بصوره مكشوفة، دون خوف من ردة فعل شعبي جنوبي ، معتمدا على إبقاء خارطة الانقسام بغلبة الموالاة المدعومة منه . وعلى نفسية القوى العسكرية القبلية التي لا ترى قوة أخرى في الشعوب غير قوة السلاح . وطالما السلاح انتزع من يديها فان تعويلها على العمل السياسي ضعيف غير مؤثر ، كما اعتقدت قوى الغزو والغنيمة ، التي سرحت جيش وامن دولة " ج.ي.د.ش " المهزومة دون تقدير للنتائج .
5- استمرار التأثير القمعي لخطاب التكفير الديني والسياسي ، إلى ما بعد عام 1997م تقريبا – باستثناء صوت الرفض في حضرموت الذي خرج من عنق الصدمة ، بقيادة المناضل حسن باعوم 1997ـــــ ابريل 1998م ثم يونيو 1998ـــ 2001م – حتم - اللجان الشعبية – في الضالع ثم في اغلب محافظات الجنوب 1999ـــ 2001م.
6- وقس على ما سلف موقف الجزء الأعظم من بسطاء الشعب البعيدين عن مربع السياسة والشؤون العامة هذه الحال لازمت الغالبية الشعبية الجنوبية حتى الحزب الاشتراكي لم يجرؤ على توصيف المضمون الحقيقي للحرب وكل ما فعله هو " إدانته للحرب وإدانته - لما اسماه - الانفصال" حيث ساوى بين الباطل والحق . وكرس وصف ( الحرب الأهلية ) مع بقية القوى السياسية الشمالية المعارضة لسلطة صنعاء ولم يتعدى تيار إصلاح مسار الوحدة في الاشتراكي العشرون عضوا في قيادة الاشتراكي من الجنوبيين خلال الفترة من 2001 – 2006م.
7- بمعنى آخر أن الموقف من الوضع المفروض قسرا على شعب الجنوب منذ عقد ونيَف , لا زال متعددا حتى اليوم . ولا يعني أن طغيان الصوت الراهن عن احتلال الجمهورية العربية اليمنية لدولتنا وأرضنا يعطينا حق النضال من اجل التحرير واستعادة دولتنا المستقلة يعني أن كل قوى الحركة الشعبية قد حسمت التعريف وحددت الهدف بوضوح تام , عن قناعة وعي بجوهر قضية شعب الجنوب . إذ لا زالت المفاهيم والاصطلاحات السياسية في الخطابات السياسية الجنوبية غير موحدة الدلالة. فمثلا ] القضية الجنوبية [ : لقد غدت تأخذ معنى الهدف لدى البعض وليس حقا موضوعيا غير قابل للتقادم . والفارق كبير بين الأمرين . فمن يراها هدفا يجعل نفسه بطل إخراجها, وليس العكس بأن موضوعيتها هي التي أخرجت قواها النضالية , تنتصر لها , كحق , لا بد أن يستعاد عن طريق التحرير واستعادة الدولة الوطنية الجنوبية المستقلة , كما يرى طرف آخر – محقا – وثمة من لا زال ينهل من المفاهيم التي كانت من ضمن الأسباب التي قادت الجنوب شعبا ودولة إلى هذا المصير ألفجائعي .
8- لا زالت أزمة الهوية الجنوبية , التي استنهضها خطر الطمس , محل خلاف داخل الحركة الشعبية شبه المنظمة فثمة من يرى أن إعادة أزمة هويتنا , التي قادتنا إلى ما نحن عليه , إلى جذر المشكلة تشكل استهدافا لثورة 14 أكتوبر ولتاريخ الحزب الاشتراكي , وطرف أخر يرى ان تقوم ثورتنا السلمية على وعي بجذر قضيتنا السياسي والجيو – ثقافي مثل " التجمع الديمقراطي الجنوبي – تاج " . الأمر الذي خلق ساحة لجدل عقيم لم يميز بين مفهوم الدولة والنظام السياسي . أي بين ما هو ثابت وما هو متغير . فالدولة ليست النظام السياسي وحدة . وإنما عنصر للسيادة أي بسط سيادة الدولة على الإقليم السياسي كله كشرط من شروط المفهوم السياسي للدولة , وما يرتبط به من تنظيم دستوري وقانوني ... الخ.
فالممانعة لدى الرافضين التصريح بجذر القضية الوطنية الجنوبية , يدافعون عن ممانعتهم بذريعة أن القائلين ( بالجنوب العربي ) يريدون إعادتنا إلى زمن ما قبل الاستقلال " 1967م" أي إلى سلطنات ومشيخات وإمارات " إلى النظام السياسي السابق للاستقلال ", كحجة للرفض تجد قبولا لدى جزء مهم من الشعب وداخل هذا الطرف يوجد من لا يمانع عن كشف جذر القضية , لكنه يرى أن التمسك بدولة "ج ي د ش " مبررا قانونيا من منطلق إنها الدولة التي اتحدت مع" ج ع ي " وإنها الدولة المعلنِة عن فك الارتباط في 21 / مايو / 1994م من قبل قيادة الجنوب ذاتها التي اعلنت مع قيادة " ج ع ي " اعلان 22 مايو 1990م وعند نيل بلادنا استقلالها الثاني تطرح التسمية لاستفتاء شعبي .
إما المتمسك " بالجنوب العربي " فيرى أن " يمننة " الجنوب هي جذر قضيتنا , واستنادا إلى التاريخ فان الجنوب لم يرتبط ولم يتوحد قط مع " اليمن " وبالتالي بان بقاء اسم " اليمن " في مطلب الاستقلال غير منطقي وان العالم لا يرى حق الاستقلال لجزء من دوله واحدة , وان وجدت مشكلة ما فتحل في إطار الدولة ذاتها , لا الانفصال عنها . أي أن تميز الهوية السياسية والثقافية والجغرافية وحق السيادة ينبغي أن لا يرتبط بـ " اليمن " وإما النظام السياسي المتغير فلا بد أن يكون نظاما عصريا , في دولة ديمقراطية ... الخ .
باختصار : حجتهم تقوم على أن القول بـ" أننا من اليمن " فمنطقيا أن تحل قضيتنا في إطار دولة اليمن ال" ج . ي " وحتى المتمسكين باستعادة " ج ي د ش " يصبح مأخذهم على الطرف الأخر مأخذ عليهم . أي هل يعنون بأنهم سيستعيدون ألدوله ونظامها السياسي السابق لعام 1990م .؟ أذا كان الأمر كذلك فمن سيقبل به في الجنوب ، ناهيك عن الخارج ؟ وبالنتيجة لا نظام ما قبل الاستقلال ممكنا ولا قبول نظام ما قبل 1990م السياسي مقبولا أن لم يكن مستحيلا .
ولا ننسى قوى المصالح الجنوبية ( مناصب – مقاولات صغيره – الخوف على المصالح كالتجار مثلا ) المرتبطة بالاحتلال التي ترى بان حل القضية الوطنية الجنوبية يجب أن تتم في إطار "الوحدة " المزعومة ؛ وهذه تسهم في قسط معين في خدمة الاحتلال ، من خلال التأثير على شخصيات سياسيه أو اجتماعيه وربط البعض بمصالح معينه لفرملة اندفاعهم حتى ينفصلوا عن الحركة الشعبية وتحييد البعض وتيئيس البسطاء ، فضلا عن الأفراد الذين ينجح " العطاء السياسي " في شراء ذممهم وفي أحسن الأحوال في شراء صمتهم . الفارق أن الأول يوظف في خدمة أجندة الاحتلال في الجنوب متى ما طلب منه ذلك ، أما الثاني فيلزم الصمت والحياد وهو أهون الشرين – وهذه هي الورقة الجديدة للاحتلال بعد ما تفككت تحالفاته السابقة ابتداء من عام 1997م . ( وبماذا تصف " جونجويد " الاحتلال الجنوبيين اليوم؟ ) .
إن ذلك التنوع ، بما هو احد ابرز حقائق المجتمع الإنساني وتأكيدا لسنة الله في خلقه لابد، من وجهة نظر سياسيه واقعيه ، أن يأخذ مكانه في خريطة القوى الاجتماعية الجنوبية عند النظر في مفهوم الوحدة والاختلاف ، داخل الذات الجنوبية عامه ، والحركة الشعبية بوجه خاص .
وان نمر عبر الحقائق التي طفت كمظاهر رفض آو مقاومه للاحتلال منذ 7/7/1994م الأسود . بمعزل عن الدور الذي لعبه هذا الشكل الكفاحي آو ذاك ومدى تأثيره السياسي في وقته ، بقدر ما تكمن أهميته في انه شكل من أشكال التعبير السياسي والشعبي المناهض للاحتلال العسكري ، باسم ما لم يكن " الوحدة" / الاسطوره من قبل شعب الجنوب ، الذي ينبغي أن يأخذ مكانه في سجل تاريخ شعب الجنوب الكفاحي المعاصر " إن الجنوب يصنع تاريخه بمواجهة تاريخ الأخر المغتصب" . أن العبور من دلالات وأبعاد وأشكال النضال التي ظهرت في الجنوب حتى 7/7/2007م سوف يساعد على فهم وإدراك حركة وسيرورة الحركة الشعبية الجنوبية الراهنة . ومن ثم لماذا أفضت إلى تعبيراتها السياسية – الشعبية ] = لا نستطيع أن نطلق عليها تنظيمات سياسية أو حركات سياسية تحررية , لأنها لم تنضج بعد وعجزت حتى اليوم من التحول إلى تنظيم [ ويمكن رصد أشكال الرفض الآتية :-
- الجبهة الوطنية للمعارضة ( موج ) في الخارج : لم تقدم فعلا سياسيا ملموسا فسقطت كما ولدت.
- مقاطعة الاشتراكي لانتخابات 1997م البرلمانية ، فرضتها اراده جنوبيه داخل قيادة الاشتراكي – يومذاك.
- حركة الاحتجاجات السلمية في حضرموت 1997- 1998م .
- ظهور حركة تقرير مصير الجنوب العربي ( حتم ) 1998 - 2001م .
- اللجان ألشعبيه التضامنية 1999 – 2001م .
- تيار إصلاح مسار الوحدة في الاشتراكي 2001 – 2006م .
- التجمع الديمقراطي الجنوبي ( تاج ) 2004م ولا زال تنظيما له خطابه السياسي المتميز المبني على هدفه المعلن .
- الحركة التصالحية ( التصالح والتسامح والتضامن الجنوبي - الجنوبي ) 2006م .
- جمعيات المتقاعدين العسكريين والأمنيين 2007- 2008م.
- جمعيات الشباب والمناضلين وملتقيات التصالح والتسامح في المحافظات .
إن كل شكل نضالي أدى دورا معينا في فترة ظهوره واستمراره وحمل الأهداف التي تتوافق مع ظروف مرحلته الزمكانيه ، باستثناء حركة (حتم ) ألمسلحه التي رفعت هدف تقرير مصير الجنوب العربي قبل غيرها من أشكال النضال والتعبيرات السياسية والشعبية الجنوبية . وهذا لا ينفي أن طلائع الرفض كانت تبني على أساس بلوغ هدف الاستقلال . ولا شك بان التأصيل النظري للقضية الوطنية الجنوبية ، وتحريك الشارع تحت لافتات مطلبية أو تضامنية أو احتجاجية ، كان لها دورا مهما في إحداث حركة أفقية في الوعي وفتحت الإمكان الفردي والجمعي للاسئله عما حدث ويحدث من ممارسات همجيه بحق الأرض والإنسان في وطننا المستباح ، وشرع جليد الخوف الذي حاصر الغالبية العظمى من الشعب يذوب يوما عن يوم وبمستويات مختلفة من فرد إلى أخر ومن منطقة إلى أخرى ، وفقا لحرارة المناخ السياسي الرافض الذي اخذ أشكالا حسية – ميدانيه للتعبير عن رفض ومقاومة إجراءات القمع والقهر والإذلال وجملة جرائم الفاتحين ( الأشقاء الغزاة ) .
وبرغم ما أحدثته أشكال النضال المذكورة أعلاه ، إلا أن ثمة حلقة مهمة كانت مفقودة في سلسلة كفاح شعب الجنوب هي حلقة توحيد الإرادة التي لم توفر وحدة المعاناة بدونها إمكان اكتمال سلسلة الوطن المجهد الكفاحية إلى أن كانت فكرة التصالح والتسامح والتضامن الجنوبي – الجنوبي التي بدأت من جمعية ردفان في " 13 يناير 2006م" ليستعيد بها النسيج الوطني الجنوبي لحمته الممزقة فيدرك موطن قوته وبالنتيجة يعي سبب ضعفه وما أوصله إلى ما هو عليه من ضياع واستلاب وهوان .
وإذ شكلت عملية التصالح والتسامح نقلة مهمة في بحث شعب الجنوب عن ذاته المستهدفة بالمحو من خريطة الوجود السياسي والجيو – ثقافي . فقد جاءت جمعيات المسرحين العسكريين والأمنيين لتقود هذا التحول النوعي في مسيرة الشعب الكفاحية ، لتحقق نهوضا شعبيا قويا ، وان عفويا قام على جسر التصالح والتسامح ليشمل كل الجنوب ، وتلتف حوله كل قوى الجنوب الحية .
ولعل ابرز محطات هذا التحول ، الذي أزعج قوى الاحتلال كانت أساسا في فعالية 7/7/2007م في ساحة العروض بعدن ، وفعالية 2 أغسطس 2007م ، وفعالية 1 سبتمبر 2007م في عدن وملحمة المنصة – ردفان في 13 أكتوبر ثم 14 أكتوبر 2007م وقبل ذلك مذبحة 10 سبتمبر 2007م في الضالع . ثم ما تلا ذلك من تعبيرات ومصادمات مع أجهزة الاحتلال العسكرية القمعية .
} خلال الفترة حتى 30 نوفمبر 2007م ثم وبوضوح اكبر في 13 يناير 2008م كان الاندفاع الشعبي الغاضب بعفويته ، غير آبه بالخطاب السياسي ، أكثر من التعبير غير المنظم عن غضبه ورفضه لواقع مهين يزيد كل يوم سوءا . وهو ما تجلى بعدم التزام الجمهور – في كل مناسبة – للشعارات التي يطلب منه أن يرفعها { .
ولكي نقارب بالأحرى نجيب عن السؤال المركزي لهذه القراءة ، عن الأسباب التي أدت إلى تعدد المكونات السياسية للحركة الشعبية التحررية ينبغي ألا نتجاهل محطة من محطات النضال التي كان لها اثر مفصلي في تطورات الحركة الكفاحية . فلنأخذ فعالية 30 نوفمبر 2007م – في عدن . دعا لها مجلس تنسيق المتقاعدين الأعلى – نائب رئيس المجلس وقت كان فيه رئيس المجلس ناصر النوبة وحسن باعوم في السجن .
ما الجديد في الأمر ؟ دعت الأحزاب السياسية المعارضة في " عدن " إلى تشكيل لجنة تحضيرية من الأحزاب والجمعيات ... الخ لفعالية 30 نوفمبر 2007م ، بعد أن دعا لها مجلس تنسيق المتقاعدين، ففرضت نفسها كلجنة تحضيرية سيطرت على الفعالية وتبنت قيادتها وخطابها السياسي وبيانها ، ليطغى على بيان مجلس التنسيق الأعلى لجمعيات المتقاعدين ، ثم فعالية التصالح والتسامح في عدن 13 يناير 2008م . وحدث الشيء نفسه حيث قامت أحزاب المعارضة وجمعيات المتقاعدين العسكريين بالتقاطع مع دعوة هيئة ملتقيات التصالح والتسامح العليا بقادة المناضل حسن باعوم التي دعت إلى فعالية 13 يناير 2008م وشكلت لجنة تحضيرية للفعالية . وكانت النتيجة أن انزل بيانان إلى الفعالية . الأول : لهيئات التصالح والتسامح العليا تضمن تعريفا للقضية الجنوبية في أنها حق شعب الجنوب في النضال من اجل الاستقلال واستعادة دولته المستقلة وسيادتها على كامل ترابها . بينما تم حذف هذه الفقرة من بيان الأحزاب والجمعيات والمستقلين وما يرتبط بها من مفاهيم وأبعاد سياسية تؤسس لمرحلة خطاب سياسي يقرر المضمون السياسي للقضية الوطنية الجنوبية .
إن من يتتبع ويعيش عن كثب هذه التطورات يستطيع أن يضع أصبع الحقيقة على أول مظهر للاختلاف ، أي أن الخلاف ظهر في نوفمبر 2007م ولاسيما في فعالية التصالح يناير 2008م .حيث تشكلت الأغلبية من الجمعيات والأحزاب بصورة واضحة ( أحزاب المشترك وجمعيات المسرحين المتقاعدين والمستقلين ) لقطع الطريق على هيئة التصالح والتسامح برئاسة المناضل حسن باعوم بطريقة أكدت مرحلة المفاصلة في الهدف أي أن ثمة معطى سياسي جديد ، وفد إلى وسط الحركة الشعبية العفوية المغتلية أملا وثورة ، ذلكم المعطى برز في انقياد قيادات جمعيات المتقاعدين العسكريين لترتيب جديد في الدور القيادي ، تسلمته قيادة الاشتراكي " عدن " وجمعت معها أحزاب المشترك والمستقلين ...الخ . ( بالتأكيد استمر الدور القيادي لجمعيات المتقاعدين في المحافظات ).
أي أن ثمة تطور غير منظور تشكل داخل الحركة الشعبية غير المنظمة التي قادتها جمعيات المتقاعدين العسكريين والأمنيين هذا التطور سرعان ما برز في تشكيل هيئات موحدة في مديريات ردفان ، ثم تتالت الدعوات إلى بناء هيئات موحدة للمحافظات والدعوة إلى هيئة وطنية عليا للحركة الشعبية الجنوبية ...وكانت الضالع أول محافظة أعلنت عن هيئة للحراك السلمي بعد فشل الحوار مع هيئة التصالح والتسامح وجمعية الشباب وذلك في ابريل 2008م .( بعد بدء حملة ابريل العسكرية على الجنوب2008 م ) .ثم توالى إعلان هيئات الحراك في المحافظات ، وتبع ذلك وحدة مطلب تلك الهيئات مع مطلب الحزب الاشتراكي وقيادات الخارج الجنوبية المتمثل بمطالبة السلطة – هكذا – الاعتراف بالقضية الجنوبية .. لم يتعارض مع هذا الخطاب غير هيئة ملتقى التصالح والتسامح – الضالع التي تمسكت بخطاب سياسي جريء بطرح مطلب الاستقلال واستعادة دولة الجنوب ملتزما الهدف الذي تضمنه بيان هيئات التصالح والتسامح لفعالية 13يناير 2008م للتصالح والتسامح – عدن – برئاسة المناضل حسن احمد باعوم الذي كان يقبع في زنازين الاحتلال مع عدد من المناضلين ( مارس – سبتمبر 2008م ) ومعها أطراف أخرى غير منظمة وأفراد في محافظات أخرى .
احتدم الجدل السياسي حول مفهوم " القضية الجنوبية " وهدف النضال النهائي لشعب الجنوب داخل الحركة الشعبية وخارجها ويمكن تقسيمه " أي الجدل" إلى مرحلتين :
المرحلة الأولى : يوليو 2007م وبالدقَة يناير 2008م ـــ 31 أكتوبر 2008 م .
النهوض الشعبي الجنوبي الكبير لاسيما منذ 7/7/2008م فتح الأنظار على ما يدور في الجنوب ثاقبا بالونه المنتصرين . وقوبل هذا الزخم بتعدد المواقف وارتباكها داخل نخب الحكم والمعارضة السياسية في صنعاء ، وحتى لدى النخبة المثقفة من كتاب وصحفيين ... الخ . ( فهم من أطلق وصف حراك على حركة شعب الجنوب ) ، في البدء كان الهجوم قويا لدى غالبية الأطراف السياسية والإعلامية الرسمية والمستقلة والحزبية . ولكن ذلك الموقف المعادي ، بدأ يتفكك لصالح حركتنا ، إلى أن أصبحت " القضية الجنوبية " مدار اهتمام غير رسمي نظمت من اجلها الندوات والنقاشات ...الخ .
وفي الحصيلة ، اتضح – فعلا – أنها قضيه متعددة التعاريف ، تبعا لتعدد الخطاب من داخلها ومن خارجها وبالتالي تعدد المطالب ...الخ فكان الاختلاف في يناير 2008م على مضمون بيان الفعالية / يمثل حالة تمفصل داخل الحركة الشعبية برزت في نزول بيانين ، احدهما حدد الهدف ، باعتبار الهدف المركزي للقضية والأخر لا يرى ضرورة تحديد الهدف ، والتمسك بخطاب معتدل حتى لا يستفز الشعب في (الشمال) ...الخ من الحجج . وجاءت حملة ابريل 2008م لتفرز حصارها وإرهابها والزج بقيادات مهمة في زنازين الأمن القومي يصنعاء ومطاردة المئات ...الخ . ويتواصل الاختلاف في فهم القضية حتى أعلنت هيئة الحراك في الضالع ومثلها في بقية المحافظات ليستقر خطابها – كغالبية – عدا ملتقى التصالح والتسامح في الضالع – على مطالبة السلطة ( على السلطة الاعتراف بالقضية الجنوبية ) كل هيئات الحراك في محافظات الجنوب ، عدا محافظة حضرموت التي لم تشكل هيئه إلا بعد خروج باعوم من السجن ، وهيئة عدن التي التزمت خطاب الاستقلال إلى جانب هيئة التصالح والتسامح في الضالع . ظلت قضيتنا خاضعة لأكثر من تعريف وأكثر من خطاب ومطلب . مما جعل كتبة السلطة وخطابها يقيمون ثورتنا الشعبية ، بان أصحابها لا يعرفون ماذا يريدون ، ولذلك هم اعجز من أن يتحملَوا مسؤولية من يقودونهم وإيصالهم إلى هدف واضح .
التفاصيل عن هذه المسألة – لمن يحب الاطلاع – سيجدها في المادة السياسية التي انزلها المجلس الوطني الأعلى تحت عنوان (( الجنوب المحتل ومخاطر تعدد الخطاب)) .
لذلك كان السؤال المركزي المشروع هو / ماهي القضية الجنوبية ؟ وما الهدف المنشود من رفعها ؟ .
المرحلة الثانية : أكتوبر 2008م ــــ ابريل 2009 م . فشل الاحتلال في تحقيق هدفه بضرب الحركة الشعبية برغم إعلانه حربا عسكرية صريحة ضد شعب الجنوب المتمسك بخيار النضال السلمي ، فشل إرهاب ألدوله الرسمي " فرض الحصار العسكري على المدن الجنوبية ، وإعلان الطوارئ فيها ، والاعتقالات الهمجية لقيادات ومناضلي الجنوب السياسيين ، ومطاردة الآخرين واستخدام القوة المفرطة ضد المحتجين سلميا ...الخ " ولم تؤد المحاكمات الصورية أمام المحكمة الاستثنائية غرضها ، بل بالعكس خدمت الثورة الجنوبية . كما إن حملة الإرهاب – كحرب شاملة على الجنوب – قدمت القضية الوطنية الجنوبية للعالم أكثر فأكثر – إعلاميا على الأقل – وكلنا نعلم ( حرب ابريل - سبتمبر 2008م ) . الأمر الذي فرض على سلطة الاحتلال أن تفرج على أسرى الجنوب في سجونها وأبرزهم أولئك الذين تم نقلهم إلى سجن الأمن الوطني القومي بصنعاء وذلك في سبتمبر 2008م بعد أن امضوا ستة أشهر في أغلالهم وفي زنازين انفرادية تفتقر إلى أدنى حقوق الأسير ، بل ولا المعتقل السياسي . وهم المناضلون : حسن باعوم وعلي منصر محمد ويحيى غالب الشعيبي واحمد عمر بن فريد وحسين زيد بن يحيى وعلي هيثم الغريب وناجي العربي وآخرون .
في مهرجان 14 أكتوبر 2008م الذي نظم في ردفان الثورة ، وحضره ابرز قادة الحراك ولا سيما المفرج عنهم من زنازين صنعاء ( اختتم ببيان فعالية 14 أكتوبر 2008م بنص يقرر هدف نضال شعب الجنوب " وهدفنا الأساسي " هو اعتراف السلطة بالقضية الجنوبية وفقا لقراري مجلس الأمن 924 ، 931 ) في هذه المناسبة تواصل الحوار حول مطلب توحيد الحركة الشعبية في هيئة وطنية عليا وكان ثمة مبالغة في تقدير وتصوير العائق حيث صور الاختلاف في الهدف السياسي بين هيئة ملتقى التصالح والتسامح وهيئة الحراك في الضالع ، بأنه خلاف شخصي ، لا خلاف سياسي – رؤيوي حول مفهوم القضية الوطنية الجنوبية والهدف السياسي الاستراتيجي .
كانت الشخصنة وما زالت ، إحدى صور الإجهاض السري لكل تشكَل سياسي – معرفي – مقاوم يسعى للتحرر من غلِ العاطفة ومهاوي ثقافة التبرير هذه التي تختار السبل السهلة فتوقع أصحابها في شرك التسطيح هذا المفسر المجاني لمعادلات التلفيقية الذاتية ، بأحكام الرضى المرضي عن الذات . أي أن الأمر يتعلق بجدلية العلاقة السالبة بين العاطفة الرغبوبة وحقائق الواقع الذاتية والموضوعية فلكي يتيسر للحماسي الهروب من المواجهة القوية مع حقائق الصراع الجوهرية يقوم بتفسير الأمور كما يرغب أو يعتقد ، ليسقط عن ذاته مسؤولية البحث والتحليل الواقعيين من جهة ، وللهروب من دفع ثمن الموقف السياسي الواضح ، من جهة ثانية .
وأسهل الطرق أن يتم تعليق إشكالية ما إلى مشجب التبسيط المختلف ، أي المفسَرة من خارج مضامينها والمحددات الداخلية التي أظهرتها إلى السطح كإشكالية تنظيم جملة مشاكل بحاجة إلى وعي جدلياتها ...الخ . بمعنى آخر تجري عملية إسقاط للتقديرات الذاتية المستندة إلى الرغبة على الخلافات التي تطفو على السطح ، فتصف المشكلة كما تود لا كما هي أي من خارجها وليس من داخلها وقد كان انقسام الضالع خلف مشروعين سياسيين يتجلَيان في مضمون الخطاب السياسي لكليهما منذ يناير 2008م . الوسيلة المثلى للتملص من مبادرة المناضل " حسن باعوم " في دعوته إلى وحدة الحركة الشعبية بعد خروجه من المعتقل وذلك ما تجلى بيسر وبزمن قصير جدا ( رفض دعوة " باعوم " من قبل هيئات الحراك رغم كل الجهود التي بذلها ) ومن معه.
وإذ استجابت قيادة ملتقى التصالح والتسامح في الضالع لكل مبادرات التوحيد – يومئذ- مشترطة هدف الاستقلال واستعادة الدولة وقضايا أخرى ، كوثيقة ملزمة يتم التوقيع عليها من قبل الطرفين ، لكن الطرف الأخر ماطل وتهرب " هيئة الحراك " ولم يلتزم ما وعد به المناضل " باعوم "شخصيا ، إلا أن المواقف لم تتبدل والآراء لم تتغير إزاء جوهر التباين . وهو ما يعني بيان مطلب تجاوز أمراض الماضي وعلَاته ، ليس سوى شعار لدى البعض يرتدي حلة مطالب الحاضر ، بينما جلَ القيادات السابقة والشابة التي ترفع الشعارات تتنفس برئة الماضي نافثة ادراتها في هواء القيادات المخلصة ، معكرة المناخ الجديد الذي أنتجه الاحتلال فحرر الوعي الجنوبي من أوهام الوحدة وأساطير التاريخ الزائف ، ومن أمراض ماضي الجنوب وصراعاته القاتلة وهو ما قاد إلى عملية التصالح والتسامح الجنوبي – الجنوبي ، ابتداء من لقاء 13 يناير 2006م في جمعية ردفان بعدن ، لتقوم سلطة الاحتلال بإغلاقها قسرا – كما نعرف .
عموما ... محاولة استغلال مصداقية " باعوم " ونقاوة سريرته ، بالاستحواذ على كاريزميته لم تفلح أمام صلابة " باعوم" المعهودة ،وتمسكه بهدف التحرير واستعادة دولة الجنوب المستقلة . فما كان من المناضل " باعوم " والمؤمنين بالهدف ذاته ، إلا أن يتوجه بدعوة للجميع لحضور لقاء تشاوري ، لم يحضره غير المؤمنين بالهدف ومقاطعة " هيئات الحراك "في المحافظات باستثناء هيئة عدن وهيئة حضرموت التي يرأسها " باعوم " وهيئة التصالح والتسامح في الضالع ، وأفراد بصفاتهم الشخصية .
فتم الإعلان عن ميلاد المجلس الوطني برئاسة " باعوم " وأعلن المجلس في بيان سياسي وهدفه الكفاحي الذي ارتبط باسم " المجلس الوطني الأعلى لتحرير واستعادة دولة الجنوب المستقلة "في 31 أكتوبر 2008م وبرغم أن البيان اكد على قيادة مؤقتة للمجلس بهدف لمَ شمل الجميع ، إلا أن موقف هيئات الحراك لم يتزحزح بل تحول إلى هجوم ضد المجلس ورئيسه ، بلغ حد وصف المجلس بالتطرف الذي يخدم سلطة الاحتلال وارتكاب حماقة سياسية بإعلانه هدف النضال من اجل التحرير واستعادة دولة الجنوب المستقلة من خلال النيل من المجلس الوطني ومن كاريزما المناضل " حسن احمد باعوم" ...الخ . بيد أن هدف المجلس السياسي الذي عبر عن إرادة الشعب ، كان تعبير كذلك ليس عن جرأة المتبنين له وحسب بل وعن إيمان واعي لديهم بصحة ما أقدموا عليه من حيث :
1-ـ وجود الحاضن الشعبي للهدف ، القادر على حمايته ، أي نضوج أهم عوامل الحفاظ على الهدف والدفاع عنه ، بعد أن بلغت القناعة لدى غالبية شعب الجنوب بان لا تعايش مع قوى وثقافة الاحتلال ، وان الخلاص فقط بالاستقلال السياسي غير المنقوص أي استعادة دولته وسيادتها على كامل ترابها .
2- إن الوقت قد حان لتحرير القضية الجنوبية من تعدد التعاريف وتعدد المطالب وما يصاحب ذلك من خطابات سياسية متعددة حتى غدت القضية بذلك مادة للسخرية من قبل أعدائها ، وحتى من محايدين لتبدو الحركة الشعبية حركة فوضوية ، تجهل ما تريد ولا تملك إمكانية تحديد هدفها وكان ذلك تقدير سليم " = إعلان الهدف " أدى ثماره بوقت قصير ، وقد تجلَى ذلك في :
ا – إن الوضوح في الهدف ، سوف يجد التفافا شعبيا واسعا وهو ما حصل بالفعل وبفترة زمنية قياسية .
ب – قطع الطريق على كل المشاريع السياسية ما دون الاستقلال واستعادة الدولة الوطنية الجنوبية .
ج – توصيف صريح للواقع المفروض على دولة شعب الجنوب منذ " 7/7 " بأنه واقع احتلال عسكري بدائي صرف لايمت إلى الوحدة بصلة . وهو ما حرك الجمود في الشارع الجنوبي السياسي ، وأنتج الأسئلة المباشرة عن الهدف السياسي بنظر القوى الأخرى ولا سيما " هيئات الحراك " التي تشكلت قبل المجلس الوطني بثمانية أشهر .
وبما أن الحركة الشعبية عند ميلاد المجلس الوطني – لا تملك كيانا سياسيا موحدا ، فان المجلس الوطني مثل الإطار الموحد القيادة ، الذي أنجز في فترة زمنية وجيزة ، برغم كل العوائق التي نصبت له :
1- بناء فروعه في المحافظات والمديريات وصولا إلى القرى والأحياء السكنية " مراكز الشهداء " ( وهي تسمية هدفت إلى إعادة الاعتبار إلى شهداء الجنوب الذين كانوا ضمن أهداف طمس الهوية ومحو الوجود ) .
2- انزل مشروع برنامج سياسي ، اتسم بالوضوح التام في الهدف وفي جملة القضايا ذات الصلة بمرحلة النضال وبمرحلة الاستقلال وإعادة بناء الدولة وما بعد ذلك وحدد ملامح ماهية الدولة ... الخ . في وقت لم يجرؤ أي طرف سياسي على إيضاح هدفه فينزل برنامجه السياسي أو رؤيته السياسية عن ماهية القضية الوطنية الجنوبية وعن طبيعة الصراع وبالتالي تقديم توصيف واضح للوضع اللا إنساني المفروض على شعب الجنوب منذ " 7/7 " الأسود .
3- التزام خطابا سياسيا وإعلاميا يعكس الهدف السياسي المعلن ويجسد الوثيقة البرنامجية السياسية التي حددت رؤية المجلس لماهية الصراع ووسائله ... الخ .
وإذ كان مبرر " هيئات الحراك " عن عدم الاستجابة لدعوة المناضل " باعوم " والانضمام إلى المجلس الوطني بان إعلان المجلس كان متسرعا ومتطرفا إضافة إلى عدم وجود رؤية سياسية للمجلس الوطني ،وإذا كان بيان إعلان المجلس جلي الوضوح في الهدف السياسي وفي دعوته للحوار مع كل ألوان الطيف السياسي الجنوبي ، وتأكيده على أن إعلان رئاسة المناضل " باعوم " للمجلس إعلانا مؤقتا ، إلا أن إخواننا في قيادة هيئات الحراك أنكروا مساعي " باعوم " السابقة وتجاهلوا نصوص البيان الأول وما تلاه من بيانات وركزوا دعاياتهم وسط قواعدهم ضد المجلس ، محتجين بمفهوم " التحرير " بأنه ضرب من الهوس والتطرف ،فبماذا سيتم التحرير طالما والنضال سلميا ؟ - بنظرهم - ثم أن هذا المفهوم يمنح السلطة شرعية ضرب الحركة الشعبية عسكريا ... الخ .
لكنهم إذ يقبلون بهدف النضال من اجل استعادة دولة الجنوب المستقلة ، لم يتداركوا تناقضهم المثير ، فيتساءلون كذلك ، بماذا سيستعيدون دولة الجنوب المستقلة وخيار النضال سلميا أيضا ؟ .وكأن استعادة الدولة الجنوبية المستقلة سيتم بدون تحريرها من الاحتلال !! وكانوا مع الاستقلال واستعادة الدولة الجنوبية في الخطاب ألشفاهي غير الرسمي ، ويبررون خلو خطابهم السياسي من الهدف والاكتفاء بمطالبة السلطة الاعتراف بالقضية الجنوبية ، بالتكتيك السياسي وبلوغ الهدف بالتدرج ، من منطلق أن ألإعلان الصريح عن هدف الاستقلال ، سيستفز الشعب في الشمال وسيلتف حول السلطة ضد الجنوب ...الخ من الذرائع مثل أن قبول سلطة صنعاء ب " الفيدرالية " يمثل مكسبا للجنوب ، يسهم في تعجيل انتقاله إلى الاستقلال ، بتجاهل مفزع لمخاطر مترتبات الحوار مع سلطة الاحتلال حول شكل النظام السياسي ،بمنأ عن حرب احتلال الجنوب ونتائجها اللا شرعية بطابعها ألتدميري ( إنزال المجلس الوطني تعميما حول مخاطر تعدد الخطابات السياسية والحوار مع الاحتلال دون سقف الاستقلال بمعية مشروع البرنامج السياسي ، يمكن الاطلاع على جملة المخاطر بهذا الشأن في تلك المادة المعممة على فروع المجلس الوطني وقواعده ، وهي عبارة عن وثيقة نظرية تحليلية شخصت جمله من القضايا السياسية ذات الصلة بماهية الصراع ومخاطر التسطيح واللا حسم ...الخ) .
الدور المغيب للمجلس الوطني الأعلى لتحرير واستعادة دولة الجنوب المستقلة
إن المجلس الوطني إذ تعرض مذو إعلانه لحملة سياسية وإعلامية كبيرة ، ليس من قبل سلطة الاحتلال وحسب ، بل ومن أطراف سياسية في المعارضة السياسية وهو أمر متوقع – بالضرورة – لكنه أيضا عانى حملة تشهير اخطر من قبل بعض القوى السياسية والشعبية الجنوبية لا سيما من أطراف قوى النضال السلمي الجنوبي كما المحنا إلى شي من ذلك أعلاه . وعومل كخطر محدق بالقضية الوطنية الجنوبية ، الأمر الذي ضرب حوله طوق التعتيم الإعلامي ، حتى من قبل وسائل النشر المقروءة المتعاطفة والمتعاونة مع حركة النضال السلمي ولم يسلم المجلس من " الاشتراكي " حيث استهدف عبر حملة إعلامية موجهة ضد شخص المناضل " حسن باعوم " . وبرغم ذلك كله ، فان خطوته الجريئة تلك قد أكسبته ثقة جماهير الاستقلال ، ولا سيما عندما استطاع أن يقرن هدفه المعلن بمشروع برنامج سياسي واضح ، حضي بقبول شعبي واسع ، حتى لدى شريحة واسعة من غير المنتمين إلى صفوفه ولان من حدد اتجاه سيره ، غير ذاك الذي لم يحسم خط رحلته الكفاحية ، فان المجلس الوطني قد لعب دورا مهما في التطورات التي حدثت عقب الإعلان عن نفسه وأهمها :
1- ظهور مشاريع رؤى سياسية أبرزها رؤية الهيئة الوطنية للاستقلال كما قاد إلى حسم التردد لدى هيئات الحراك لعقد مؤتمرها في مارس من العام الحالي لانتخاب قيادة موحدة . وهو مكسب للحركة الشعبية ، ما كان له أن يتم لولا التغيير الذي أحدثه المجلس الوطني في بنية الحركة الشعبية العفوية على الصعيدين التنظيمي والفكر السياسي . فتنظيميا تمكن بوقت قصير من بناء إطار تنظيمي موحد القيادة كما سلف ونجح بتقديم نفسه كحامل لفكر سياسي واضح الأهداف الراهنة والمستقبلية على طريق تحوله إلى حامل سياسي للقضية الوطنية الجنوبية ، كتنظيم وليس إطارا شعبيا ، لولا المصاعب التي اعترضته كما المحنا إليها في هذه القراءة . وبرغم توحد " هيئات الحراك " في حركة " نجاح " إلا أنها لم تتم شرط وحدتها ، كتنظيم / أو حركة شعبية كفاحية لتأجيلها الشرط السياسي – النظري " = الرؤية السياسية " إلى أكتوبر القادم ، كدليل على أن حسم الهدف السياسي لديها لم يكتمل تبلوره في إطارها بعد .
ويبقى المجلس الوطني الفصيل المتميز في الداخل ، " وتاج " في الخارج اللذين حددا هدفيهما السياسيين بوضوح مشفوعين ببرنامجيين سياسيين وخطاب سياسي ملتزم الهدف المعلن وشروطه .
2- تحر ير القضية الوطنية الجنوبية من الغموض وتعدد التعاريف والتفسيرات والمطالب ، ومن مخاطر هذا التعدد في الخطاب السياسي وسيوله المربك لجمهور الثورة هذا الدور الذي يحسب للمجلس الوطني – من وجهتي نظر السياسة والتاريخ – ويجري تغييبه بوعي من قبل المستمرين على موقفهم السلبي من المجلس الوطني ، والذين ما برحوا يعملون على تفكيكه أو إذابته أو ضرب حضوره ، برغم انتقالهم غير المعلل لا تنظيميا ولا نظريا إلى القبول بهدف التحرير والاستقلال واستعادة دولة الجنوب ، كمجاراة للإرادة الشعبية الغالبة أو نزولا إلى مطلبها هكذا قبل الجميع بهدف المجلس الوطني حتى أولئك الذين اتخذوا منه سببا لمهاجمة المجلس والعمل على عرقلة توسع قاعدته الشعبية ، لكنهم لم يبرروا ويفسروا أسباب قبولهم بالهدف بين عشية وضحاها ، " لاسيما حركة نجاح " التي جعلت من الهدف عند إعلانه مبررا أخر لشن حملة التشهير ضد المجلس الوطني .؟؟ !! ومن ثم انسحابها من الحوار – كما سنوضح ذلك لاحقا – وهذا الإجماع هوى ما سعى وما برح المجلس الوطني يناضل من اجله ، ويعتبره مكسبا للثورة لتقريب اجل النصر – بإذن الله تعالى ــ .
المجلس الوطني : بين مطرقة الهدم وسندان التوحيد
إن تجربة شعب الجنوب منذ احتلاله في 7/7/1994م إذا ما أخضعت للدراسة والتحليل الواقعيين – وحتى لمن عاشها عن كثب ، كمشارك أو مراقب ، طوال 15 سنة من القهر والكفاح / النهوض والانكسار ، لوجد أن ثمة سمتان هما الأبرز وسمتا هذه التجربة ، وما برحتا تلازمانها حتى اليوم ، هما :
السمة الأولى: حيوية شعب الجنوب ، وعدم إذعانه للقهر والإذلال ، وعدم قبوله المبكر بشرعية القوة / الاحتلال - مع الإقرار بتفاوت نسبة الموقف المقاوم من منطقة إلى أخرى ومن شريحة إلى شريحة أخرى للأسباب التي اوضحناها في بداية هذه الدراسة المتواضعة – ولا شك بان طلائع الشعوب من أحرارها هم الذين يتحملون أعباء إيقاضها ورسم معالم ووسائل كفاحها للخلاص من مستعمريها المحليين أو من غزاتها الخارجيين .
وللإنصاف فان أداة التعبير السياسية للرفض المقاوم في الجنوب ، ولا سيما في السنوات الأولى التي أعقبت الاحتلال وهي مرحلة انقسام شعب الجنوب تحت غيبوبتين : قسم وقع تحت تأثير مخدر النصر الزائف على ذاته ( أهله وناسه ووطنه) وقسم واقع في غيبوبة صدمة الهزيمة العسكرية ، عاش جزء كبير من هذا يستجر أسباب الهزيمة لتبرير الذات الفردية أو لإدانة الأخر وتحميله المسؤولية الكاملة لاسيما صناع القرار . في هذه المرحلة الشاهدة على زهو المنتصرين المتعالي غرورا واستكبارا ، وعلى تواري مذهول للمهزومين وسط الصدع النفسي الجماعي وخلف الجرح المفتوح لخناجر الفتح والغزو والعدوان على الأرض والإنسان والتاريخ في الجنوب – ألدوله ، المستباح والمباح للسلب والنهب والفيد ...الخ الدولة الغنيمة ( غنيمة بحجم دولة ، حسب د ابو بكر السقاف ) .
في لج هذا اللامعقول ، الذي نجازف فنطلق عليه مرحلة السوسيو – سياسي في الجنوب ، الدولة المباحة : لم يكن أمام الجنوبيين غير " الاشتراكي" كمضلة سياسية ، يستطيعون تحتها أن يعبروا عن أنفسهم – للأسباب المعروفة طبعا – فكان الموقف السياسي الذي فرض على الحزب الاشتراكي عام 1997م بمقاطعة الانتخابات كان جنوبيا بامتياز . أي أن له دلالته السياسية الواضحة ، رفض انتخابات الاحتلال ( = كان الخطاب يومئذ يسميها انتخابات الحرب ) .
فتِحت مظلة " الاشتراكي " قاد المناضل باعوم نضال حضرموت السلمي 1997-- 1998 م ...الخ وكان لأعضاء " الاشتراكي " دورا متميزا في قيادة أشكال الرفض المختلفة في الجنوب ، لا سيما في مرحلة الشراكة الوهمية في نصر 7/7 حتى2007م وكما يسهمون في ألبنا يشاركون في عملية الهدم .
السمة الثانية : ( سمة الهدم) :- وهي سمة بارزة في كل مراحل تجربة النضال ، بإشكالها المختلفة ، منذ عام 1997م إن حيوية الجنوبيين ، إذ تشير إلى موروث ثقافي محرض على عدم التنازل من حق الحرية وعزة الإنسان وكرامته ، كوجه إنساني مشرق ، فان هذا الإشراق الايجابي المتجلي في ثقافة المقاومة للظلم والعدوان ، تنقصه روح الإيثار بتغليب ال" أنا " الفردية على ال" أنا " الجماعية ، باعتبار الأخيرة قوة تنظيم الكل من اجل المجموع والفرد . هذه الصفة في سلبيتها الهدامة ، تجد تعبيرها في خط الانحراف الذي يحدث في سيرورة الشراكة بين المساهمين في صنع الهدف / الفعل وهو انحراف واعي محكوم بنزعة شخصا نية مرضية ، مكابرة ، تدخل في صراع مع الذات الجماعية ، وتنسى الأخر ، العدو المشترك ، فتتوهم إثبات الذات الفردية / الجماعية من خلال هدم البناء الذي كان يضم الذات الجمعية مع إدراكه بأنه ذاته الفردية والجماعية لن تتأكد إلا من خلال ما قام بهدمه ، وهو هدم يخدم الأخر – العدو ويقويه ، لتبدأ رحلة البحث من نقطة الصفر عما يعبر عن الذات الفردية والجماعية المغيبة قسرا ،كما هو حالنا ، كشعب مستهدف ليس بطمس الهوية و حسب ، بل وبمحو وجوده ، باقتلاعه من أرضه .
فمثلا : تجربة حضرموت الريادية في النضال السلمي 1997 – 1998 م . إن تلك التجربة التي قادها المناضل " باعوم "ما كان لها أن تسقط ، بالأحرى تتوقف ، لو لم يشارك جزء من أبناء حضرموت في منظمة الاشتراكي تحديدا ، في تدمير زخم الرفض الحضرمي ، خدمة لطرف معين في قيادة الحزب الاشتراكي ، استهدفت " باعوم" لضرب النموذج الكفاحي الجنوبي الذي أبدعه .وكذلك اللجان الشعبية التضامنية ،لقد أسهم الاشتراكيون داخل هذه اللجان في تدميرها ، بإيعاز من مركز الاشتراكي الرافض لها علنا وكثير من المحاولات المخلصة لخلق شكل كفاحي منظم يسهم جزء من المعول عليهم في البناء في خلق أسباب الهدم قبل البناء آو بعده ولعل اظهر هذه السجية النفسية المعيقة للجهود المخلصة في بناء تنظيم وطني جنوبي كفاحي برزت كذلك – ضد المجلس الوطني الأعلى لتحرير واستعادة دولة الجنوب المستقلة ، بدءا بعملية اختراقه عبر عناصر ساهمت في إعلانه لتأخذ مواقع قيادية فيه ، سرعان ما انحرفت عن خط المجلس العام وتتفرد في رسم اتجاهات تحالفاته وتستغل مواقعها لتنظم أتباعا لها لا مناضلين في صفوف المجلس ناهيك عن حملة التشهير التي تعرض لها وما برح من مختلف ألوان الطيف السياسي الجنوبي ، ناهيك عن الأحزاب السياسية المعارضة – للأسف .
وإذ صمد المجلس في وجه الحملة من بعض أصحاب القضية ناهيك عن الاحتلال وتجاوز التعتيم الإعلامي ، كانت مبادرة ردفان للحوار وكدعوة مرتجلة ، فرضت أمرا واقعا إلا أنها أفضت إلى نتيجة طيبة أخرجت المجلس الوطني – لدى القاعدة الشعبية على الأقل – من دائرة المتهم بشق الصف الوطني الجنوبي وذلك بعد شهر ونيف من الحوار بين المكونات الأربع للحركة الشعبية ، الذي انسحبت منه حركة نجاح وأفضى إلى إعلان الجبهة الوطنية المتحدة " اتحاد جبهوي " . لثلاث قوى بعد انسحاب حركة نجاح النهائي من الحوار . لكن معوَل الهدم كان جاهزا ، فبدلا من إتمام الجهد السياسي العقلاني الضامن لتوحيد مستمر وناجح عبر حوار توافقي تم الالتفاف على الجبهة الوطنية المتحدة ، بإعلان زنجبار عن " مجلس قيادة الثورة " وهو بيان تمخض عن اتفاق لم يعرف حتى ألان من هو صاحب الدعوة له وكيف تم الاتفاق على قيادة موحدة خلال جلسة قات ؟ في الوقت الذي يؤكد فيه بعض من حضروا اللقاء ، بأنهم ذهبوا ولا يعلمون شيئا عن موضوع الدعوة " المناضل حسن علي البيشي مثالا " . وها أن المنسحبين من الحوار قبل إعلان زنجبار ، غدوا بعد هذا الإعلان يتفردون بكل شيء ، فحولوا المجلس المعلن عنه إلى ملكية خاصة بهم وباسمه يصدرون التحذيرات والوعيد لمن يخالفهم ، فارضين وصايتهم على الآخرين بيدِهم الأمر والنهي وما على باقي القوى إلا الإذعان والطاعة .
هذا السلوك عزز المخاوف ، وخلق علامات الاستفهام عن أسبابه وأهدافه ..لان من يسعى إلى التوحيد - حقا - يحرص أكثر من غيره على توفير عوامل الثقة ومد الجسور مع الآخرين ، والاستماع إلى وجهات نظرهم ، والقبول بمبدأ الحوار المسئول والشفاف ، ليس فرض الأمر الواقع عليهم باستغلال عواطف وحماس الجماهير نحو وحدة الحركة الشعبية الجنوبية ، لاصطياد الغير في مياه النوايا العكرة / المخاتلة . ولهدف تسجيل نقاط تفوق على المختلف معهم في الرأي ، لغاية غير بريئة تضعف الجميع . إن تفكيك المجلس الوطني عبر عناصر الاختراق وعبر إرضاء العناصر الأقل وعيا من قياداته اجلى بصورة مؤسفة الهدف غير المعلن من " الكلفتة " التي تمت في منزل الشيخ طارق ألفضلي . السؤال هو لمصلحة من نسف البنى الصحيحة وقيادة قوى الثورة الجنوبية إلى مربع الفوضى والتنافر ؟؟ . .
ابرز تداعيات إعلان زنجبار إن من ابرز تداعيات إعلان زنجبار كما برزت في الضالع بشكل كبير :
1- التفرد بإصدار البيانات ( الدعوات للاحتجاجات وغير ذلك باسم قيادة مجلس الثورة في المحافظة والمديريات دون أدنى اعتبار للقوى الفاعلة الأخرى ، ولاسيما المجلس الوطني الأعلى .
2- الترويج الدعائي والإعلامي عن وحدة اندماجية بين قوى الحركة الشعبية بينما تجري في الواقع ممارسات تنسف جسور التقارب ، وتخلق علامات استفهام خلف مؤشرات الخطر ، التي تفرق ولا توحد
3- استغلال تحفظات المجلس الوطني – بالذات – من الارتجالية والقرارات غير المدروسة ، كمادة للنيل من مواقفه بتصويرها تصويرا أحاديا مشوها ، أي رفض الوحدة الجنوبية ، دون مناقشة مضامين تحفظاته المنطلقة من حرصه على توفير ضمانات توحيد مستمر ، متماسك ، ينجح في أداء وظيفته الكفاحية ، باعتباره أداة قوة وليس غاية بحد ذاتها .
4- وبرغم أن " هيئة الاستقلال " لم تشترك منذ البدء في إعلان زنجبار وبرغم تحفظات ومقترحات المجلس الوطني لإنضاج الفكرة إلا أن ذلك لم يؤخذ بالاعتبار ، فتم الإعلان عن تسمية قيادة مجلس الثورة دون العودة إلى رئيس المجلس ولا إلى رئيس هيئة الاستقلال ، بطريقه استباقية غير مسئوله، لفرض أمر واقع ، كما توهم السائرون في هذه الفوضى السياسية ، ولو أن فرض الآمر الواقع أمر ممكن ، لما تفجرت ثورة الجنوب السلمية بوجه الاحتلال .
5- التمادي في ذلك السلوك السياسي غير المسئول ، كان لابد له أن يتوقف ، بفرملة اندفاعه المربك فاضطر المجلس الوطني ابتداء من فرعه في الضالع ، وصولا إلى تصريح نائب رئيس المجلس وتلاهما قرارات هيئة رئاسة المجلس الوطني الأعلى بتاريخ 27/6/2009م لتحديد موقف واضح إيزاء عملية هدم البنى السياسية القائمة بذريعة وحدة قوى الثورة الجنوبية وإن قادت – إن تمت – إلى الغرق في رمال الهشاشة وفوضى العفوية والارتجال السياسي للقرار .
6- استخدام عناصر الاختراق في المجلس الوطني لإضعاف موقفه في الوسط الشعبي ولا سيما لدى قواعده ، هذه التي أثبتت وعيا سياسيا عاليا ، مثَل الحصانة القوية للمجلس الوطني ، وتفوقت عمليا في انضباطها الكفاحي الواعي ، الكثير من القياديين الذين انساقوا بحماس عاطفي ، ليسهموا في تحقيق هدف تدمير المجلس الوطني الأعلى بمجرد أن وجدوا وعدا او إشباعا بترتيب أوضاعهم ، ليديروا ظهورهم للمؤسسة الكفاحية التي ما كانوا شيئا بدونها أي المجلس الوطني ..
7- إن واحدة من معطيات الخطر ، التي روج لها ، حاملوا هراوة التوحيد بأي ثمن ، لا سيما في الضالع ، هي التعالي – غير المحسوب – بدور الضالع ، حيث جرى تكريس فكرة أن ما سيتم في الضالع سيفرض نفسه على كل محافظات الجنوب ، ولذلك فلتبدأ عملية التوحد الاندماجي في الضالع تحت – ما لم يكن بعد – مجلس قيادة الثورة .. إن هذا الإفراط بتضخيم الذات الجزئية ، في إطار الذات الوطنية الجنوبية العامة ، هو احد مظاهر الإعاقة الذاتية المنتمية إلى الماضي بتجربته المريرة ،وقصر نظر سياسي له مخاطره في الحاضر وعلى المستقبل الذي ننشده متحررا من كل عوائق الماضي الثقافية والأمراض السياسية ، وهذا البعد ألنضري ما دون الوطني ، تصدت له قيادات وقواعد المجلس الوطني ، كاشفة بنيته الماضوية وتلفيقيته السياسية ( من المعطيات الأكثر بروزا لذلك المجلس : بيان نعي الشهيد " توفيق الجعدي " الذي نص على وفاة ليمنح سلطة الاحتلال صك براءة من اغتياله ؟ ) .
8- لم تكتفي أطراف إعلان زنجبار ، بقيادة حركة نجاح والشيخ طارق الفضلي ، بما أقدمت عليه ، وواجه ردود أفعال مغايرة ، وداعية إلى إيقاف الممارسات الغير مسئولة ، وانما واصلت تفردها بإعلان 2/7/2009م الذي تضمن استكمال قيادة مجلس قيادة الثورة ، بقائمة الأمانة العامة والناطق الرسمي ...الخ . وهو فعل يبرهن على :
أ- عدم براءة إعلان زنجبار ، وانه كان ضمن تدبير تم في ليل ، لتدمير البناء الصحيح الذي قام على حوار جاد مسئول وشفاف وتمخض عن الجبهة الوطنية المتحدة . فكان الهدف تدمير هذه الأخيرة لصالح العفوية والتفرد لطرف على كل الأطراف.
ب – إن حركة النضال السلمي " نجاح " انتقلت إلى شكل جديد للحفاظ على وجودها ، الذي أوشك بعد خروجها من حوار قوى الحركة الشعبية الجنوبية أن ينهار ، لتصبح هي " مجلس قيادة الثورة " مستفيدة من عناصر الاختراق في المجلس الوطني ، الذين ساهموا في إحداث هذه الفوضى السياسية وسط الحركة الشعبية في الداخل والخارج .
9- إن الطريقة غير المسئولة التي تم فيها إعلان زنجبار وأفضت تداعياته إلى ما عرفنا أعلاه ، فرضت ذلك ، على الرئيس علي سالم البيض ، وعبر الأخ احمد عمر بن فريد ، تقدير مبادرة سياسية أخذت ب " الجبهة الوطنية المتحدة " كصيغة جبهوية ناجحة تشترك فيها كل قوى الثورة الجنوبية في الداخل والخارج ( اتحاد جبهوي) يضمن التفرد راهنا ومستقبلا ... الخ . وهو أمر يقرر صواب مواقف المجلس الوطني منذ بادر لقطع طرق التردد والمداهنات السياسية غير المثمرة ، ليحرر القضية الوطنية الجنوبية ، ويعكس هدف التحرير واستعادة الدولة الجنوبية المستقلة ، فيقطع الطريق – كذلك – عن كل المشاريع السياسية ما دون حق الاستقلال واستعادة الدولة ، وسيعمل اليوم مع كل مناضلي الجنوب المخلصين على تحرير حركتنا الشعبية من العفوية وامتطاء صهوة الحماس والعاطفة وهي مهمة تحتاج إلى جهود الجميع
10 - وأخيرا تحويل مبدأ التعدد والتنوع إلى عامل خوف في وعي الحركة الشعبية ، وهو ما يتناقض مع الخطاب السياسي المعلن لبعض القوى ، فهذه إذ تشترط الوحدة الاندماجية / قبل أي حوار توافقي ، تضع العربة أمام الحصان ،سادة أفق التلاقي للجلوس على طاولة حوار سياسي جاد – شفاف ومسئول – وهذا الشرط غير القابل لنقاش بنظر أصحابه ويقرا على النحو التالي :
أ – قطع الطريق إمام القوى الأخرى الملتزمة مبدأ الحوار التوافقي غير المشروط . والاشتراط المسبق – وبهذه الصيغة – إنما يجلي بوضوح تام نزوع الاستبداد بالرأي ، وهو نزوع له مخاطره السياسية على حاضر الثورة ، كعائق ذاتي على ثورة الجنوب السلمية ، ناهيك عن دوره في إعادة إنتاج صراع الماضي حينما يتحول إلى سلطة استبداد سياسي .
ب - الامتناع الواعي عن المساهمة في تأسيس ثقافة التعدد والتنوع ، والمشاركة – عن قناعة – في تعلم فن إدارة الاختلاف سلميا وديمقراطيا ، في مرحلة اللا سلطة " = زمن الثورة " . لتمهيد أرضية خصبة لمستقبل دولة تشرع لثقافة سياسية تعددية ، تنتفي فيها كل أشكال الإقصاء وتجريم الرأي وتحفظ حق الخصوصيات ، وتحوَِل التنوع إلى ثراء مادي وثقافي ... الخ . ضمن منظومة سياسية وقانونية تحمي الحقوق الخاصة والعامة ، وتؤمن علاقات اجتماعية تقوم على المصلحة المشتركة في مجتمع دولة المواطنة وليس دولة الرعايا " الرعية ... الخ " .
ج – إن ألإصرار على " وحدة إندماجية " لقوى الثورة السلمية ، يرسم خلفه جملة علامات استفهام ، من قبيل : لماذا هذا الشكل التوحيدي دون غيره ؟؟ لماذا لا يتم الحوار حول الهدف والأسس الملزمة لكل الأطراف ، وصياغة رؤية سياسية " برنامج سياسي " ... الخ قبل الحديث عن مشكل التوحيد الأنجع لقوى الثورة للنهوض بمهمة التحرير واستعادة دولة الجنوب المستقلة ؟ . ومن الأهمية بمكان التساؤل :
ما الشكل التوحيدي الأكثر نجاعة في توحيد إرادة شعب الجنوب من جهة ، والقادر على حفظ مبدأ التعدد والتنوع في الحاضر والمستقبل من جهة أخرى ؟ .
إن هذه التساؤلات ، تعطي أصحابها شرعية التخوف من تلغيم هذا المطلب بهدف غير معلن ، انطلاقا من :
1 – أن ليس من حق طرف واحد أن يفرض شروطه على أطراف النضال الوطني الأخرى .
2 – إن الحوار على أساس التوافق يمثلان مصداقية وقناعة كل الأطراف في التحرر من عقل الشمولية الفكرية والسياسية .
3 – إن الإصرار على وحدة اندماجية ، قبل الوصول إلى توافق حول قضايا الخلاف ، هو سبيل ممهد لتفجير الجميع ، بمجرد تمترس طرف في قلب الواحد ، وهذا اخطر ظاهر لا يقبل به غير الساعي إليه .
4 - وإذا ما تمت وحدة اندماجية لمجموع القوى القائمة الفاعلة ، ونجحت في أداء مهمة التحرير وصولا إلى الاستقلال ، فإنها ستشكل القوة السياسية الغالبة القادرة على الإمساك بالسلطة وتحويلها تدريجيا إلى حكم شمولي ،نظرا لغياب القوى السياسية القادرة على انجاز مبدأ التداول السلمي للسلطة
5 – ولذلك يرى المعترضون على الوحدة الاندماجية ، حتى المدروسة منها ناهيك عن الارتجالية بان " الوحدة الجبهوية " هي الأكثر نجاعة وضمانة لحاضر الثورة ومستقبل نضال شعب الجنوب من حيث :
أ - إنها توفر عامل القيادة الموحدة ،في ضل استقلالية القوى الموحدة في نشاطها السياسي والتنظيمي الداخلي
ب – إن الوحدة الجبهوبة ، تحفظ مبدأ التعدد والتنوع في إطار الوحدة ، وتوفر عوامل القوة الكفاحي للثورة وتضمن نظام حكم تعددي بعد الاستقلال ،ولا سيما بعد مرحلة إعادة بناء الدولة " المرحلة الانتقالية " .
ج – في حال أن طرفا ما من أطراف التوحيد الجبهوي تخلى عن هدف الإطار الجبهوي الموحد فلن يؤثر على الثورة تأثيرا يودي بها إلى التراجع أو النكوص المدمر ، كما سيكون في حال التوحيد الاندماجي .
فهل تملك أطراف اشتراط الوحدة الاندماجية مبررات سياسية تملك قوة البرهان الشرط ألقسري هذا ؟ . إن القفز من شكل كفاحي إلى أخر ، ومن هدف / مطلب سياسي إلى أخر ، من دون أي تبرير نظري/ أو تقييم منهجي – واقعي لدواعي الانتقال ، وليس القفز ، من محطة إلى أخرى ( نعني تقييم المرحلة السابقة قبل الانتقال إلى المرحلة الجديدة ) إن ذلك سلوك يعكس الخواء الفكري لدى القوى السياسية غير المنظمة ، أي المعتمدة على الشعاراتية والعفوية الممتطية العاطفة والحماسة الهادرة . وقد برز اليوم ، داخل الحركة الشعبية ، لدى بعض القوى الجوالة الأسماء والمطالب والأهداف السياسية ، تلك التي لم تستطيع أن تقر ركنها الفكري – السياسي " رؤيتها السياسية " كركن رئيس في كل بناء تنظيمي سياسي ناهيك عن أن يكون تنظيما كفاحيا تحرريا . مثل هذه القوى المتحركة في اللا محدود وغير المتعين فكريا ، لا تمت إلى مفهوم الثورة بصلة بقدر ما تمتطي غضب الشعب وثورته ضد الاحتلال ألاقتلاعي ، وتدغدغ عواطفه بما يشبع حماسه ، وليس بما ينبغي عليه أن يفعله ليتمكن حقا من خوض الصراع بوعي وإدراك شروطه ووسائله ، ومتطلباته التنظيمية والسياسية والفكرية . وعوامل الذاتية والموضوعية الداخلية والخارجية ، فأن تتحدث عن ثورة دون الإفصاح عن هدفها الاستراتيجي ، فأنت أشبه بمن يسير إلى جهة غير معلومة . وإذ يغيب الهدف النهائي ، يغدو زعم التكتيك ضرب من الطلاسم لان رسم / صياغة مراحل النضال تستلزم – تكتيكات – وضوح الهدف ، هذا الأخير الذي يتحدد على أساس وعي وإدراك ماهية الصراع ومضامينه السياسية والثقافية والقانونية والأخلاقية .
أي أن غياب الهدف السياسي الاستراتيجي يفسر فقدان الوعي بماهية الصراع ، أو الهروب من التشخيص الواقعي للصراع إلى الغموض والسيولة والهلامية ، الأمر الذي يجعل من زعم التكتيك السياسي ،ليس اكثر من مغالطة للذات ، ان لم يكن ممارسة للتضليل السياسي لجماهير الثورة ، التي – عادة – ما توكل مهمة إدارة الصراع مع العدو إلى قياداتها ، وتستمرى في الغالب " = الجماهير" التحرك العفوي الذي يشبع حماسها ويتسع لعواطفها ، أكثر من استجابتها للتنظيم وتحمَل أعباء المشاركة في مسئولية صنع القرار وما يترتب عنه من انتصارات وانكسارات ،من مكاسب آو خسائر .. فبرغم أن الجماهير هي صانعة الحدث المعين ، إلا أنها تهب النجاح كله – إن تم – للقائد / القيادة ، فتضفي عليه / عليها هالة من القوة والدهاء والتميُز لتحضي بمكانة فوق النقد والمراجعة وهذا هو سبيل صنع الديكتاتوريات وكذلك تحمل قياداتها الفشل كله ، من كونها – القيادة – قد منحت صلاحية الأمر والنهي والوصاية بالتفكير والتخطيط ...الخ .
وعندما تواجه رأيا مخالفا ، لا تعبي به وتردد بان الجزء الغالب من الجمهورامي – ناهيك عن الخامل – يستجيب لما لا يقيد نزوعه إلى العفوية والحماس ، أكثر من استجابته لما يعقلن عاطفته ، وينظم حركته بقواعد انضباطية كفاحية تسهم في تمتين وتصليب بني الذات الكفاحية المنظمة التي تمثل مركز دائرة شروط الثورة التحررية في كل زمان ومكان وهو الأمر الذي يفسر جانبا مهما من حالة القبول الجماعي ب" إهدار العقل" ، بما هي حالة ثقافية وتاريخية يتعايش معها الإنسان العربي ، ملتمسا من صنميه الثقافة " مبرر الاستكانة والخضوع وإقالة العقل من وظيفته والاستعاضة عنه بالنفاق والطاعة العمياء هذه الحقيقة اللا انسانية ، بما هي حالة إنسانية سالبة ، تجد ما يضفي عليها وجها ايجابيا من داخل العقيدة الدينية كأساس ، ناهيك عن العقل ألذرائعي المحرض على إعادة إنتاج عوامل القابلية الذاتية بالاستبداد " = العبودية الاختيارية " . إن أي ثورة لا تحدث قطيعة ايبستمولوجية " معرفية " وليس قطيعة عدمية – طبعا – وإن إلى مستوى معين – على الأقل – ليس مع الأسباب التي قامت الثورة للخلاص منها ومن نتائجها وحسب ، بل مع كل مدررَات استباحة العقل وإهدار أدمية الإنسان ، الثقافية والسياسية والاقتصادية والقيم الاجتماعية الكابحة " = المعادية لقيم العصر الإنسانية والعلمية ... الخ " التي تقدس الماضي ،وتقاتل ليتصدر حاضر المجتمع ومستقبله فهي ليست ثوره وإنما صراع بين قوى المصالح ، كحالة مغالبة ، تفضي إلى تبدل الأدوار بين قوى الثقافة السياسية ذاتها ، ولا تعود على الشعوب بمنفعة ما ، بقدر ما تهم – الشعوب – بإعادة إنتاج أوضاعها السابقة لصالح طاغية / مستبد جديد : فرد أو حزب أو أسرة أو قبيلة ...الخ . تحت يافطة الشرعية الثورية ، أو غيرها من الشرعيات الزائفة التي تختلق ما يبرر الطغيان مثل مسالخ الحرية المسماة ثوابت وطنية مقدسة ...الخ . فأين ثورة شعب الجنوب السلمية – مفتوحة الخيارات – التحررية الثانية من احتلال الأشقاء الغزاة ، الاسوء من الاحتلال البريطاني من أسئلة الحاضر ألفجائعي حول الماضي وحول المستقبل ؟؟ . أن ثقافة الانتقاص من أهمية التأصيل النظري الفكري للثورة ، تمثل احد أسباب هيمنة العفوية وردود الفعل في حركة الرفض الجنوبية منذ الاحتلال ، كانت ولا زالت عائق ذاتي أخر تنامي وتطور ثقافة المقاومة في الوعي الجماعي بحيث يتمكن " الوعي المقاوم " من القيام بعملية الربط الجدلي بين كل أشكال المقاومة الشعبية والسياسية والفكرية ، كعملية متنامية ...متواصلة وليست حلقات منفصلة عن بعضها اللاحقة تنهي السابقة في الوعي والممارسة معا .. أي أن ثقافة المقاومة لم تأخذ مسارها السليم ، كفكر تواصلي فاعل في الوعي . وهو ما تجلى في حالات ألبنا ء على هدم بناء سابق .
فـــكر الثــورة الســـلميــــة الـوطنيــة الجنــوبيـــة
ليس المقصود - هنا – فكرة الثورة ، لان القضية الوطنية الجنوبية هي قضية دولة " ارض وشعب وسيادة " تحت الاحتلال فهي قضية موضوعية غير قابلة للتقادم ، قادرة على خلق قواها إن عاجلا أو أجلا ، اي أن الثورة الشعبية أكدت حضورها وحسب وإنما المقصود هو فكر الثورة ... فالثورة – أية ثورة – لابد لها من فكر ينظمها في الوعي / ويرسم خطوط حركتها في الحاضر ويحدد افقها المستقبلي ، وبما الفكر هو جملة الآراء والأفكار التي يعبر بواسطتها هذا الشعب أو ذاك عن مشاكله وتطلعاته عن مثله الأخلاقية والمذهبية وطموحاته السياسية والاجتماعية ويؤطر عدالتها ويحدد معالم ومرتكزات شرعيتها ويعضَد قوة الحق بواقعية البراهين التي ينتظمها فكر الثورة ، الذي يجيب عن أسئلة الحاضر بالعودة العقلانية – الواقعية إلى حقائق الماضي وتفكيكها وإعادة تركيبها ، لفهم الحاضر والتأسيس للمستقبل بوعي متحرر من مفاهيم الماضي يستحيل معه التطلع له دعوة ألما قبل ليحل محله ألما بعد " حسب المفكر محمد قايد الجابري ".
وفي حال ثورتنا السلمية الراهنة ، كشعب حتِم عليه أن يخوض معركة وجود بمواجهة قوى الغزو الحاملة لثقافة التدمير الشامل للأجر ، فارضة على شعب الجنوب المغدور به أن ينهض من تحت دمار القوانين الداروينية ، دفاعا عن حقه في البقاء ، فإنها بأمس الحاجة إلى نتاج فكري نقدي تفكيكي يعيد بنا الوعي وبما يساعد على أن يقف على شيفرة الماضي القريب والبعيد التي قادة شعب الجنوب إلى هذا المصير اللا أنساني ، المهدد بخطر اقتلاعه من جذوره ، ومحو وجوده ، لا لشيى إلا انه قيل ذات قرار أيدلوجي الخلفيات والأبعاد ، أن يهزم هويته الجغرافية "الجنوب العربي " وينتصر لهوية " اليمن " الجهة وليس الهوية السياسية والجي – ثقافية والتاريخية ومن ثم يقدم دولة بكل مقوماتها أرضا وثروة لوهم " القدر والمصير " ليقاد بالغدر والعدوان قربان لآلهة الغنيمة أي أن الثورة - بما هي حاضرة الجنوب المستباح ، لابد أن تنهض بمهمة فكرية – ايبستمو لوجية " = نظرية المعرفة " نقدية تحليلية عقلانية للخروج بخلاصات تحدث قطيعة معرفية هادفة وواعية مع الأسباب التي حولت أصحاب الحق في الثورة من اجل الحرية والاستقلال إلى قوى متحاربة ، وفخخخت دولة الاستقلال بصراعات سياسية دامية يلتمس المنتصرون – دائما – شرعيتها من المصطلحات السياسية ، حتى غدا اليمين أكثر من " يمين " وكذلك اليسار أكثر من " يسار " وصولا إلى رحلة الابتلاع إلى شدق أوهام الشعب الواحد والتاريخ الواحد ( إعلان 22/5/1990م المشئوم ) وما ترتب عنها من عدوان تدميري يعيد إلى الذاكرة حروب سبا القديمة . هذا الخراب العظيم اليوم ، هو حاضرنا في الجنوب الثائر وأليس مشروعا أن نتساءل عما قاد شعبا ودوله إلى هذا الهوان ؟ وكيف نفهم ماضينا ونتجاوزه ؟ إن تجاوز الماضي لا يتم بإدارة الظهر له ، او بالتخوف من تفكيكه وإعادة بنيته ، وإنما بمعرفته معرفة علمية ، للاستفادة من دروسه وعبره : الآخذ بما ينفع وتجاوز ما ضر بنا وما سيضر ، ليس بالشعار، وإنما بإحداث قطيعة معرفية ٍمع الأسباب التي أفضت إلى هذه النتيجة في الوعي الاجتماعي كأحد أعمدة فكر الثورة الثانية .
إن قدرة الثورة على انجاز هذه المهمة ، هو ما يوفر قاعدة صلبة لفكر استشرافي يحدد – بوضوح تام – إجابات الثورة عن المستقبل المتحرر من إمراض الماضي التي أدت إلى اغتيال ثورة 14 أكتوبر وتدمير مقومات دولة الاستقلال المدنية العصرية على يد غزاة القبيلة المنتمين إلى ثقافة القوة ، وعقل الغزو والغنيمة السبئية حتى غدا شعب الجنوب يعيش تحت قسوة اعنف مفارقات العصر وأغربها : القبيلة داعية وحامية التوحيد الأكذوبة .
أي أن فكر الثورة هو ما ينبغي أن ينهض بالتالي :
1 - أن لا يجعل من الدفاع عن الهوية عبر الدفاع عن التاريخ والمعالم والرموز الثقافية مبررا ذرائعيا يحول دون فهم الماضي ومعرفته للإفادة منه في الحاضر ، والمستقبل بل العكس والصواب ، اعادة قراءة التاريخ بعقل اليوم ومتطلباته لاستعادة الوعي الجنوبي إلى ضوى الحقيقة وسط ناجعتة اللا إنسانية .
2 – إعادة بنية الوعي في الجنوب ، بما يحرره من زيف الوعي التاريخي المؤسطر ومن المسلمات الإيديولوجية الزائفة ، فيمده بقوة معرفية تعضد قوة الحق الجنوبي بمواجهة باطل الغزو والقوة أي ان تحرير الوعي وإعادة بنيته من مهمة الفكر وليس الشعارات الحماسية .
3 – تحرير قوى الثورة السلمية – مفتوحة الخيارات – من الشمولية السياسية والفكرية ( الاستبداد بالراي ) وتطهير وعي الجماهير من صنميه الثقافة وصناعة الأصنام ، التي تمظهر في القبول الطوعي باهدار العقل الجماعي ، أي إحداث قطيعة مع ثقافة الاستبداد ، فثورتنا بحاجة إلى مناضلين أحرار وليس اتباعا " رعية "
4 – بناء علاقات قيمية جديدة تجسر الصلة بين الماضي والمستقبل ، عبر مصفاة الثورة " = الحاضر " المعرفية والعقلانية القادرة على الجمع بين قيم الماضي الايجابية ومتطلبات المستقبل وقيمه الجديدة .
5 – رسم ملامح المستقبل بوضوح غير قابل لتعدد التفسيرات ،وتضع الشعب في موقع الحامي للأهداف التي ناضل من اجلها ، والراعي لها من نزعات الاحتكار ومن مخاطر الشمولية .
6 – ترسيخ قيم التعدد والتنوع بإبراز حسناتها وبالتأكيد على التزام الثورة بها كعنصر من عناصر فكرها في الحاضر والمستقبل ، كفكر سياسي تلتزم به كل قوى الاستقلال ، عبر برنامجها الموحد أو برامجها المتعددة ، واعتماد مبدأ الحوار مع حملة المشاريع السياسية ما دون الاستقلال في مرحلة الثورة ، إلا من وقف في صف الاحتلال لضرب الثورة ، تحت أي مبرر فقد اختار خط العداء مع شعب بنفسه وفي هذه المسألة ، تجد الشارة إلى ظاهرة التعدد الانقسامي ، بما هو تعدد لم يقم على فكر سياسي متنوع . فهذا النوع من التعدد يفتقر إلى موجبات التعدد الحيوي الخلاف ، الذي يولد جدلا فكريا ايجابيا ، وإنما يقوم على تعصب لا رؤيوي ، مكابر ، يتمترس خلف أحكام مسبقة عن الأخر ، أو الوقوف عند حدود قناعات سياسية ما ضوية الفكر أو العداء للأحزاب السياسية المعارضة لصنعاء .
مثلا : أن يتعدد الشعب في كيانات سياسية أو شعبية خلف رؤى سياسية مختلفة ، فذلك دليل حيوية الشعب ومدنيته ، أما أن ينقسم إلى تجمعات لا تحمل أفكارا واضحة عن حاضر ومستقبل الثورة ، ( رؤية فكرية – برنامج سياسي ) فذلك ضرب من الانقسام اللا سياسي ، محكوم بثقافة عصبوية أو بعقلية قبلية " = وعي المجتمع الرعوي " أي خضوع الرعية الابتلاع لإرادة الراعي السيد القائد أو الزعيم الضرورة .
وهل ثمة ما هو ادَل على ذلك ، من تعصب جمهور قوة من قوى الحركة الشعبية لقواه المفتقرة الى رؤية سياسية واضحة والى خطاب سياسي يعبر عن إرادته ؟ . ورغم ذلك يتزيأ زى الثائر المفصل في مكنة التبريرية ، بمعنى أخر يتحلل عن وزر التنازل عن قناعاته بالذرائعية ، كي لا يتعثر تعصبه بالحقائق الواقعية ... أي أننا ايزاء نفسية اجتماعية مهيمنة وليس أمام موقف سياسي بني على قناعة ذاتية / فردية حرة من الاحتلال حاسمة الخيار ، بناء على معرفة واعية . وخطر هذه المرحلة السياسية ، يتجلى في مظاهر التشهير ضد الأخر المختلف ، ونشر الخوف من ظاهرة التعدد واشتراط الحوار مع الآخرين بتوحيد اندماجي قبل الوصول إلى توافق حول قضايا الخلاف ... والقيام بأعمال استباقي ، بغية فرض أمر واقع على الآخرين ، والتفرد المعبر عن نزوع شمولي إقصائي ، كما برز بوضوح عقب إعلان زنجبار 9/5/2009م عن " مجلس قيادة الثورة " المسلوق غير المدروس ، حيث استغل لإلهاب عاطفة الجمهور وحماسة للتوحيد ،...الخ ...الخ .كما سلفت الإشارة وهو ضرب من ممارسة المكر السياسي ولكنه موجه إلى الذات الوطنية الكفاحية الجنوبية ، ليتحول إلى كابح للذات الثورية . أن الانقسام السياسي في ظل غياب فكرة الثورة ، يعني - بالضرورة – حضور ثقافة الماضي السياسية وغياب ثقافة ثورة الحاضر الشديدة الحاجة إلى فكر جديد يؤمن انتصارها ويحمي مستقبلها من ادرأن الماضي القاتلة ، ومن ضغوط مطالب المستقبل، وقيمه المعاصرة ، عند استعادة دولتنا الوطنية الديمقراطية التي دمُرت تدميرا شاملا ، بصورة اقل ما توصف به أنها عملية انتقامية ثأرية متوحشة ، مضغنه روح المعاصرة على أحكام ابن خلدون بشان سجية التوحش المتأصلة في العرب الذين إذا ما ملكوا نهبوا وسلبوا وخربوا العمران عموما ...إن ثورتنا بحاجة إلى عدم إعادة إنتاج " تاريخ الاختلاف في الرأي " ولنما العمل على تأسيس حالة جديدة لبناء الرأي .
7 – النهوض بمهمة نقد وتقييم كل مرحلة من مراحل كفاح شعب الجنوب بقواه المختلفة ، دوريا ، لاستخلاص الدروس والعبر عن كل فترة زمنية بنجاحاتها وإخفاقاتها بواقعية سياسية إن لم نقل بتشدد كفاحي واعي نحو الذات ، للحيلولة دون الرضاء عن النفس الفردية أو الجماعية ، ولقمع نزعة الغرور والتعالي والثقة – الفنتازية – بالقوة الذاتية المستندة إلى تعاظم واتساع رقعت الغضب الشعبية ،دون النظر إلى الفاعلية السياسية ومستوى النجاحات المحققة وشروط الحفاظ عليها و و ...الخ
8 – استشراق حركة صيرورة الثورة ووضع تصور الاحتمالات على ضوى التطورات ، بصورة ديناميكية ، وبالمقابل وضع البدائل الممكنة لكل احتمال دون تضخيم ولا تهوين ..
وفي ختام هذه القراءة التي لا نزعم صوابها المطلق – ندعو الحريصين على انتصار قضية حريتنا واستقلالنا أن يقرأوها بعقل نقدي – منفتح على الرأي المغاير ، دون تعصب ولا من خلف نظارات المواقف والأحكام المسبقة . ولا شك بان القيم السياسية التي تعلنها ثورتنا اليوم ، تلزمنا إن نتعلم فن إدارة الاختلاف سلميا وديمقراطيا والتسليم عن قناعة واعية بان الحقيقة نسبية وان ادعاء ملكيتها من قبل طرف دون الآخرين ، هو ادعاء زائف رأس الدمار الشمولي الذي نحن احد نتائجه .فلنقتدي ، قبل الفكر ألتعددي الليبرالي الغربي ، قول الإمام الشافعي في اجتهاداته " رأي صواب يحتمل الخطأ ، ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب " .
وعلى هذه القاعدة العقلانية ، لواحد من ابرز أئمة المسلمين ، ندعوا القائلين " بالوحدة الاندماجية " لقوى ثورة الجنوب ، أن يقدموا للشعب أفضليات هذا الشكل التوحيدي على " التوحيد الجبهوي " ، هذا الذي اقر على عبر حوار جاد هادف وبناء ،وجاءت مبادرة الخارج الجنوبية – عبر بن فريد – لتأكيد أفضلياته عبر " القبول بالجبهة الوطنية المتحدة " كصيغة توحيدية تخدم الثورة في توحيد الإرادة الشعبية الجنوبية في مرحلة الكفاح وتؤمن مبدأ التعدد والتنوع للمستقبل أي إن التنوع الجبهوي يؤمن التنوع في إطار الوحدة ، هذا المبدأ الذي ينبغي اللا يكون – بالفعل لا بالقول – احد أدلتنا اليوم على تأسيس هذه الثقافة لخدمة المستقبل الذي ننشده . انتــــــــــــــــــــــــــــــــهى
صادر عن المجلس الوطني الأعلى لتحرير واستعادة دولة الجنوب المستقلة
عــــــــــــــــــــــــــــــــــدن ــــ بتاريخ : 01 / أغسطس / 2009م .
المجلس الوطني الاعلى لتحرير واستعادة دولة الجنوب
أفـــــــكار أوليــــــــــه في :الحـــــركــة الشعبيـــة الجــــنــــوبيــــــة
توطئـــــــــه :
بماذا يقاس الموقف المخلص والصادق للفرد أو الجماعة ألمعينه , من قضية شعب الجنوب المتمثلة بالخلاص من الإحتلال والنضال من اجل تحرير الأرض والاستقلال واستعادة الدولة الوطنية الجنوبية وكامل سيادتها على ترابها الوطني؟؟
هل بموقفه الواضح من ماهيَة ألازمه التي أنتجها فشل مشروع } الوحدة { السياسية غير المدروس وتحوَله إلى احتلال لدولتنا من قبل ( ج.ع.ي ) . ؟؟
بمعنى أخر تبنيه هدف الاستقلال واستعادة دولة الجنوب ،واستعداده الطوعي للتضحية في سبيله وتأكيد ذلك في خطابه السياسي وفي انتمائه سياسيا إلى التجمع السياسي / التعبير الشعبي الذي حمل راية هذا الهدف بوضوح دون خوف أو مواربة ،إن لم يكن من المساهمين في بنائه ؟؟ !!
وبالتالي تطابق سلوكه النضالي ، بل مرتقيا مع وإلى مصاف الشروط والقيم الكفاحية التي يدعو إليها لتحقيق الهدف الكبير؟؟.
هل في الإجابة على هذا السؤال المتفرع يتم القياس ، فنيل الفرد السياسي أو التجمع السياسي الثقة الشعبية باعتباره واضح الموقف قولا وفعلا ؟
من منطلق أن التفتيش في ضمائر الناس يقَيض الروح النضالية ولا يسهم في خلق وحدة مناضلين نذروا أنفسهم لهدف وطني نبيل ، تجمعهم آصرة اقوي وامتن من روابط القرابة والمصالح الذاتية هي آصرة الحق المشترك والمصير الواحد وصناعة تاريخ مشترك بالدم والألم ووحدة الإراده والسباق على التضحية والتقليل من دور وتضحية ال "أنا " الفردية بمقابل الإكبار من دور وتضحية الآخرين ، الذين يكوَن الفرد معهم الذات النضالية الواحدة (سواء كانت هذه الذات حركة تحرر شعبيه أو تنظيم سياسي تحرري ...الخ ) حيث تأخذ العلاقة الداخلية للذات الجماعية الكفاحية الموحدة صورة الجسد الواحد ، الكل فيه مسئول عن الكل ، بمعنى أن الفرد مسئول عن الكل ( الذات الجماعية ) والكل مسئول عن الفرد ( = العضو في الجسد) . الكل يشعر بمسؤوليته نحو ذاته الجماعية بما هي " أنا " الجماعة النضالية والحرص عليها سابق على الحرص عن ألـ " أنا " الفردية . والحفاظ على عضو من الجسم مسؤولية الجسم كله ، وعقله بالذات ( = هنا قيادته ) والعكس والفرد في سبيل الحفاظ على الجسم كله ، احد عوامل بقاء الذات النضالية الجماعية القادرة على بلوغ أهدافها القريبة والبعيدة بما أن ذلك شرط مركزي لمفهوم (وحدة بين مناضلين ) وان هشاشة هذه العلاقة في بنية الذات السياسية الشعبية الكفاحية تجعل من وحدة الهدف والمصير ضرب من الأحلام ليس إلا . أي إن ذلك من أهم شروط الذات الكفاحية القادرة على الفعل ( = شرط الضرورة ) أي مركز دائرة مطلب (التنظيم ) الذي يعنيه مفهوم " وحدة المناضلين " إضافة إلى وحدة الهدف الاستراتيجي وبرنامج سياسي مرحلي إضافة إلى قواعد كفاحية ملزمه تنظيم العلاقات والمسؤوليات الفردية والجماعية بناء على طبيعة الصراع وإشكاله ووسائله التي يتبناها التنظيم المعين انطلاقا من رؤيته ألاستراتيجيه لخوض الصراع والتكتيك المرتبط بالهدف وأساليب النضال .
تبدو المسالة شديدة المثالية هذا صحيح من وجهة نظر التفاوت بين الإفراد في وعي ما اجتمعوا من اجله وفي مستوى إدراك شروط بلوغه وفي النزوعات والمطامح الشخصية المشروعة وغير المشروعة فضلا عن اختلاف النفسيات ، وفي قدرات الناس على تحمل المشاق ، وامتصاص الضربات والنكسات فالقلة هم الذين لا يجد اليأس إليهم طريقا وهم في اقسى وأحلك الضروف ، وينطبق عليهم القول ، بان المناضل منتج دائم الأمل . وهؤلا هم القادرون على قيادة الثورات إلى النصر ، كما تخبرنا التجربة الانسانيه في هذا المضمار . ولا شك إن تجربة الصراع المريرة ومخاطرها تهذب وتصقل مدارك وسلوك المناضلين ، كما تصلب قدراتهم لمواجهة الشدائد بحنكه وشجاعة تتعاظمان يوما بعد يوم .
الحركة الشعبية بين مبدأ التعدد وهم التَو حد
إلى أي مدى يصدق القول بان الحركة الشعبية الجنوبية بكل فصائلها المعلنة – بمعزل عن تفاوت أحجامها وفاعليتها – موحده في هدفها السياسي والاستراتيجي ، وبموقفها السياسي من القوى السياسية والاجتماعية الجنوبية الأخرى أي القبول بمبدأ التعدد والتنوع في الحاضر والمستقبل ... الخ ؟؟. إذا كان الأمر كذلك ، فالسؤال المنطقي الواجب علينا الرد عليه هو :
لماذا انقسمت الحركة الشعبية إلى أكثر من تيار / فصيل مستقل ؟ ومتى ؟ ومن ثم لماذا لم تسهم في توحيد الحركة الشعبية لا قبل ولا بعد التعدد ؟ " = نقصد وحدة الهدف الاستراتيجي وما يرتبط به " .
في البدء دعونا نعود قليلا إلى الوراء نراجع شيئا من الذاكرة ونتصفح بعقول تبحث عن مواطن الداء ، عن الأسباب التي قادت شعبا إلى هذا المصير اللا أنساني ، كي تضع يدها على الداء ومن ثم تحدد العلاج أو تتجنب السير في حقل الاوبئه " = العلل السياسية والاجتماعية والثقافية " التي أدت إلى خطر فقدان شعب الجنوب ليس لهويته ، بل والى تعرضه لخطر محو وجوده كشعب ساهم هو – وان بمستويات مختلفة – في صنع ماساته .
1- لنقرأ صفحة سنوات الثورة ضد الاستعمار البريطاني , لا سيما صفحة القوى السياسية حينذاك . كم عدد الأحزاب السياسية إضافة إلى الجبهة القومية وجبهة التحرير ؟. أولم تكن ثمة رؤيتين سياسيتين حول طرد المستعمر ؟
طرف تبنى النضال السلمي من قبل إعلان ثورة 14 اكتو بر 1963 م المسلحة التي تبنتها الجبهة القومية كخيار وحيد . وانقسمت قوى خيار الثورة المسلحة إلى جبهتين – كما نعرف - وكانت النتائج كما نعلمها .
2- دور المسلمات الايدولوجية في الفكر القومي والمسلمات التاريخية الزائفة في قرار قادة الجبهة القومية الذي الحق إقليم الجنوب العربي السياسي , بإقليم سياسي أخر اليمن " = الجمهورية العربية اليمنية " ما مستوى العقلانية والموضوعية السياسية فيم حدث عشية الاستقلال " ج. ي . ج . ش " وفي 22/ 6 / 1969م " = ج . ي . د . ش" ؟؟
إلى أي مدى كان القراران صائبان ؟. هل كان للماضي ... للتاريخ الصحيح حضور ما عند اتخاذ القرار ؟ هل بني القرار على دراسة مستقبلية أم على مسلمة إيديولوجية استعلت على الواقع , أم لحسابات تخص أصحاب القرار ؟ وكما هو معروف تاريخيا فإن فكر الشعب الواحد واليمن الواحد , لم تطرح إلا في منتصف القرن العشرين , وتحديدا في بيان الاتحاد العمالي بـ " عدن " وذلك في 3 مارس 1956م , أما قبل ذلك , حتى لدى قادة حركة 1948م ضد الإمامة , فاليمن هو الممتد من قعطبة حتى صعده حسب الشاعر عبدا لله البرد وني .
3- دون الحاجة إلى ما أحدثته أزمة الهوية الوطنية في الجنوب - الدولة – في إلغاء الصفة العربية العامة والجنوبية خاصة , وتحريم ربط الأسماء الشخصية بهوية المكان الذي تمت تغطيته بهدف لم ينجح في اتخاذ الصراعات السياسية بعدا مناطقيا برغم طابعها السياسي العلوي" = داخل قيادة سلطة الحزب الواحد " وألان أليس السؤال مشروعا عمن كان المستفيد من فرض إلغاء اقتران الأسماء الشخصية باسم القبيلة أو بالمنطقة ؟ وها قد أثبتت التجربة أن الانتماء إلى فكرة ما , لم ولن تترسخ بقرار قسري وان الهوية وعلاقتها بالمكان لا تحول دون قيام مجتمع موحد ومتجانس ومتصالح في ظل دولة العدل والمواطنة المتساوية .
4- قرار الوحدة السياسية الاندماجية بين دولتي " ج . ي . د . ش " والــ " ج . ع . ي" في 22 مايو 1990م ما مدى عقلانية القرار وواقعيته ؟ . بأنه بعد أن وقع الفأس في الرأس - كما يقولون – أكتشف الشعب المخدوع بأنه كان قرارا حماسيا , عاطفيا , متعجلا وغير مدروس , لم يراع حق شعب الجنوب كطرف رئيس , فيحميه باتفاقيات مشروطة في حال غدر الأخر به وإشهاد المنظمتين الرئيسيتين : الأمم المتحدة , والجامعة العربية على الاتفاقيات الدولية بين الدولتين وشروطها كاقل ما ينبغي أن تعمله قيادة سياسية تتحمل مسؤولية دولة ( شعب وارض وسيادة وطنية ) فبرغم تنازل قيادة "ج . ي . د . ش " عن رئاسة الدولة والعاصمة وعن وعن ... لم تحافظ على حقنا في التمثيل السياسي في مجلس النواب للحفاظ على التوازن السياسي لحق نص عليه إعلان الوحدة . ( لم يفصح احد عن الأسباب بعد).
5- لم يتم الأخذ بقاعدة أن الوحدة مع الأخر تستلزم وحدة الذات وهو ما لم يتم التفكير به و و ... الخ فان تنشد وحدة بين شعبين , يلزمك أن توفر كل عوامل وأسباب وحدة شعبك ... ثم ما مدى وحدة وانسجام الذي ستتوحد معه ؟. ناهيك من أن تجمع مجتمع دولة مع شعب يعيش مرحلة ما قبل الدولة , الإشارات أعلاه أردنا باستعراضها السريع فرملة اندفاعنا القائم على الرغبة والعاطفة أكثر من الاتََكاء على العقل لاننا هكذا نهدر العقل , بوعي وبدونه – غالبا – ولا نعود إليه إلا حين توشك دورة العاطفة على الانتهاء , وتكون العودة إلى زوادة العقل أشبه بهروب المحاصر من زلزال مباغت فاللاعقلاني هنا تعني التعاطي مع اللحظة الزمنية - الحدث – وكأنها لحظة مستقلة عن الماضي مفصولة عن شبكة العلاقات الجدلية لأحداث ووقائع الزمن الحاضر " = زمنها الداخلي والخارجي".
وبتحرر من أسئلة المستقبل وعبئ الإجابة عنها لأنها عملية مقيدة لاندفاع العواطف وثقافة " اليوم خمرا وغدا امرأ ". بمعنى أخر : اللاعقلانية واللاعلمية هما أن يتم النظر إلى النتيجة باستقلال تام عن الأسباب والمحركات الداخلية والمؤثرات الخارجية " = الموضوعية ". فمثلا : كثيرا ما نقرا ونسمع من يقولون أن فشل مشروع الوحدة اليمنية !![ يعود إلى شن " ج . ع . ي " الحرب على " ج . ي . د . ش " واحتلال أراضيها عام 1994م وبذلك تكون وحدة 22 مايو المشئوم قد انتهت ... الخ .
هنا – وفي هذا التفسير – يتم فصل الحدث " = الحرب " عن الأسباب والنزوع الداخلي للحدث ودوافعه السياسية والاقتصادية ... الخ . بما أن الحرب نتيجة لسبب بنيوي في مضمون المشروع أولا وفي المخيال السياسي لقوى الحرب ثانيا . هذه التي كشفت ممارساتها عن حضور فاعل لثقافة الغزو والغنيمة السبئية . وفضلا عن التناقض في بنية ثقافة الشعبين وأسلوب حياتهما وفي المصلحة ... الخ 0 ناهيك عن استحالة الجمع بين دولة مدنية مع مجتمع لا يعرف الدولة ويعيش مرحلة ما قبل الدولة بقرون , حيث لا زالت كل الأزمنة وصراعاتها قائمة من الرق إلى الرأسمالية "= تذكروا مأساة مئات الأسر في منطقة الجعاشن , وبيع العبيد في حجة , والحروب القبلية اليومية ..الخ "
وما ليس هنا مكانه من أسباب كان لا بد أن تفضي إلى ما أفضت إليه ولذلك يقال أن " وحدة مايو" انتهت بحرب احتلال الجنوب في 7/7/1994م " = كنتيجة خاطئة لمقدمات خاطئة " نعم . فلو أن ثمة وحدة سياسية تمت ] وحدة [ بما تعنيه من اندماج وضمان المصالح المشتركة لطرفيها ... الخ. لما تحولت الفترة الانتقالية إلى حملة إرهاب فكري وسياسي وتصفوي استهدفت الجنوب وممثله السياسي "الاشتراكي" ولما انقسم الشعبان في انتخابات ابريل 1993م في نتائج تصويتهما كلا إلى جبهته السيادية والسياسية ومن ثم لن تحدث حرب احتلال الجنوب ولكن الوحدة لم تتم حتى يقال أنها انتهت , بيد أن إعلانها كمشروع , قد وفر لعقل القوة وثقافة الحرب السبئية إمكان تحريك المخيال السياسي لقوى الحرب , لتحقيق رابطة الانتقام من الخصم القديم وتدمير دولته والاستيلاء على أرضه وثرواته ولا شك أن الدراسة العلمية ستنقلنا إلى سؤال أخر هو : هل كان محتوم أن يتم الإعلان عن مشروع وحدة سياسية بين صنعاء وعدن , لتمكين الأولى من الهيمنة على الثانية ؟؟ بالعودة إلى قرار قوى استقلال الجنوب عشية الاستقلال وما تبعه عام 1969م وما ترتب عن ذلك من شعارات ومسلمات إيديولوجية كرستها سلطة الاستقلال في الوعي الاجتماعي الجنوبي , وطبيعة الحوارات ما بعد حرب 1972م و 1978م التي جرت حتى نوفمبر 1989م , تحت مسلمة " إعادة وحدة اليمن " وليس وحدة قطرين عربيين كبقية الأقطار العربية ... الخ . أن ذلك وما لم نذكره , يقولان , أن نعم . لان كل تلك المقدمات ليست صحيحة فأفضت عقلا ومنطقا , إلى نتيجة خاطئة , هي فاجعة الشعب الجنوبي الذي زيف وعيه وابتلع وهم المسلمات الإيديولوجية والتاريخية الزائفة , فأعطى كل شيء لصنعاء ليحظى بجزاء "سنمار" من رئيس الدولة إلى فراش في مؤسسة حكومية نهبت برغم انه يملك ثلثي الأرض و 85% من الثروة ويملك اكبر شريط بحري ( 2000كم) / غني بالثروات السمكية ويتمتع بالسيادة على واحد من أهم الممرات البحرية الإستراتيجية في العالم وعدد قليل من السكان فقد أعطى كل شيء ولم ياخذ شيئا وفوق ذلك عومل كفرع مفصول عن جذوره " عودة الفرع إلى الأصل " .
وللإجابة عن سؤال : لماذا تعددت قوى النضال السلمي في الجنوب ومتى ؟.
تعالوا نتساءل هل بمقدور شعب الجنوب, ولا سيما مجموع الحركة الشعبية , قواعد وقيادة أن يعترف بأنه كشعب : بإفراده وفئاته الاجتماعية وأطيافه السياسية , قد أسهم بنسبة 60 % من الهزيمة أن لم نقل أكثر لصالح " ج . ع . ي " ؟. سواء عبر مشاركة مباشرة في الحرب ضد أهله وناسه وأرضه , أو بخيانته أو بتخاذله أو بتعاونه , كطابور خامس أو بوقوفه متفرجا ...الخ .؟ فضلا عن غياب عامل التعبئة للحرب في الجنوب . وتأخر قرار فك الارتباط إلى 21 مايو 1994م بينما تمت التعبئة لجيش وشعب الـ "ج . ع . ي" وإقناعهما بأنهما سيخوضان حربا ضد الشيوعية وتحرير الجنوب من الكفار ليرفعوا شعار " حرب الردة والانفصال " بما هما مفهومان يجمعان بين الديني والسياسي في آن . وتأسيسا على ذلك , الم يكن الوعي بحقيقة ومضامين الحرب واحتلال الجنوب نحا منحا العلاقة الفردية والجمعية بأطراف المعركة ؟؟ .
- المشارك في الحرب اعتبر هزيمة شعبه نصرا له , أيضا . بمعزل عن نوع المشاركة فمثلا : ]طرف شعر بالنصر على الخصم السياسي الجنوبي متناسيا أن خصمه ليس كل الشعب , وطرف رأى في هزيمة الجنوب انتصارا لعقيدته الدينية بطابعها الإيديولوجي وثالث : تشفيا بقيادة الجنوب التي انتقلت إلى صنعاء دون أن تفكر بمصيره , وعادت لتطالبه بالدفاع عن الوطن ، بعدما غدت في نظره قيادة فاشلة سياسيا وفقدت ثقته وولاءه . ورابع : توهم بان الأمر سينتهي بحسم المعركة ، ولن تتعرض حقوقه للعدوان مسقطا تجربة الصراع السياسي في الجنوب على تلك الحرب . وخامس : في الشتات . لم يفق من الصدمة ، أو انتصر فيه الإحباط فعاد إلى صنعاء مسلما بالأمر الواقع . وسادس : وهم الشهداء والجرحى ومن تبقى من المقاتلين والسياسيين ، الذين هزتهم الهزيمة ولكن القلة منهم هم من وعوا قضيتهم مبكرا . فكم استغرقت الشعب هذه الحال بين منتمي للنصر أو مناصر له آو قابل به ، أو متذمر أو مراقب آو معارض ؟؟ .
وخارج الشركاء في تحقيق هزيمة شعبهم ، كان التبرؤ من الهزيمة يتم بتحميل مسئوليتها أصحاب القرار ، وعلى غرار القول " الهزيمة يتيمة والنصر له ألف أب " وبرغم رحلة الألم والعناء وحدوث مالم يدر في خيال الجنوبيين المشارك في صنع فاجعة شعبه وغير المشارك ، ووصول غالبية الشعب إلى قناعه معجونه بالقهر والحرمان ... الخ إلى أن ثمة عائق ذاتي ، داء لم تبرا منه النخب " مجازا " أن ذلكم التعدد المتصارع الفهم والمواقف إيزاء الاحتلال العسكري لدولتنا ونتائجه الكارثيه ، قد آسهم في :
1- الإبقاء على خارطة الصراع ألسياسيه ألجنوبيه – ألجنوبيه كما كانت قبل الاحتلال ، ولكن بصيغه مقلوبة هي تغيير الأدوار أي تبدَل الدور والمكانة بين شركاء نصر الاحتلال وضحايا هزيمة الغدر الجنوبيين ، زد إلى ظهور طرف جنوبي آخر إلى شركاء نصر الاحتلال ، هم شريحة الإسلام السياسي بطرفيها الجهادي والسياسي – أي تنظيم القاعدة كما عرف عنهم – والمنتمين سياسيا إلى حزب الإصلاح – اضافه إلى المنتمين للحزب الحاكم العسكري " المؤتمر الشعبي العام " .
2- تشكيل شريحة مصالح مرتبطة بالاحتلال " شركاء الاحتلال " ومن تعاونوا معه ما بعد الاحتلال ، سواء كانت المصالح سياسيه آو اقتصاديه آو البحث عن دور ولو كان مجرد عين أمينه ، آو للحفاظ على وظيفة ما إداريه ، بعد ما أصبحت الوظيفة مسيسه بإطلاق .
3- تعدد أشكال المكاسب المرتبطة بالحرب ارتباطا باتجاه قواها ألسياسيه والايديولوجيه كمضاهر تطغي على الأهداف ألاستراتيجيه للاحتلال } مثلا قوى الإسلام السياسي جمعت بين تحصيل المكاسب ألسياسيه والايديولوجيه في الجنوب ، وفي الدستور الذي وقفت ضده عام 1990م ففرضت بالحرب تعديله . قوى الثأر السياسي : القوى المتضررة من إجراءات دولة الاستقلال ، التي ساهمت في صنع نصر للأخر ، واعتبرته سبيل استعادة الحقوق والمكانة واستعادة الدور وانتزاع الحقوق التي ترى أن الاشتراكي " قيادته " استولت عليها في زمن سابق . آما قادت الحرب وأمراء القبيلة : فإستراتيجيتهم اشمل وأعمق : هيمنه سياسيه واقتصاديه وطمس هوية ... الخ { .
4- آسهم في منح الاحتلال فرض أجندته بصوره مكشوفة، دون خوف من ردة فعل شعبي جنوبي ، معتمدا على إبقاء خارطة الانقسام بغلبة الموالاة المدعومة منه . وعلى نفسية القوى العسكرية القبلية التي لا ترى قوة أخرى في الشعوب غير قوة السلاح . وطالما السلاح انتزع من يديها فان تعويلها على العمل السياسي ضعيف غير مؤثر ، كما اعتقدت قوى الغزو والغنيمة ، التي سرحت جيش وامن دولة " ج.ي.د.ش " المهزومة دون تقدير للنتائج .
5- استمرار التأثير القمعي لخطاب التكفير الديني والسياسي ، إلى ما بعد عام 1997م تقريبا – باستثناء صوت الرفض في حضرموت الذي خرج من عنق الصدمة ، بقيادة المناضل حسن باعوم 1997ـــــ ابريل 1998م ثم يونيو 1998ـــ 2001م – حتم - اللجان الشعبية – في الضالع ثم في اغلب محافظات الجنوب 1999ـــ 2001م.
6- وقس على ما سلف موقف الجزء الأعظم من بسطاء الشعب البعيدين عن مربع السياسة والشؤون العامة هذه الحال لازمت الغالبية الشعبية الجنوبية حتى الحزب الاشتراكي لم يجرؤ على توصيف المضمون الحقيقي للحرب وكل ما فعله هو " إدانته للحرب وإدانته - لما اسماه - الانفصال" حيث ساوى بين الباطل والحق . وكرس وصف ( الحرب الأهلية ) مع بقية القوى السياسية الشمالية المعارضة لسلطة صنعاء ولم يتعدى تيار إصلاح مسار الوحدة في الاشتراكي العشرون عضوا في قيادة الاشتراكي من الجنوبيين خلال الفترة من 2001 – 2006م.
7- بمعنى آخر أن الموقف من الوضع المفروض قسرا على شعب الجنوب منذ عقد ونيَف , لا زال متعددا حتى اليوم . ولا يعني أن طغيان الصوت الراهن عن احتلال الجمهورية العربية اليمنية لدولتنا وأرضنا يعطينا حق النضال من اجل التحرير واستعادة دولتنا المستقلة يعني أن كل قوى الحركة الشعبية قد حسمت التعريف وحددت الهدف بوضوح تام , عن قناعة وعي بجوهر قضية شعب الجنوب . إذ لا زالت المفاهيم والاصطلاحات السياسية في الخطابات السياسية الجنوبية غير موحدة الدلالة. فمثلا ] القضية الجنوبية [ : لقد غدت تأخذ معنى الهدف لدى البعض وليس حقا موضوعيا غير قابل للتقادم . والفارق كبير بين الأمرين . فمن يراها هدفا يجعل نفسه بطل إخراجها, وليس العكس بأن موضوعيتها هي التي أخرجت قواها النضالية , تنتصر لها , كحق , لا بد أن يستعاد عن طريق التحرير واستعادة الدولة الوطنية الجنوبية المستقلة , كما يرى طرف آخر – محقا – وثمة من لا زال ينهل من المفاهيم التي كانت من ضمن الأسباب التي قادت الجنوب شعبا ودولة إلى هذا المصير ألفجائعي .
8- لا زالت أزمة الهوية الجنوبية , التي استنهضها خطر الطمس , محل خلاف داخل الحركة الشعبية شبه المنظمة فثمة من يرى أن إعادة أزمة هويتنا , التي قادتنا إلى ما نحن عليه , إلى جذر المشكلة تشكل استهدافا لثورة 14 أكتوبر ولتاريخ الحزب الاشتراكي , وطرف أخر يرى ان تقوم ثورتنا السلمية على وعي بجذر قضيتنا السياسي والجيو – ثقافي مثل " التجمع الديمقراطي الجنوبي – تاج " . الأمر الذي خلق ساحة لجدل عقيم لم يميز بين مفهوم الدولة والنظام السياسي . أي بين ما هو ثابت وما هو متغير . فالدولة ليست النظام السياسي وحدة . وإنما عنصر للسيادة أي بسط سيادة الدولة على الإقليم السياسي كله كشرط من شروط المفهوم السياسي للدولة , وما يرتبط به من تنظيم دستوري وقانوني ... الخ.
فالممانعة لدى الرافضين التصريح بجذر القضية الوطنية الجنوبية , يدافعون عن ممانعتهم بذريعة أن القائلين ( بالجنوب العربي ) يريدون إعادتنا إلى زمن ما قبل الاستقلال " 1967م" أي إلى سلطنات ومشيخات وإمارات " إلى النظام السياسي السابق للاستقلال ", كحجة للرفض تجد قبولا لدى جزء مهم من الشعب وداخل هذا الطرف يوجد من لا يمانع عن كشف جذر القضية , لكنه يرى أن التمسك بدولة "ج ي د ش " مبررا قانونيا من منطلق إنها الدولة التي اتحدت مع" ج ع ي " وإنها الدولة المعلنِة عن فك الارتباط في 21 / مايو / 1994م من قبل قيادة الجنوب ذاتها التي اعلنت مع قيادة " ج ع ي " اعلان 22 مايو 1990م وعند نيل بلادنا استقلالها الثاني تطرح التسمية لاستفتاء شعبي .
إما المتمسك " بالجنوب العربي " فيرى أن " يمننة " الجنوب هي جذر قضيتنا , واستنادا إلى التاريخ فان الجنوب لم يرتبط ولم يتوحد قط مع " اليمن " وبالتالي بان بقاء اسم " اليمن " في مطلب الاستقلال غير منطقي وان العالم لا يرى حق الاستقلال لجزء من دوله واحدة , وان وجدت مشكلة ما فتحل في إطار الدولة ذاتها , لا الانفصال عنها . أي أن تميز الهوية السياسية والثقافية والجغرافية وحق السيادة ينبغي أن لا يرتبط بـ " اليمن " وإما النظام السياسي المتغير فلا بد أن يكون نظاما عصريا , في دولة ديمقراطية ... الخ .
باختصار : حجتهم تقوم على أن القول بـ" أننا من اليمن " فمنطقيا أن تحل قضيتنا في إطار دولة اليمن ال" ج . ي " وحتى المتمسكين باستعادة " ج ي د ش " يصبح مأخذهم على الطرف الأخر مأخذ عليهم . أي هل يعنون بأنهم سيستعيدون ألدوله ونظامها السياسي السابق لعام 1990م .؟ أذا كان الأمر كذلك فمن سيقبل به في الجنوب ، ناهيك عن الخارج ؟ وبالنتيجة لا نظام ما قبل الاستقلال ممكنا ولا قبول نظام ما قبل 1990م السياسي مقبولا أن لم يكن مستحيلا .
ولا ننسى قوى المصالح الجنوبية ( مناصب – مقاولات صغيره – الخوف على المصالح كالتجار مثلا ) المرتبطة بالاحتلال التي ترى بان حل القضية الوطنية الجنوبية يجب أن تتم في إطار "الوحدة " المزعومة ؛ وهذه تسهم في قسط معين في خدمة الاحتلال ، من خلال التأثير على شخصيات سياسيه أو اجتماعيه وربط البعض بمصالح معينه لفرملة اندفاعهم حتى ينفصلوا عن الحركة الشعبية وتحييد البعض وتيئيس البسطاء ، فضلا عن الأفراد الذين ينجح " العطاء السياسي " في شراء ذممهم وفي أحسن الأحوال في شراء صمتهم . الفارق أن الأول يوظف في خدمة أجندة الاحتلال في الجنوب متى ما طلب منه ذلك ، أما الثاني فيلزم الصمت والحياد وهو أهون الشرين – وهذه هي الورقة الجديدة للاحتلال بعد ما تفككت تحالفاته السابقة ابتداء من عام 1997م . ( وبماذا تصف " جونجويد " الاحتلال الجنوبيين اليوم؟ ) .
إن ذلك التنوع ، بما هو احد ابرز حقائق المجتمع الإنساني وتأكيدا لسنة الله في خلقه لابد، من وجهة نظر سياسيه واقعيه ، أن يأخذ مكانه في خريطة القوى الاجتماعية الجنوبية عند النظر في مفهوم الوحدة والاختلاف ، داخل الذات الجنوبية عامه ، والحركة الشعبية بوجه خاص .
وان نمر عبر الحقائق التي طفت كمظاهر رفض آو مقاومه للاحتلال منذ 7/7/1994م الأسود . بمعزل عن الدور الذي لعبه هذا الشكل الكفاحي آو ذاك ومدى تأثيره السياسي في وقته ، بقدر ما تكمن أهميته في انه شكل من أشكال التعبير السياسي والشعبي المناهض للاحتلال العسكري ، باسم ما لم يكن " الوحدة" / الاسطوره من قبل شعب الجنوب ، الذي ينبغي أن يأخذ مكانه في سجل تاريخ شعب الجنوب الكفاحي المعاصر " إن الجنوب يصنع تاريخه بمواجهة تاريخ الأخر المغتصب" . أن العبور من دلالات وأبعاد وأشكال النضال التي ظهرت في الجنوب حتى 7/7/2007م سوف يساعد على فهم وإدراك حركة وسيرورة الحركة الشعبية الجنوبية الراهنة . ومن ثم لماذا أفضت إلى تعبيراتها السياسية – الشعبية ] = لا نستطيع أن نطلق عليها تنظيمات سياسية أو حركات سياسية تحررية , لأنها لم تنضج بعد وعجزت حتى اليوم من التحول إلى تنظيم [ ويمكن رصد أشكال الرفض الآتية :-
- الجبهة الوطنية للمعارضة ( موج ) في الخارج : لم تقدم فعلا سياسيا ملموسا فسقطت كما ولدت.
- مقاطعة الاشتراكي لانتخابات 1997م البرلمانية ، فرضتها اراده جنوبيه داخل قيادة الاشتراكي – يومذاك.
- حركة الاحتجاجات السلمية في حضرموت 1997- 1998م .
- ظهور حركة تقرير مصير الجنوب العربي ( حتم ) 1998 - 2001م .
- اللجان ألشعبيه التضامنية 1999 – 2001م .
- تيار إصلاح مسار الوحدة في الاشتراكي 2001 – 2006م .
- التجمع الديمقراطي الجنوبي ( تاج ) 2004م ولا زال تنظيما له خطابه السياسي المتميز المبني على هدفه المعلن .
- الحركة التصالحية ( التصالح والتسامح والتضامن الجنوبي - الجنوبي ) 2006م .
- جمعيات المتقاعدين العسكريين والأمنيين 2007- 2008م.
- جمعيات الشباب والمناضلين وملتقيات التصالح والتسامح في المحافظات .
إن كل شكل نضالي أدى دورا معينا في فترة ظهوره واستمراره وحمل الأهداف التي تتوافق مع ظروف مرحلته الزمكانيه ، باستثناء حركة (حتم ) ألمسلحه التي رفعت هدف تقرير مصير الجنوب العربي قبل غيرها من أشكال النضال والتعبيرات السياسية والشعبية الجنوبية . وهذا لا ينفي أن طلائع الرفض كانت تبني على أساس بلوغ هدف الاستقلال . ولا شك بان التأصيل النظري للقضية الوطنية الجنوبية ، وتحريك الشارع تحت لافتات مطلبية أو تضامنية أو احتجاجية ، كان لها دورا مهما في إحداث حركة أفقية في الوعي وفتحت الإمكان الفردي والجمعي للاسئله عما حدث ويحدث من ممارسات همجيه بحق الأرض والإنسان في وطننا المستباح ، وشرع جليد الخوف الذي حاصر الغالبية العظمى من الشعب يذوب يوما عن يوم وبمستويات مختلفة من فرد إلى أخر ومن منطقة إلى أخرى ، وفقا لحرارة المناخ السياسي الرافض الذي اخذ أشكالا حسية – ميدانيه للتعبير عن رفض ومقاومة إجراءات القمع والقهر والإذلال وجملة جرائم الفاتحين ( الأشقاء الغزاة ) .
وبرغم ما أحدثته أشكال النضال المذكورة أعلاه ، إلا أن ثمة حلقة مهمة كانت مفقودة في سلسلة كفاح شعب الجنوب هي حلقة توحيد الإرادة التي لم توفر وحدة المعاناة بدونها إمكان اكتمال سلسلة الوطن المجهد الكفاحية إلى أن كانت فكرة التصالح والتسامح والتضامن الجنوبي – الجنوبي التي بدأت من جمعية ردفان في " 13 يناير 2006م" ليستعيد بها النسيج الوطني الجنوبي لحمته الممزقة فيدرك موطن قوته وبالنتيجة يعي سبب ضعفه وما أوصله إلى ما هو عليه من ضياع واستلاب وهوان .
وإذ شكلت عملية التصالح والتسامح نقلة مهمة في بحث شعب الجنوب عن ذاته المستهدفة بالمحو من خريطة الوجود السياسي والجيو – ثقافي . فقد جاءت جمعيات المسرحين العسكريين والأمنيين لتقود هذا التحول النوعي في مسيرة الشعب الكفاحية ، لتحقق نهوضا شعبيا قويا ، وان عفويا قام على جسر التصالح والتسامح ليشمل كل الجنوب ، وتلتف حوله كل قوى الجنوب الحية .
ولعل ابرز محطات هذا التحول ، الذي أزعج قوى الاحتلال كانت أساسا في فعالية 7/7/2007م في ساحة العروض بعدن ، وفعالية 2 أغسطس 2007م ، وفعالية 1 سبتمبر 2007م في عدن وملحمة المنصة – ردفان في 13 أكتوبر ثم 14 أكتوبر 2007م وقبل ذلك مذبحة 10 سبتمبر 2007م في الضالع . ثم ما تلا ذلك من تعبيرات ومصادمات مع أجهزة الاحتلال العسكرية القمعية .
} خلال الفترة حتى 30 نوفمبر 2007م ثم وبوضوح اكبر في 13 يناير 2008م كان الاندفاع الشعبي الغاضب بعفويته ، غير آبه بالخطاب السياسي ، أكثر من التعبير غير المنظم عن غضبه ورفضه لواقع مهين يزيد كل يوم سوءا . وهو ما تجلى بعدم التزام الجمهور – في كل مناسبة – للشعارات التي يطلب منه أن يرفعها { .
ولكي نقارب بالأحرى نجيب عن السؤال المركزي لهذه القراءة ، عن الأسباب التي أدت إلى تعدد المكونات السياسية للحركة الشعبية التحررية ينبغي ألا نتجاهل محطة من محطات النضال التي كان لها اثر مفصلي في تطورات الحركة الكفاحية . فلنأخذ فعالية 30 نوفمبر 2007م – في عدن . دعا لها مجلس تنسيق المتقاعدين الأعلى – نائب رئيس المجلس وقت كان فيه رئيس المجلس ناصر النوبة وحسن باعوم في السجن .
ما الجديد في الأمر ؟ دعت الأحزاب السياسية المعارضة في " عدن " إلى تشكيل لجنة تحضيرية من الأحزاب والجمعيات ... الخ لفعالية 30 نوفمبر 2007م ، بعد أن دعا لها مجلس تنسيق المتقاعدين، ففرضت نفسها كلجنة تحضيرية سيطرت على الفعالية وتبنت قيادتها وخطابها السياسي وبيانها ، ليطغى على بيان مجلس التنسيق الأعلى لجمعيات المتقاعدين ، ثم فعالية التصالح والتسامح في عدن 13 يناير 2008م . وحدث الشيء نفسه حيث قامت أحزاب المعارضة وجمعيات المتقاعدين العسكريين بالتقاطع مع دعوة هيئة ملتقيات التصالح والتسامح العليا بقادة المناضل حسن باعوم التي دعت إلى فعالية 13 يناير 2008م وشكلت لجنة تحضيرية للفعالية . وكانت النتيجة أن انزل بيانان إلى الفعالية . الأول : لهيئات التصالح والتسامح العليا تضمن تعريفا للقضية الجنوبية في أنها حق شعب الجنوب في النضال من اجل الاستقلال واستعادة دولته المستقلة وسيادتها على كامل ترابها . بينما تم حذف هذه الفقرة من بيان الأحزاب والجمعيات والمستقلين وما يرتبط بها من مفاهيم وأبعاد سياسية تؤسس لمرحلة خطاب سياسي يقرر المضمون السياسي للقضية الوطنية الجنوبية .
إن من يتتبع ويعيش عن كثب هذه التطورات يستطيع أن يضع أصبع الحقيقة على أول مظهر للاختلاف ، أي أن الخلاف ظهر في نوفمبر 2007م ولاسيما في فعالية التصالح يناير 2008م .حيث تشكلت الأغلبية من الجمعيات والأحزاب بصورة واضحة ( أحزاب المشترك وجمعيات المسرحين المتقاعدين والمستقلين ) لقطع الطريق على هيئة التصالح والتسامح برئاسة المناضل حسن باعوم بطريقة أكدت مرحلة المفاصلة في الهدف أي أن ثمة معطى سياسي جديد ، وفد إلى وسط الحركة الشعبية العفوية المغتلية أملا وثورة ، ذلكم المعطى برز في انقياد قيادات جمعيات المتقاعدين العسكريين لترتيب جديد في الدور القيادي ، تسلمته قيادة الاشتراكي " عدن " وجمعت معها أحزاب المشترك والمستقلين ...الخ . ( بالتأكيد استمر الدور القيادي لجمعيات المتقاعدين في المحافظات ).
أي أن ثمة تطور غير منظور تشكل داخل الحركة الشعبية غير المنظمة التي قادتها جمعيات المتقاعدين العسكريين والأمنيين هذا التطور سرعان ما برز في تشكيل هيئات موحدة في مديريات ردفان ، ثم تتالت الدعوات إلى بناء هيئات موحدة للمحافظات والدعوة إلى هيئة وطنية عليا للحركة الشعبية الجنوبية ...وكانت الضالع أول محافظة أعلنت عن هيئة للحراك السلمي بعد فشل الحوار مع هيئة التصالح والتسامح وجمعية الشباب وذلك في ابريل 2008م .( بعد بدء حملة ابريل العسكرية على الجنوب2008 م ) .ثم توالى إعلان هيئات الحراك في المحافظات ، وتبع ذلك وحدة مطلب تلك الهيئات مع مطلب الحزب الاشتراكي وقيادات الخارج الجنوبية المتمثل بمطالبة السلطة – هكذا – الاعتراف بالقضية الجنوبية .. لم يتعارض مع هذا الخطاب غير هيئة ملتقى التصالح والتسامح – الضالع التي تمسكت بخطاب سياسي جريء بطرح مطلب الاستقلال واستعادة دولة الجنوب ملتزما الهدف الذي تضمنه بيان هيئات التصالح والتسامح لفعالية 13يناير 2008م للتصالح والتسامح – عدن – برئاسة المناضل حسن احمد باعوم الذي كان يقبع في زنازين الاحتلال مع عدد من المناضلين ( مارس – سبتمبر 2008م ) ومعها أطراف أخرى غير منظمة وأفراد في محافظات أخرى .
احتدم الجدل السياسي حول مفهوم " القضية الجنوبية " وهدف النضال النهائي لشعب الجنوب داخل الحركة الشعبية وخارجها ويمكن تقسيمه " أي الجدل" إلى مرحلتين :
المرحلة الأولى : يوليو 2007م وبالدقَة يناير 2008م ـــ 31 أكتوبر 2008 م .
النهوض الشعبي الجنوبي الكبير لاسيما منذ 7/7/2008م فتح الأنظار على ما يدور في الجنوب ثاقبا بالونه المنتصرين . وقوبل هذا الزخم بتعدد المواقف وارتباكها داخل نخب الحكم والمعارضة السياسية في صنعاء ، وحتى لدى النخبة المثقفة من كتاب وصحفيين ... الخ . ( فهم من أطلق وصف حراك على حركة شعب الجنوب ) ، في البدء كان الهجوم قويا لدى غالبية الأطراف السياسية والإعلامية الرسمية والمستقلة والحزبية . ولكن ذلك الموقف المعادي ، بدأ يتفكك لصالح حركتنا ، إلى أن أصبحت " القضية الجنوبية " مدار اهتمام غير رسمي نظمت من اجلها الندوات والنقاشات ...الخ .
وفي الحصيلة ، اتضح – فعلا – أنها قضيه متعددة التعاريف ، تبعا لتعدد الخطاب من داخلها ومن خارجها وبالتالي تعدد المطالب ...الخ فكان الاختلاف في يناير 2008م على مضمون بيان الفعالية / يمثل حالة تمفصل داخل الحركة الشعبية برزت في نزول بيانين ، احدهما حدد الهدف ، باعتبار الهدف المركزي للقضية والأخر لا يرى ضرورة تحديد الهدف ، والتمسك بخطاب معتدل حتى لا يستفز الشعب في (الشمال) ...الخ من الحجج . وجاءت حملة ابريل 2008م لتفرز حصارها وإرهابها والزج بقيادات مهمة في زنازين الأمن القومي يصنعاء ومطاردة المئات ...الخ . ويتواصل الاختلاف في فهم القضية حتى أعلنت هيئة الحراك في الضالع ومثلها في بقية المحافظات ليستقر خطابها – كغالبية – عدا ملتقى التصالح والتسامح في الضالع – على مطالبة السلطة ( على السلطة الاعتراف بالقضية الجنوبية ) كل هيئات الحراك في محافظات الجنوب ، عدا محافظة حضرموت التي لم تشكل هيئه إلا بعد خروج باعوم من السجن ، وهيئة عدن التي التزمت خطاب الاستقلال إلى جانب هيئة التصالح والتسامح في الضالع . ظلت قضيتنا خاضعة لأكثر من تعريف وأكثر من خطاب ومطلب . مما جعل كتبة السلطة وخطابها يقيمون ثورتنا الشعبية ، بان أصحابها لا يعرفون ماذا يريدون ، ولذلك هم اعجز من أن يتحملَوا مسؤولية من يقودونهم وإيصالهم إلى هدف واضح .
التفاصيل عن هذه المسألة – لمن يحب الاطلاع – سيجدها في المادة السياسية التي انزلها المجلس الوطني الأعلى تحت عنوان (( الجنوب المحتل ومخاطر تعدد الخطاب)) .
لذلك كان السؤال المركزي المشروع هو / ماهي القضية الجنوبية ؟ وما الهدف المنشود من رفعها ؟ .
المرحلة الثانية : أكتوبر 2008م ــــ ابريل 2009 م . فشل الاحتلال في تحقيق هدفه بضرب الحركة الشعبية برغم إعلانه حربا عسكرية صريحة ضد شعب الجنوب المتمسك بخيار النضال السلمي ، فشل إرهاب ألدوله الرسمي " فرض الحصار العسكري على المدن الجنوبية ، وإعلان الطوارئ فيها ، والاعتقالات الهمجية لقيادات ومناضلي الجنوب السياسيين ، ومطاردة الآخرين واستخدام القوة المفرطة ضد المحتجين سلميا ...الخ " ولم تؤد المحاكمات الصورية أمام المحكمة الاستثنائية غرضها ، بل بالعكس خدمت الثورة الجنوبية . كما إن حملة الإرهاب – كحرب شاملة على الجنوب – قدمت القضية الوطنية الجنوبية للعالم أكثر فأكثر – إعلاميا على الأقل – وكلنا نعلم ( حرب ابريل - سبتمبر 2008م ) . الأمر الذي فرض على سلطة الاحتلال أن تفرج على أسرى الجنوب في سجونها وأبرزهم أولئك الذين تم نقلهم إلى سجن الأمن الوطني القومي بصنعاء وذلك في سبتمبر 2008م بعد أن امضوا ستة أشهر في أغلالهم وفي زنازين انفرادية تفتقر إلى أدنى حقوق الأسير ، بل ولا المعتقل السياسي . وهم المناضلون : حسن باعوم وعلي منصر محمد ويحيى غالب الشعيبي واحمد عمر بن فريد وحسين زيد بن يحيى وعلي هيثم الغريب وناجي العربي وآخرون .
في مهرجان 14 أكتوبر 2008م الذي نظم في ردفان الثورة ، وحضره ابرز قادة الحراك ولا سيما المفرج عنهم من زنازين صنعاء ( اختتم ببيان فعالية 14 أكتوبر 2008م بنص يقرر هدف نضال شعب الجنوب " وهدفنا الأساسي " هو اعتراف السلطة بالقضية الجنوبية وفقا لقراري مجلس الأمن 924 ، 931 ) في هذه المناسبة تواصل الحوار حول مطلب توحيد الحركة الشعبية في هيئة وطنية عليا وكان ثمة مبالغة في تقدير وتصوير العائق حيث صور الاختلاف في الهدف السياسي بين هيئة ملتقى التصالح والتسامح وهيئة الحراك في الضالع ، بأنه خلاف شخصي ، لا خلاف سياسي – رؤيوي حول مفهوم القضية الوطنية الجنوبية والهدف السياسي الاستراتيجي .
كانت الشخصنة وما زالت ، إحدى صور الإجهاض السري لكل تشكَل سياسي – معرفي – مقاوم يسعى للتحرر من غلِ العاطفة ومهاوي ثقافة التبرير هذه التي تختار السبل السهلة فتوقع أصحابها في شرك التسطيح هذا المفسر المجاني لمعادلات التلفيقية الذاتية ، بأحكام الرضى المرضي عن الذات . أي أن الأمر يتعلق بجدلية العلاقة السالبة بين العاطفة الرغبوبة وحقائق الواقع الذاتية والموضوعية فلكي يتيسر للحماسي الهروب من المواجهة القوية مع حقائق الصراع الجوهرية يقوم بتفسير الأمور كما يرغب أو يعتقد ، ليسقط عن ذاته مسؤولية البحث والتحليل الواقعيين من جهة ، وللهروب من دفع ثمن الموقف السياسي الواضح ، من جهة ثانية .
وأسهل الطرق أن يتم تعليق إشكالية ما إلى مشجب التبسيط المختلف ، أي المفسَرة من خارج مضامينها والمحددات الداخلية التي أظهرتها إلى السطح كإشكالية تنظيم جملة مشاكل بحاجة إلى وعي جدلياتها ...الخ . بمعنى آخر تجري عملية إسقاط للتقديرات الذاتية المستندة إلى الرغبة على الخلافات التي تطفو على السطح ، فتصف المشكلة كما تود لا كما هي أي من خارجها وليس من داخلها وقد كان انقسام الضالع خلف مشروعين سياسيين يتجلَيان في مضمون الخطاب السياسي لكليهما منذ يناير 2008م . الوسيلة المثلى للتملص من مبادرة المناضل " حسن باعوم " في دعوته إلى وحدة الحركة الشعبية بعد خروجه من المعتقل وذلك ما تجلى بيسر وبزمن قصير جدا ( رفض دعوة " باعوم " من قبل هيئات الحراك رغم كل الجهود التي بذلها ) ومن معه.
وإذ استجابت قيادة ملتقى التصالح والتسامح في الضالع لكل مبادرات التوحيد – يومئذ- مشترطة هدف الاستقلال واستعادة الدولة وقضايا أخرى ، كوثيقة ملزمة يتم التوقيع عليها من قبل الطرفين ، لكن الطرف الأخر ماطل وتهرب " هيئة الحراك " ولم يلتزم ما وعد به المناضل " باعوم "شخصيا ، إلا أن المواقف لم تتبدل والآراء لم تتغير إزاء جوهر التباين . وهو ما يعني بيان مطلب تجاوز أمراض الماضي وعلَاته ، ليس سوى شعار لدى البعض يرتدي حلة مطالب الحاضر ، بينما جلَ القيادات السابقة والشابة التي ترفع الشعارات تتنفس برئة الماضي نافثة ادراتها في هواء القيادات المخلصة ، معكرة المناخ الجديد الذي أنتجه الاحتلال فحرر الوعي الجنوبي من أوهام الوحدة وأساطير التاريخ الزائف ، ومن أمراض ماضي الجنوب وصراعاته القاتلة وهو ما قاد إلى عملية التصالح والتسامح الجنوبي – الجنوبي ، ابتداء من لقاء 13 يناير 2006م في جمعية ردفان بعدن ، لتقوم سلطة الاحتلال بإغلاقها قسرا – كما نعرف .
عموما ... محاولة استغلال مصداقية " باعوم " ونقاوة سريرته ، بالاستحواذ على كاريزميته لم تفلح أمام صلابة " باعوم" المعهودة ،وتمسكه بهدف التحرير واستعادة دولة الجنوب المستقلة . فما كان من المناضل " باعوم " والمؤمنين بالهدف ذاته ، إلا أن يتوجه بدعوة للجميع لحضور لقاء تشاوري ، لم يحضره غير المؤمنين بالهدف ومقاطعة " هيئات الحراك "في المحافظات باستثناء هيئة عدن وهيئة حضرموت التي يرأسها " باعوم " وهيئة التصالح والتسامح في الضالع ، وأفراد بصفاتهم الشخصية .
فتم الإعلان عن ميلاد المجلس الوطني برئاسة " باعوم " وأعلن المجلس في بيان سياسي وهدفه الكفاحي الذي ارتبط باسم " المجلس الوطني الأعلى لتحرير واستعادة دولة الجنوب المستقلة "في 31 أكتوبر 2008م وبرغم أن البيان اكد على قيادة مؤقتة للمجلس بهدف لمَ شمل الجميع ، إلا أن موقف هيئات الحراك لم يتزحزح بل تحول إلى هجوم ضد المجلس ورئيسه ، بلغ حد وصف المجلس بالتطرف الذي يخدم سلطة الاحتلال وارتكاب حماقة سياسية بإعلانه هدف النضال من اجل التحرير واستعادة دولة الجنوب المستقلة من خلال النيل من المجلس الوطني ومن كاريزما المناضل " حسن احمد باعوم" ...الخ . بيد أن هدف المجلس السياسي الذي عبر عن إرادة الشعب ، كان تعبير كذلك ليس عن جرأة المتبنين له وحسب بل وعن إيمان واعي لديهم بصحة ما أقدموا عليه من حيث :
1-ـ وجود الحاضن الشعبي للهدف ، القادر على حمايته ، أي نضوج أهم عوامل الحفاظ على الهدف والدفاع عنه ، بعد أن بلغت القناعة لدى غالبية شعب الجنوب بان لا تعايش مع قوى وثقافة الاحتلال ، وان الخلاص فقط بالاستقلال السياسي غير المنقوص أي استعادة دولته وسيادتها على كامل ترابها .
2- إن الوقت قد حان لتحرير القضية الجنوبية من تعدد التعاريف وتعدد المطالب وما يصاحب ذلك من خطابات سياسية متعددة حتى غدت القضية بذلك مادة للسخرية من قبل أعدائها ، وحتى من محايدين لتبدو الحركة الشعبية حركة فوضوية ، تجهل ما تريد ولا تملك إمكانية تحديد هدفها وكان ذلك تقدير سليم " = إعلان الهدف " أدى ثماره بوقت قصير ، وقد تجلَى ذلك في :
ا – إن الوضوح في الهدف ، سوف يجد التفافا شعبيا واسعا وهو ما حصل بالفعل وبفترة زمنية قياسية .
ب – قطع الطريق على كل المشاريع السياسية ما دون الاستقلال واستعادة الدولة الوطنية الجنوبية .
ج – توصيف صريح للواقع المفروض على دولة شعب الجنوب منذ " 7/7 " بأنه واقع احتلال عسكري بدائي صرف لايمت إلى الوحدة بصلة . وهو ما حرك الجمود في الشارع الجنوبي السياسي ، وأنتج الأسئلة المباشرة عن الهدف السياسي بنظر القوى الأخرى ولا سيما " هيئات الحراك " التي تشكلت قبل المجلس الوطني بثمانية أشهر .
وبما أن الحركة الشعبية عند ميلاد المجلس الوطني – لا تملك كيانا سياسيا موحدا ، فان المجلس الوطني مثل الإطار الموحد القيادة ، الذي أنجز في فترة زمنية وجيزة ، برغم كل العوائق التي نصبت له :
1- بناء فروعه في المحافظات والمديريات وصولا إلى القرى والأحياء السكنية " مراكز الشهداء " ( وهي تسمية هدفت إلى إعادة الاعتبار إلى شهداء الجنوب الذين كانوا ضمن أهداف طمس الهوية ومحو الوجود ) .
2- انزل مشروع برنامج سياسي ، اتسم بالوضوح التام في الهدف وفي جملة القضايا ذات الصلة بمرحلة النضال وبمرحلة الاستقلال وإعادة بناء الدولة وما بعد ذلك وحدد ملامح ماهية الدولة ... الخ . في وقت لم يجرؤ أي طرف سياسي على إيضاح هدفه فينزل برنامجه السياسي أو رؤيته السياسية عن ماهية القضية الوطنية الجنوبية وعن طبيعة الصراع وبالتالي تقديم توصيف واضح للوضع اللا إنساني المفروض على شعب الجنوب منذ " 7/7 " الأسود .
3- التزام خطابا سياسيا وإعلاميا يعكس الهدف السياسي المعلن ويجسد الوثيقة البرنامجية السياسية التي حددت رؤية المجلس لماهية الصراع ووسائله ... الخ .
وإذ كان مبرر " هيئات الحراك " عن عدم الاستجابة لدعوة المناضل " باعوم " والانضمام إلى المجلس الوطني بان إعلان المجلس كان متسرعا ومتطرفا إضافة إلى عدم وجود رؤية سياسية للمجلس الوطني ،وإذا كان بيان إعلان المجلس جلي الوضوح في الهدف السياسي وفي دعوته للحوار مع كل ألوان الطيف السياسي الجنوبي ، وتأكيده على أن إعلان رئاسة المناضل " باعوم " للمجلس إعلانا مؤقتا ، إلا أن إخواننا في قيادة هيئات الحراك أنكروا مساعي " باعوم " السابقة وتجاهلوا نصوص البيان الأول وما تلاه من بيانات وركزوا دعاياتهم وسط قواعدهم ضد المجلس ، محتجين بمفهوم " التحرير " بأنه ضرب من الهوس والتطرف ،فبماذا سيتم التحرير طالما والنضال سلميا ؟ - بنظرهم - ثم أن هذا المفهوم يمنح السلطة شرعية ضرب الحركة الشعبية عسكريا ... الخ .
لكنهم إذ يقبلون بهدف النضال من اجل استعادة دولة الجنوب المستقلة ، لم يتداركوا تناقضهم المثير ، فيتساءلون كذلك ، بماذا سيستعيدون دولة الجنوب المستقلة وخيار النضال سلميا أيضا ؟ .وكأن استعادة الدولة الجنوبية المستقلة سيتم بدون تحريرها من الاحتلال !! وكانوا مع الاستقلال واستعادة الدولة الجنوبية في الخطاب ألشفاهي غير الرسمي ، ويبررون خلو خطابهم السياسي من الهدف والاكتفاء بمطالبة السلطة الاعتراف بالقضية الجنوبية ، بالتكتيك السياسي وبلوغ الهدف بالتدرج ، من منطلق أن ألإعلان الصريح عن هدف الاستقلال ، سيستفز الشعب في الشمال وسيلتف حول السلطة ضد الجنوب ...الخ من الذرائع مثل أن قبول سلطة صنعاء ب " الفيدرالية " يمثل مكسبا للجنوب ، يسهم في تعجيل انتقاله إلى الاستقلال ، بتجاهل مفزع لمخاطر مترتبات الحوار مع سلطة الاحتلال حول شكل النظام السياسي ،بمنأ عن حرب احتلال الجنوب ونتائجها اللا شرعية بطابعها ألتدميري ( إنزال المجلس الوطني تعميما حول مخاطر تعدد الخطابات السياسية والحوار مع الاحتلال دون سقف الاستقلال بمعية مشروع البرنامج السياسي ، يمكن الاطلاع على جملة المخاطر بهذا الشأن في تلك المادة المعممة على فروع المجلس الوطني وقواعده ، وهي عبارة عن وثيقة نظرية تحليلية شخصت جمله من القضايا السياسية ذات الصلة بماهية الصراع ومخاطر التسطيح واللا حسم ...الخ) .
الدور المغيب للمجلس الوطني الأعلى لتحرير واستعادة دولة الجنوب المستقلة
إن المجلس الوطني إذ تعرض مذو إعلانه لحملة سياسية وإعلامية كبيرة ، ليس من قبل سلطة الاحتلال وحسب ، بل ومن أطراف سياسية في المعارضة السياسية وهو أمر متوقع – بالضرورة – لكنه أيضا عانى حملة تشهير اخطر من قبل بعض القوى السياسية والشعبية الجنوبية لا سيما من أطراف قوى النضال السلمي الجنوبي كما المحنا إلى شي من ذلك أعلاه . وعومل كخطر محدق بالقضية الوطنية الجنوبية ، الأمر الذي ضرب حوله طوق التعتيم الإعلامي ، حتى من قبل وسائل النشر المقروءة المتعاطفة والمتعاونة مع حركة النضال السلمي ولم يسلم المجلس من " الاشتراكي " حيث استهدف عبر حملة إعلامية موجهة ضد شخص المناضل " حسن باعوم " . وبرغم ذلك كله ، فان خطوته الجريئة تلك قد أكسبته ثقة جماهير الاستقلال ، ولا سيما عندما استطاع أن يقرن هدفه المعلن بمشروع برنامج سياسي واضح ، حضي بقبول شعبي واسع ، حتى لدى شريحة واسعة من غير المنتمين إلى صفوفه ولان من حدد اتجاه سيره ، غير ذاك الذي لم يحسم خط رحلته الكفاحية ، فان المجلس الوطني قد لعب دورا مهما في التطورات التي حدثت عقب الإعلان عن نفسه وأهمها :
1- ظهور مشاريع رؤى سياسية أبرزها رؤية الهيئة الوطنية للاستقلال كما قاد إلى حسم التردد لدى هيئات الحراك لعقد مؤتمرها في مارس من العام الحالي لانتخاب قيادة موحدة . وهو مكسب للحركة الشعبية ، ما كان له أن يتم لولا التغيير الذي أحدثه المجلس الوطني في بنية الحركة الشعبية العفوية على الصعيدين التنظيمي والفكر السياسي . فتنظيميا تمكن بوقت قصير من بناء إطار تنظيمي موحد القيادة كما سلف ونجح بتقديم نفسه كحامل لفكر سياسي واضح الأهداف الراهنة والمستقبلية على طريق تحوله إلى حامل سياسي للقضية الوطنية الجنوبية ، كتنظيم وليس إطارا شعبيا ، لولا المصاعب التي اعترضته كما المحنا إليها في هذه القراءة . وبرغم توحد " هيئات الحراك " في حركة " نجاح " إلا أنها لم تتم شرط وحدتها ، كتنظيم / أو حركة شعبية كفاحية لتأجيلها الشرط السياسي – النظري " = الرؤية السياسية " إلى أكتوبر القادم ، كدليل على أن حسم الهدف السياسي لديها لم يكتمل تبلوره في إطارها بعد .
ويبقى المجلس الوطني الفصيل المتميز في الداخل ، " وتاج " في الخارج اللذين حددا هدفيهما السياسيين بوضوح مشفوعين ببرنامجيين سياسيين وخطاب سياسي ملتزم الهدف المعلن وشروطه .
2- تحر ير القضية الوطنية الجنوبية من الغموض وتعدد التعاريف والتفسيرات والمطالب ، ومن مخاطر هذا التعدد في الخطاب السياسي وسيوله المربك لجمهور الثورة هذا الدور الذي يحسب للمجلس الوطني – من وجهتي نظر السياسة والتاريخ – ويجري تغييبه بوعي من قبل المستمرين على موقفهم السلبي من المجلس الوطني ، والذين ما برحوا يعملون على تفكيكه أو إذابته أو ضرب حضوره ، برغم انتقالهم غير المعلل لا تنظيميا ولا نظريا إلى القبول بهدف التحرير والاستقلال واستعادة دولة الجنوب ، كمجاراة للإرادة الشعبية الغالبة أو نزولا إلى مطلبها هكذا قبل الجميع بهدف المجلس الوطني حتى أولئك الذين اتخذوا منه سببا لمهاجمة المجلس والعمل على عرقلة توسع قاعدته الشعبية ، لكنهم لم يبرروا ويفسروا أسباب قبولهم بالهدف بين عشية وضحاها ، " لاسيما حركة نجاح " التي جعلت من الهدف عند إعلانه مبررا أخر لشن حملة التشهير ضد المجلس الوطني .؟؟ !! ومن ثم انسحابها من الحوار – كما سنوضح ذلك لاحقا – وهذا الإجماع هوى ما سعى وما برح المجلس الوطني يناضل من اجله ، ويعتبره مكسبا للثورة لتقريب اجل النصر – بإذن الله تعالى ــ .
المجلس الوطني : بين مطرقة الهدم وسندان التوحيد
إن تجربة شعب الجنوب منذ احتلاله في 7/7/1994م إذا ما أخضعت للدراسة والتحليل الواقعيين – وحتى لمن عاشها عن كثب ، كمشارك أو مراقب ، طوال 15 سنة من القهر والكفاح / النهوض والانكسار ، لوجد أن ثمة سمتان هما الأبرز وسمتا هذه التجربة ، وما برحتا تلازمانها حتى اليوم ، هما :
السمة الأولى: حيوية شعب الجنوب ، وعدم إذعانه للقهر والإذلال ، وعدم قبوله المبكر بشرعية القوة / الاحتلال - مع الإقرار بتفاوت نسبة الموقف المقاوم من منطقة إلى أخرى ومن شريحة إلى شريحة أخرى للأسباب التي اوضحناها في بداية هذه الدراسة المتواضعة – ولا شك بان طلائع الشعوب من أحرارها هم الذين يتحملون أعباء إيقاضها ورسم معالم ووسائل كفاحها للخلاص من مستعمريها المحليين أو من غزاتها الخارجيين .
وللإنصاف فان أداة التعبير السياسية للرفض المقاوم في الجنوب ، ولا سيما في السنوات الأولى التي أعقبت الاحتلال وهي مرحلة انقسام شعب الجنوب تحت غيبوبتين : قسم وقع تحت تأثير مخدر النصر الزائف على ذاته ( أهله وناسه ووطنه) وقسم واقع في غيبوبة صدمة الهزيمة العسكرية ، عاش جزء كبير من هذا يستجر أسباب الهزيمة لتبرير الذات الفردية أو لإدانة الأخر وتحميله المسؤولية الكاملة لاسيما صناع القرار . في هذه المرحلة الشاهدة على زهو المنتصرين المتعالي غرورا واستكبارا ، وعلى تواري مذهول للمهزومين وسط الصدع النفسي الجماعي وخلف الجرح المفتوح لخناجر الفتح والغزو والعدوان على الأرض والإنسان والتاريخ في الجنوب – ألدوله ، المستباح والمباح للسلب والنهب والفيد ...الخ الدولة الغنيمة ( غنيمة بحجم دولة ، حسب د ابو بكر السقاف ) .
في لج هذا اللامعقول ، الذي نجازف فنطلق عليه مرحلة السوسيو – سياسي في الجنوب ، الدولة المباحة : لم يكن أمام الجنوبيين غير " الاشتراكي" كمضلة سياسية ، يستطيعون تحتها أن يعبروا عن أنفسهم – للأسباب المعروفة طبعا – فكان الموقف السياسي الذي فرض على الحزب الاشتراكي عام 1997م بمقاطعة الانتخابات كان جنوبيا بامتياز . أي أن له دلالته السياسية الواضحة ، رفض انتخابات الاحتلال ( = كان الخطاب يومئذ يسميها انتخابات الحرب ) .
فتِحت مظلة " الاشتراكي " قاد المناضل باعوم نضال حضرموت السلمي 1997-- 1998 م ...الخ وكان لأعضاء " الاشتراكي " دورا متميزا في قيادة أشكال الرفض المختلفة في الجنوب ، لا سيما في مرحلة الشراكة الوهمية في نصر 7/7 حتى2007م وكما يسهمون في ألبنا يشاركون في عملية الهدم .
السمة الثانية : ( سمة الهدم) :- وهي سمة بارزة في كل مراحل تجربة النضال ، بإشكالها المختلفة ، منذ عام 1997م إن حيوية الجنوبيين ، إذ تشير إلى موروث ثقافي محرض على عدم التنازل من حق الحرية وعزة الإنسان وكرامته ، كوجه إنساني مشرق ، فان هذا الإشراق الايجابي المتجلي في ثقافة المقاومة للظلم والعدوان ، تنقصه روح الإيثار بتغليب ال" أنا " الفردية على ال" أنا " الجماعية ، باعتبار الأخيرة قوة تنظيم الكل من اجل المجموع والفرد . هذه الصفة في سلبيتها الهدامة ، تجد تعبيرها في خط الانحراف الذي يحدث في سيرورة الشراكة بين المساهمين في صنع الهدف / الفعل وهو انحراف واعي محكوم بنزعة شخصا نية مرضية ، مكابرة ، تدخل في صراع مع الذات الجماعية ، وتنسى الأخر ، العدو المشترك ، فتتوهم إثبات الذات الفردية / الجماعية من خلال هدم البناء الذي كان يضم الذات الجمعية مع إدراكه بأنه ذاته الفردية والجماعية لن تتأكد إلا من خلال ما قام بهدمه ، وهو هدم يخدم الأخر – العدو ويقويه ، لتبدأ رحلة البحث من نقطة الصفر عما يعبر عن الذات الفردية والجماعية المغيبة قسرا ،كما هو حالنا ، كشعب مستهدف ليس بطمس الهوية و حسب ، بل وبمحو وجوده ، باقتلاعه من أرضه .
فمثلا : تجربة حضرموت الريادية في النضال السلمي 1997 – 1998 م . إن تلك التجربة التي قادها المناضل " باعوم "ما كان لها أن تسقط ، بالأحرى تتوقف ، لو لم يشارك جزء من أبناء حضرموت في منظمة الاشتراكي تحديدا ، في تدمير زخم الرفض الحضرمي ، خدمة لطرف معين في قيادة الحزب الاشتراكي ، استهدفت " باعوم" لضرب النموذج الكفاحي الجنوبي الذي أبدعه .وكذلك اللجان الشعبية التضامنية ،لقد أسهم الاشتراكيون داخل هذه اللجان في تدميرها ، بإيعاز من مركز الاشتراكي الرافض لها علنا وكثير من المحاولات المخلصة لخلق شكل كفاحي منظم يسهم جزء من المعول عليهم في البناء في خلق أسباب الهدم قبل البناء آو بعده ولعل اظهر هذه السجية النفسية المعيقة للجهود المخلصة في بناء تنظيم وطني جنوبي كفاحي برزت كذلك – ضد المجلس الوطني الأعلى لتحرير واستعادة دولة الجنوب المستقلة ، بدءا بعملية اختراقه عبر عناصر ساهمت في إعلانه لتأخذ مواقع قيادية فيه ، سرعان ما انحرفت عن خط المجلس العام وتتفرد في رسم اتجاهات تحالفاته وتستغل مواقعها لتنظم أتباعا لها لا مناضلين في صفوف المجلس ناهيك عن حملة التشهير التي تعرض لها وما برح من مختلف ألوان الطيف السياسي الجنوبي ، ناهيك عن الأحزاب السياسية المعارضة – للأسف .
وإذ صمد المجلس في وجه الحملة من بعض أصحاب القضية ناهيك عن الاحتلال وتجاوز التعتيم الإعلامي ، كانت مبادرة ردفان للحوار وكدعوة مرتجلة ، فرضت أمرا واقعا إلا أنها أفضت إلى نتيجة طيبة أخرجت المجلس الوطني – لدى القاعدة الشعبية على الأقل – من دائرة المتهم بشق الصف الوطني الجنوبي وذلك بعد شهر ونيف من الحوار بين المكونات الأربع للحركة الشعبية ، الذي انسحبت منه حركة نجاح وأفضى إلى إعلان الجبهة الوطنية المتحدة " اتحاد جبهوي " . لثلاث قوى بعد انسحاب حركة نجاح النهائي من الحوار . لكن معوَل الهدم كان جاهزا ، فبدلا من إتمام الجهد السياسي العقلاني الضامن لتوحيد مستمر وناجح عبر حوار توافقي تم الالتفاف على الجبهة الوطنية المتحدة ، بإعلان زنجبار عن " مجلس قيادة الثورة " وهو بيان تمخض عن اتفاق لم يعرف حتى ألان من هو صاحب الدعوة له وكيف تم الاتفاق على قيادة موحدة خلال جلسة قات ؟ في الوقت الذي يؤكد فيه بعض من حضروا اللقاء ، بأنهم ذهبوا ولا يعلمون شيئا عن موضوع الدعوة " المناضل حسن علي البيشي مثالا " . وها أن المنسحبين من الحوار قبل إعلان زنجبار ، غدوا بعد هذا الإعلان يتفردون بكل شيء ، فحولوا المجلس المعلن عنه إلى ملكية خاصة بهم وباسمه يصدرون التحذيرات والوعيد لمن يخالفهم ، فارضين وصايتهم على الآخرين بيدِهم الأمر والنهي وما على باقي القوى إلا الإذعان والطاعة .
هذا السلوك عزز المخاوف ، وخلق علامات الاستفهام عن أسبابه وأهدافه ..لان من يسعى إلى التوحيد - حقا - يحرص أكثر من غيره على توفير عوامل الثقة ومد الجسور مع الآخرين ، والاستماع إلى وجهات نظرهم ، والقبول بمبدأ الحوار المسئول والشفاف ، ليس فرض الأمر الواقع عليهم باستغلال عواطف وحماس الجماهير نحو وحدة الحركة الشعبية الجنوبية ، لاصطياد الغير في مياه النوايا العكرة / المخاتلة . ولهدف تسجيل نقاط تفوق على المختلف معهم في الرأي ، لغاية غير بريئة تضعف الجميع . إن تفكيك المجلس الوطني عبر عناصر الاختراق وعبر إرضاء العناصر الأقل وعيا من قياداته اجلى بصورة مؤسفة الهدف غير المعلن من " الكلفتة " التي تمت في منزل الشيخ طارق ألفضلي . السؤال هو لمصلحة من نسف البنى الصحيحة وقيادة قوى الثورة الجنوبية إلى مربع الفوضى والتنافر ؟؟ . .
ابرز تداعيات إعلان زنجبار إن من ابرز تداعيات إعلان زنجبار كما برزت في الضالع بشكل كبير :
1- التفرد بإصدار البيانات ( الدعوات للاحتجاجات وغير ذلك باسم قيادة مجلس الثورة في المحافظة والمديريات دون أدنى اعتبار للقوى الفاعلة الأخرى ، ولاسيما المجلس الوطني الأعلى .
2- الترويج الدعائي والإعلامي عن وحدة اندماجية بين قوى الحركة الشعبية بينما تجري في الواقع ممارسات تنسف جسور التقارب ، وتخلق علامات استفهام خلف مؤشرات الخطر ، التي تفرق ولا توحد
3- استغلال تحفظات المجلس الوطني – بالذات – من الارتجالية والقرارات غير المدروسة ، كمادة للنيل من مواقفه بتصويرها تصويرا أحاديا مشوها ، أي رفض الوحدة الجنوبية ، دون مناقشة مضامين تحفظاته المنطلقة من حرصه على توفير ضمانات توحيد مستمر ، متماسك ، ينجح في أداء وظيفته الكفاحية ، باعتباره أداة قوة وليس غاية بحد ذاتها .
4- وبرغم أن " هيئة الاستقلال " لم تشترك منذ البدء في إعلان زنجبار وبرغم تحفظات ومقترحات المجلس الوطني لإنضاج الفكرة إلا أن ذلك لم يؤخذ بالاعتبار ، فتم الإعلان عن تسمية قيادة مجلس الثورة دون العودة إلى رئيس المجلس ولا إلى رئيس هيئة الاستقلال ، بطريقه استباقية غير مسئوله، لفرض أمر واقع ، كما توهم السائرون في هذه الفوضى السياسية ، ولو أن فرض الآمر الواقع أمر ممكن ، لما تفجرت ثورة الجنوب السلمية بوجه الاحتلال .
5- التمادي في ذلك السلوك السياسي غير المسئول ، كان لابد له أن يتوقف ، بفرملة اندفاعه المربك فاضطر المجلس الوطني ابتداء من فرعه في الضالع ، وصولا إلى تصريح نائب رئيس المجلس وتلاهما قرارات هيئة رئاسة المجلس الوطني الأعلى بتاريخ 27/6/2009م لتحديد موقف واضح إيزاء عملية هدم البنى السياسية القائمة بذريعة وحدة قوى الثورة الجنوبية وإن قادت – إن تمت – إلى الغرق في رمال الهشاشة وفوضى العفوية والارتجال السياسي للقرار .
6- استخدام عناصر الاختراق في المجلس الوطني لإضعاف موقفه في الوسط الشعبي ولا سيما لدى قواعده ، هذه التي أثبتت وعيا سياسيا عاليا ، مثَل الحصانة القوية للمجلس الوطني ، وتفوقت عمليا في انضباطها الكفاحي الواعي ، الكثير من القياديين الذين انساقوا بحماس عاطفي ، ليسهموا في تحقيق هدف تدمير المجلس الوطني الأعلى بمجرد أن وجدوا وعدا او إشباعا بترتيب أوضاعهم ، ليديروا ظهورهم للمؤسسة الكفاحية التي ما كانوا شيئا بدونها أي المجلس الوطني ..
7- إن واحدة من معطيات الخطر ، التي روج لها ، حاملوا هراوة التوحيد بأي ثمن ، لا سيما في الضالع ، هي التعالي – غير المحسوب – بدور الضالع ، حيث جرى تكريس فكرة أن ما سيتم في الضالع سيفرض نفسه على كل محافظات الجنوب ، ولذلك فلتبدأ عملية التوحد الاندماجي في الضالع تحت – ما لم يكن بعد – مجلس قيادة الثورة .. إن هذا الإفراط بتضخيم الذات الجزئية ، في إطار الذات الوطنية الجنوبية العامة ، هو احد مظاهر الإعاقة الذاتية المنتمية إلى الماضي بتجربته المريرة ،وقصر نظر سياسي له مخاطره في الحاضر وعلى المستقبل الذي ننشده متحررا من كل عوائق الماضي الثقافية والأمراض السياسية ، وهذا البعد ألنضري ما دون الوطني ، تصدت له قيادات وقواعد المجلس الوطني ، كاشفة بنيته الماضوية وتلفيقيته السياسية ( من المعطيات الأكثر بروزا لذلك المجلس : بيان نعي الشهيد " توفيق الجعدي " الذي نص على وفاة ليمنح سلطة الاحتلال صك براءة من اغتياله ؟ ) .
8- لم تكتفي أطراف إعلان زنجبار ، بقيادة حركة نجاح والشيخ طارق الفضلي ، بما أقدمت عليه ، وواجه ردود أفعال مغايرة ، وداعية إلى إيقاف الممارسات الغير مسئولة ، وانما واصلت تفردها بإعلان 2/7/2009م الذي تضمن استكمال قيادة مجلس قيادة الثورة ، بقائمة الأمانة العامة والناطق الرسمي ...الخ . وهو فعل يبرهن على :
أ- عدم براءة إعلان زنجبار ، وانه كان ضمن تدبير تم في ليل ، لتدمير البناء الصحيح الذي قام على حوار جاد مسئول وشفاف وتمخض عن الجبهة الوطنية المتحدة . فكان الهدف تدمير هذه الأخيرة لصالح العفوية والتفرد لطرف على كل الأطراف.
ب – إن حركة النضال السلمي " نجاح " انتقلت إلى شكل جديد للحفاظ على وجودها ، الذي أوشك بعد خروجها من حوار قوى الحركة الشعبية الجنوبية أن ينهار ، لتصبح هي " مجلس قيادة الثورة " مستفيدة من عناصر الاختراق في المجلس الوطني ، الذين ساهموا في إحداث هذه الفوضى السياسية وسط الحركة الشعبية في الداخل والخارج .
9- إن الطريقة غير المسئولة التي تم فيها إعلان زنجبار وأفضت تداعياته إلى ما عرفنا أعلاه ، فرضت ذلك ، على الرئيس علي سالم البيض ، وعبر الأخ احمد عمر بن فريد ، تقدير مبادرة سياسية أخذت ب " الجبهة الوطنية المتحدة " كصيغة جبهوية ناجحة تشترك فيها كل قوى الثورة الجنوبية في الداخل والخارج ( اتحاد جبهوي) يضمن التفرد راهنا ومستقبلا ... الخ . وهو أمر يقرر صواب مواقف المجلس الوطني منذ بادر لقطع طرق التردد والمداهنات السياسية غير المثمرة ، ليحرر القضية الوطنية الجنوبية ، ويعكس هدف التحرير واستعادة الدولة الجنوبية المستقلة ، فيقطع الطريق – كذلك – عن كل المشاريع السياسية ما دون حق الاستقلال واستعادة الدولة ، وسيعمل اليوم مع كل مناضلي الجنوب المخلصين على تحرير حركتنا الشعبية من العفوية وامتطاء صهوة الحماس والعاطفة وهي مهمة تحتاج إلى جهود الجميع
10 - وأخيرا تحويل مبدأ التعدد والتنوع إلى عامل خوف في وعي الحركة الشعبية ، وهو ما يتناقض مع الخطاب السياسي المعلن لبعض القوى ، فهذه إذ تشترط الوحدة الاندماجية / قبل أي حوار توافقي ، تضع العربة أمام الحصان ،سادة أفق التلاقي للجلوس على طاولة حوار سياسي جاد – شفاف ومسئول – وهذا الشرط غير القابل لنقاش بنظر أصحابه ويقرا على النحو التالي :
أ – قطع الطريق إمام القوى الأخرى الملتزمة مبدأ الحوار التوافقي غير المشروط . والاشتراط المسبق – وبهذه الصيغة – إنما يجلي بوضوح تام نزوع الاستبداد بالرأي ، وهو نزوع له مخاطره السياسية على حاضر الثورة ، كعائق ذاتي على ثورة الجنوب السلمية ، ناهيك عن دوره في إعادة إنتاج صراع الماضي حينما يتحول إلى سلطة استبداد سياسي .
ب - الامتناع الواعي عن المساهمة في تأسيس ثقافة التعدد والتنوع ، والمشاركة – عن قناعة – في تعلم فن إدارة الاختلاف سلميا وديمقراطيا ، في مرحلة اللا سلطة " = زمن الثورة " . لتمهيد أرضية خصبة لمستقبل دولة تشرع لثقافة سياسية تعددية ، تنتفي فيها كل أشكال الإقصاء وتجريم الرأي وتحفظ حق الخصوصيات ، وتحوَِل التنوع إلى ثراء مادي وثقافي ... الخ . ضمن منظومة سياسية وقانونية تحمي الحقوق الخاصة والعامة ، وتؤمن علاقات اجتماعية تقوم على المصلحة المشتركة في مجتمع دولة المواطنة وليس دولة الرعايا " الرعية ... الخ " .
ج – إن ألإصرار على " وحدة إندماجية " لقوى الثورة السلمية ، يرسم خلفه جملة علامات استفهام ، من قبيل : لماذا هذا الشكل التوحيدي دون غيره ؟؟ لماذا لا يتم الحوار حول الهدف والأسس الملزمة لكل الأطراف ، وصياغة رؤية سياسية " برنامج سياسي " ... الخ قبل الحديث عن مشكل التوحيد الأنجع لقوى الثورة للنهوض بمهمة التحرير واستعادة دولة الجنوب المستقلة ؟ . ومن الأهمية بمكان التساؤل :
ما الشكل التوحيدي الأكثر نجاعة في توحيد إرادة شعب الجنوب من جهة ، والقادر على حفظ مبدأ التعدد والتنوع في الحاضر والمستقبل من جهة أخرى ؟ .
إن هذه التساؤلات ، تعطي أصحابها شرعية التخوف من تلغيم هذا المطلب بهدف غير معلن ، انطلاقا من :
1 – أن ليس من حق طرف واحد أن يفرض شروطه على أطراف النضال الوطني الأخرى .
2 – إن الحوار على أساس التوافق يمثلان مصداقية وقناعة كل الأطراف في التحرر من عقل الشمولية الفكرية والسياسية .
3 – إن الإصرار على وحدة اندماجية ، قبل الوصول إلى توافق حول قضايا الخلاف ، هو سبيل ممهد لتفجير الجميع ، بمجرد تمترس طرف في قلب الواحد ، وهذا اخطر ظاهر لا يقبل به غير الساعي إليه .
4 - وإذا ما تمت وحدة اندماجية لمجموع القوى القائمة الفاعلة ، ونجحت في أداء مهمة التحرير وصولا إلى الاستقلال ، فإنها ستشكل القوة السياسية الغالبة القادرة على الإمساك بالسلطة وتحويلها تدريجيا إلى حكم شمولي ،نظرا لغياب القوى السياسية القادرة على انجاز مبدأ التداول السلمي للسلطة
5 – ولذلك يرى المعترضون على الوحدة الاندماجية ، حتى المدروسة منها ناهيك عن الارتجالية بان " الوحدة الجبهوية " هي الأكثر نجاعة وضمانة لحاضر الثورة ومستقبل نضال شعب الجنوب من حيث :
أ - إنها توفر عامل القيادة الموحدة ،في ضل استقلالية القوى الموحدة في نشاطها السياسي والتنظيمي الداخلي
ب – إن الوحدة الجبهوبة ، تحفظ مبدأ التعدد والتنوع في إطار الوحدة ، وتوفر عوامل القوة الكفاحي للثورة وتضمن نظام حكم تعددي بعد الاستقلال ،ولا سيما بعد مرحلة إعادة بناء الدولة " المرحلة الانتقالية " .
ج – في حال أن طرفا ما من أطراف التوحيد الجبهوي تخلى عن هدف الإطار الجبهوي الموحد فلن يؤثر على الثورة تأثيرا يودي بها إلى التراجع أو النكوص المدمر ، كما سيكون في حال التوحيد الاندماجي .
فهل تملك أطراف اشتراط الوحدة الاندماجية مبررات سياسية تملك قوة البرهان الشرط ألقسري هذا ؟ . إن القفز من شكل كفاحي إلى أخر ، ومن هدف / مطلب سياسي إلى أخر ، من دون أي تبرير نظري/ أو تقييم منهجي – واقعي لدواعي الانتقال ، وليس القفز ، من محطة إلى أخرى ( نعني تقييم المرحلة السابقة قبل الانتقال إلى المرحلة الجديدة ) إن ذلك سلوك يعكس الخواء الفكري لدى القوى السياسية غير المنظمة ، أي المعتمدة على الشعاراتية والعفوية الممتطية العاطفة والحماسة الهادرة . وقد برز اليوم ، داخل الحركة الشعبية ، لدى بعض القوى الجوالة الأسماء والمطالب والأهداف السياسية ، تلك التي لم تستطيع أن تقر ركنها الفكري – السياسي " رؤيتها السياسية " كركن رئيس في كل بناء تنظيمي سياسي ناهيك عن أن يكون تنظيما كفاحيا تحرريا . مثل هذه القوى المتحركة في اللا محدود وغير المتعين فكريا ، لا تمت إلى مفهوم الثورة بصلة بقدر ما تمتطي غضب الشعب وثورته ضد الاحتلال ألاقتلاعي ، وتدغدغ عواطفه بما يشبع حماسه ، وليس بما ينبغي عليه أن يفعله ليتمكن حقا من خوض الصراع بوعي وإدراك شروطه ووسائله ، ومتطلباته التنظيمية والسياسية والفكرية . وعوامل الذاتية والموضوعية الداخلية والخارجية ، فأن تتحدث عن ثورة دون الإفصاح عن هدفها الاستراتيجي ، فأنت أشبه بمن يسير إلى جهة غير معلومة . وإذ يغيب الهدف النهائي ، يغدو زعم التكتيك ضرب من الطلاسم لان رسم / صياغة مراحل النضال تستلزم – تكتيكات – وضوح الهدف ، هذا الأخير الذي يتحدد على أساس وعي وإدراك ماهية الصراع ومضامينه السياسية والثقافية والقانونية والأخلاقية .
أي أن غياب الهدف السياسي الاستراتيجي يفسر فقدان الوعي بماهية الصراع ، أو الهروب من التشخيص الواقعي للصراع إلى الغموض والسيولة والهلامية ، الأمر الذي يجعل من زعم التكتيك السياسي ،ليس اكثر من مغالطة للذات ، ان لم يكن ممارسة للتضليل السياسي لجماهير الثورة ، التي – عادة – ما توكل مهمة إدارة الصراع مع العدو إلى قياداتها ، وتستمرى في الغالب " = الجماهير" التحرك العفوي الذي يشبع حماسها ويتسع لعواطفها ، أكثر من استجابتها للتنظيم وتحمَل أعباء المشاركة في مسئولية صنع القرار وما يترتب عنه من انتصارات وانكسارات ،من مكاسب آو خسائر .. فبرغم أن الجماهير هي صانعة الحدث المعين ، إلا أنها تهب النجاح كله – إن تم – للقائد / القيادة ، فتضفي عليه / عليها هالة من القوة والدهاء والتميُز لتحضي بمكانة فوق النقد والمراجعة وهذا هو سبيل صنع الديكتاتوريات وكذلك تحمل قياداتها الفشل كله ، من كونها – القيادة – قد منحت صلاحية الأمر والنهي والوصاية بالتفكير والتخطيط ...الخ .
وعندما تواجه رأيا مخالفا ، لا تعبي به وتردد بان الجزء الغالب من الجمهورامي – ناهيك عن الخامل – يستجيب لما لا يقيد نزوعه إلى العفوية والحماس ، أكثر من استجابته لما يعقلن عاطفته ، وينظم حركته بقواعد انضباطية كفاحية تسهم في تمتين وتصليب بني الذات الكفاحية المنظمة التي تمثل مركز دائرة شروط الثورة التحررية في كل زمان ومكان وهو الأمر الذي يفسر جانبا مهما من حالة القبول الجماعي ب" إهدار العقل" ، بما هي حالة ثقافية وتاريخية يتعايش معها الإنسان العربي ، ملتمسا من صنميه الثقافة " مبرر الاستكانة والخضوع وإقالة العقل من وظيفته والاستعاضة عنه بالنفاق والطاعة العمياء هذه الحقيقة اللا انسانية ، بما هي حالة إنسانية سالبة ، تجد ما يضفي عليها وجها ايجابيا من داخل العقيدة الدينية كأساس ، ناهيك عن العقل ألذرائعي المحرض على إعادة إنتاج عوامل القابلية الذاتية بالاستبداد " = العبودية الاختيارية " . إن أي ثورة لا تحدث قطيعة ايبستمولوجية " معرفية " وليس قطيعة عدمية – طبعا – وإن إلى مستوى معين – على الأقل – ليس مع الأسباب التي قامت الثورة للخلاص منها ومن نتائجها وحسب ، بل مع كل مدررَات استباحة العقل وإهدار أدمية الإنسان ، الثقافية والسياسية والاقتصادية والقيم الاجتماعية الكابحة " = المعادية لقيم العصر الإنسانية والعلمية ... الخ " التي تقدس الماضي ،وتقاتل ليتصدر حاضر المجتمع ومستقبله فهي ليست ثوره وإنما صراع بين قوى المصالح ، كحالة مغالبة ، تفضي إلى تبدل الأدوار بين قوى الثقافة السياسية ذاتها ، ولا تعود على الشعوب بمنفعة ما ، بقدر ما تهم – الشعوب – بإعادة إنتاج أوضاعها السابقة لصالح طاغية / مستبد جديد : فرد أو حزب أو أسرة أو قبيلة ...الخ . تحت يافطة الشرعية الثورية ، أو غيرها من الشرعيات الزائفة التي تختلق ما يبرر الطغيان مثل مسالخ الحرية المسماة ثوابت وطنية مقدسة ...الخ . فأين ثورة شعب الجنوب السلمية – مفتوحة الخيارات – التحررية الثانية من احتلال الأشقاء الغزاة ، الاسوء من الاحتلال البريطاني من أسئلة الحاضر ألفجائعي حول الماضي وحول المستقبل ؟؟ . أن ثقافة الانتقاص من أهمية التأصيل النظري الفكري للثورة ، تمثل احد أسباب هيمنة العفوية وردود الفعل في حركة الرفض الجنوبية منذ الاحتلال ، كانت ولا زالت عائق ذاتي أخر تنامي وتطور ثقافة المقاومة في الوعي الجماعي بحيث يتمكن " الوعي المقاوم " من القيام بعملية الربط الجدلي بين كل أشكال المقاومة الشعبية والسياسية والفكرية ، كعملية متنامية ...متواصلة وليست حلقات منفصلة عن بعضها اللاحقة تنهي السابقة في الوعي والممارسة معا .. أي أن ثقافة المقاومة لم تأخذ مسارها السليم ، كفكر تواصلي فاعل في الوعي . وهو ما تجلى في حالات ألبنا ء على هدم بناء سابق .
فـــكر الثــورة الســـلميــــة الـوطنيــة الجنــوبيـــة
ليس المقصود - هنا – فكرة الثورة ، لان القضية الوطنية الجنوبية هي قضية دولة " ارض وشعب وسيادة " تحت الاحتلال فهي قضية موضوعية غير قابلة للتقادم ، قادرة على خلق قواها إن عاجلا أو أجلا ، اي أن الثورة الشعبية أكدت حضورها وحسب وإنما المقصود هو فكر الثورة ... فالثورة – أية ثورة – لابد لها من فكر ينظمها في الوعي / ويرسم خطوط حركتها في الحاضر ويحدد افقها المستقبلي ، وبما الفكر هو جملة الآراء والأفكار التي يعبر بواسطتها هذا الشعب أو ذاك عن مشاكله وتطلعاته عن مثله الأخلاقية والمذهبية وطموحاته السياسية والاجتماعية ويؤطر عدالتها ويحدد معالم ومرتكزات شرعيتها ويعضَد قوة الحق بواقعية البراهين التي ينتظمها فكر الثورة ، الذي يجيب عن أسئلة الحاضر بالعودة العقلانية – الواقعية إلى حقائق الماضي وتفكيكها وإعادة تركيبها ، لفهم الحاضر والتأسيس للمستقبل بوعي متحرر من مفاهيم الماضي يستحيل معه التطلع له دعوة ألما قبل ليحل محله ألما بعد " حسب المفكر محمد قايد الجابري ".
وفي حال ثورتنا السلمية الراهنة ، كشعب حتِم عليه أن يخوض معركة وجود بمواجهة قوى الغزو الحاملة لثقافة التدمير الشامل للأجر ، فارضة على شعب الجنوب المغدور به أن ينهض من تحت دمار القوانين الداروينية ، دفاعا عن حقه في البقاء ، فإنها بأمس الحاجة إلى نتاج فكري نقدي تفكيكي يعيد بنا الوعي وبما يساعد على أن يقف على شيفرة الماضي القريب والبعيد التي قادة شعب الجنوب إلى هذا المصير اللا أنساني ، المهدد بخطر اقتلاعه من جذوره ، ومحو وجوده ، لا لشيى إلا انه قيل ذات قرار أيدلوجي الخلفيات والأبعاد ، أن يهزم هويته الجغرافية "الجنوب العربي " وينتصر لهوية " اليمن " الجهة وليس الهوية السياسية والجي – ثقافية والتاريخية ومن ثم يقدم دولة بكل مقوماتها أرضا وثروة لوهم " القدر والمصير " ليقاد بالغدر والعدوان قربان لآلهة الغنيمة أي أن الثورة - بما هي حاضرة الجنوب المستباح ، لابد أن تنهض بمهمة فكرية – ايبستمو لوجية " = نظرية المعرفة " نقدية تحليلية عقلانية للخروج بخلاصات تحدث قطيعة معرفية هادفة وواعية مع الأسباب التي حولت أصحاب الحق في الثورة من اجل الحرية والاستقلال إلى قوى متحاربة ، وفخخخت دولة الاستقلال بصراعات سياسية دامية يلتمس المنتصرون – دائما – شرعيتها من المصطلحات السياسية ، حتى غدا اليمين أكثر من " يمين " وكذلك اليسار أكثر من " يسار " وصولا إلى رحلة الابتلاع إلى شدق أوهام الشعب الواحد والتاريخ الواحد ( إعلان 22/5/1990م المشئوم ) وما ترتب عنها من عدوان تدميري يعيد إلى الذاكرة حروب سبا القديمة . هذا الخراب العظيم اليوم ، هو حاضرنا في الجنوب الثائر وأليس مشروعا أن نتساءل عما قاد شعبا ودوله إلى هذا الهوان ؟ وكيف نفهم ماضينا ونتجاوزه ؟ إن تجاوز الماضي لا يتم بإدارة الظهر له ، او بالتخوف من تفكيكه وإعادة بنيته ، وإنما بمعرفته معرفة علمية ، للاستفادة من دروسه وعبره : الآخذ بما ينفع وتجاوز ما ضر بنا وما سيضر ، ليس بالشعار، وإنما بإحداث قطيعة معرفية ٍمع الأسباب التي أفضت إلى هذه النتيجة في الوعي الاجتماعي كأحد أعمدة فكر الثورة الثانية .
إن قدرة الثورة على انجاز هذه المهمة ، هو ما يوفر قاعدة صلبة لفكر استشرافي يحدد – بوضوح تام – إجابات الثورة عن المستقبل المتحرر من إمراض الماضي التي أدت إلى اغتيال ثورة 14 أكتوبر وتدمير مقومات دولة الاستقلال المدنية العصرية على يد غزاة القبيلة المنتمين إلى ثقافة القوة ، وعقل الغزو والغنيمة السبئية حتى غدا شعب الجنوب يعيش تحت قسوة اعنف مفارقات العصر وأغربها : القبيلة داعية وحامية التوحيد الأكذوبة .
أي أن فكر الثورة هو ما ينبغي أن ينهض بالتالي :
1 - أن لا يجعل من الدفاع عن الهوية عبر الدفاع عن التاريخ والمعالم والرموز الثقافية مبررا ذرائعيا يحول دون فهم الماضي ومعرفته للإفادة منه في الحاضر ، والمستقبل بل العكس والصواب ، اعادة قراءة التاريخ بعقل اليوم ومتطلباته لاستعادة الوعي الجنوبي إلى ضوى الحقيقة وسط ناجعتة اللا إنسانية .
2 – إعادة بنية الوعي في الجنوب ، بما يحرره من زيف الوعي التاريخي المؤسطر ومن المسلمات الإيديولوجية الزائفة ، فيمده بقوة معرفية تعضد قوة الحق الجنوبي بمواجهة باطل الغزو والقوة أي ان تحرير الوعي وإعادة بنيته من مهمة الفكر وليس الشعارات الحماسية .
3 – تحرير قوى الثورة السلمية – مفتوحة الخيارات – من الشمولية السياسية والفكرية ( الاستبداد بالراي ) وتطهير وعي الجماهير من صنميه الثقافة وصناعة الأصنام ، التي تمظهر في القبول الطوعي باهدار العقل الجماعي ، أي إحداث قطيعة مع ثقافة الاستبداد ، فثورتنا بحاجة إلى مناضلين أحرار وليس اتباعا " رعية "
4 – بناء علاقات قيمية جديدة تجسر الصلة بين الماضي والمستقبل ، عبر مصفاة الثورة " = الحاضر " المعرفية والعقلانية القادرة على الجمع بين قيم الماضي الايجابية ومتطلبات المستقبل وقيمه الجديدة .
5 – رسم ملامح المستقبل بوضوح غير قابل لتعدد التفسيرات ،وتضع الشعب في موقع الحامي للأهداف التي ناضل من اجلها ، والراعي لها من نزعات الاحتكار ومن مخاطر الشمولية .
6 – ترسيخ قيم التعدد والتنوع بإبراز حسناتها وبالتأكيد على التزام الثورة بها كعنصر من عناصر فكرها في الحاضر والمستقبل ، كفكر سياسي تلتزم به كل قوى الاستقلال ، عبر برنامجها الموحد أو برامجها المتعددة ، واعتماد مبدأ الحوار مع حملة المشاريع السياسية ما دون الاستقلال في مرحلة الثورة ، إلا من وقف في صف الاحتلال لضرب الثورة ، تحت أي مبرر فقد اختار خط العداء مع شعب بنفسه وفي هذه المسألة ، تجد الشارة إلى ظاهرة التعدد الانقسامي ، بما هو تعدد لم يقم على فكر سياسي متنوع . فهذا النوع من التعدد يفتقر إلى موجبات التعدد الحيوي الخلاف ، الذي يولد جدلا فكريا ايجابيا ، وإنما يقوم على تعصب لا رؤيوي ، مكابر ، يتمترس خلف أحكام مسبقة عن الأخر ، أو الوقوف عند حدود قناعات سياسية ما ضوية الفكر أو العداء للأحزاب السياسية المعارضة لصنعاء .
مثلا : أن يتعدد الشعب في كيانات سياسية أو شعبية خلف رؤى سياسية مختلفة ، فذلك دليل حيوية الشعب ومدنيته ، أما أن ينقسم إلى تجمعات لا تحمل أفكارا واضحة عن حاضر ومستقبل الثورة ، ( رؤية فكرية – برنامج سياسي ) فذلك ضرب من الانقسام اللا سياسي ، محكوم بثقافة عصبوية أو بعقلية قبلية " = وعي المجتمع الرعوي " أي خضوع الرعية الابتلاع لإرادة الراعي السيد القائد أو الزعيم الضرورة .
وهل ثمة ما هو ادَل على ذلك ، من تعصب جمهور قوة من قوى الحركة الشعبية لقواه المفتقرة الى رؤية سياسية واضحة والى خطاب سياسي يعبر عن إرادته ؟ . ورغم ذلك يتزيأ زى الثائر المفصل في مكنة التبريرية ، بمعنى أخر يتحلل عن وزر التنازل عن قناعاته بالذرائعية ، كي لا يتعثر تعصبه بالحقائق الواقعية ... أي أننا ايزاء نفسية اجتماعية مهيمنة وليس أمام موقف سياسي بني على قناعة ذاتية / فردية حرة من الاحتلال حاسمة الخيار ، بناء على معرفة واعية . وخطر هذه المرحلة السياسية ، يتجلى في مظاهر التشهير ضد الأخر المختلف ، ونشر الخوف من ظاهرة التعدد واشتراط الحوار مع الآخرين بتوحيد اندماجي قبل الوصول إلى توافق حول قضايا الخلاف ... والقيام بأعمال استباقي ، بغية فرض أمر واقع على الآخرين ، والتفرد المعبر عن نزوع شمولي إقصائي ، كما برز بوضوح عقب إعلان زنجبار 9/5/2009م عن " مجلس قيادة الثورة " المسلوق غير المدروس ، حيث استغل لإلهاب عاطفة الجمهور وحماسة للتوحيد ،...الخ ...الخ .كما سلفت الإشارة وهو ضرب من ممارسة المكر السياسي ولكنه موجه إلى الذات الوطنية الكفاحية الجنوبية ، ليتحول إلى كابح للذات الثورية . أن الانقسام السياسي في ظل غياب فكرة الثورة ، يعني - بالضرورة – حضور ثقافة الماضي السياسية وغياب ثقافة ثورة الحاضر الشديدة الحاجة إلى فكر جديد يؤمن انتصارها ويحمي مستقبلها من ادرأن الماضي القاتلة ، ومن ضغوط مطالب المستقبل، وقيمه المعاصرة ، عند استعادة دولتنا الوطنية الديمقراطية التي دمُرت تدميرا شاملا ، بصورة اقل ما توصف به أنها عملية انتقامية ثأرية متوحشة ، مضغنه روح المعاصرة على أحكام ابن خلدون بشان سجية التوحش المتأصلة في العرب الذين إذا ما ملكوا نهبوا وسلبوا وخربوا العمران عموما ...إن ثورتنا بحاجة إلى عدم إعادة إنتاج " تاريخ الاختلاف في الرأي " ولنما العمل على تأسيس حالة جديدة لبناء الرأي .
7 – النهوض بمهمة نقد وتقييم كل مرحلة من مراحل كفاح شعب الجنوب بقواه المختلفة ، دوريا ، لاستخلاص الدروس والعبر عن كل فترة زمنية بنجاحاتها وإخفاقاتها بواقعية سياسية إن لم نقل بتشدد كفاحي واعي نحو الذات ، للحيلولة دون الرضاء عن النفس الفردية أو الجماعية ، ولقمع نزعة الغرور والتعالي والثقة – الفنتازية – بالقوة الذاتية المستندة إلى تعاظم واتساع رقعت الغضب الشعبية ،دون النظر إلى الفاعلية السياسية ومستوى النجاحات المحققة وشروط الحفاظ عليها و و ...الخ
8 – استشراق حركة صيرورة الثورة ووضع تصور الاحتمالات على ضوى التطورات ، بصورة ديناميكية ، وبالمقابل وضع البدائل الممكنة لكل احتمال دون تضخيم ولا تهوين ..
وفي ختام هذه القراءة التي لا نزعم صوابها المطلق – ندعو الحريصين على انتصار قضية حريتنا واستقلالنا أن يقرأوها بعقل نقدي – منفتح على الرأي المغاير ، دون تعصب ولا من خلف نظارات المواقف والأحكام المسبقة . ولا شك بان القيم السياسية التي تعلنها ثورتنا اليوم ، تلزمنا إن نتعلم فن إدارة الاختلاف سلميا وديمقراطيا والتسليم عن قناعة واعية بان الحقيقة نسبية وان ادعاء ملكيتها من قبل طرف دون الآخرين ، هو ادعاء زائف رأس الدمار الشمولي الذي نحن احد نتائجه .فلنقتدي ، قبل الفكر ألتعددي الليبرالي الغربي ، قول الإمام الشافعي في اجتهاداته " رأي صواب يحتمل الخطأ ، ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب " .
وعلى هذه القاعدة العقلانية ، لواحد من ابرز أئمة المسلمين ، ندعوا القائلين " بالوحدة الاندماجية " لقوى ثورة الجنوب ، أن يقدموا للشعب أفضليات هذا الشكل التوحيدي على " التوحيد الجبهوي " ، هذا الذي اقر على عبر حوار جاد هادف وبناء ،وجاءت مبادرة الخارج الجنوبية – عبر بن فريد – لتأكيد أفضلياته عبر " القبول بالجبهة الوطنية المتحدة " كصيغة توحيدية تخدم الثورة في توحيد الإرادة الشعبية الجنوبية في مرحلة الكفاح وتؤمن مبدأ التعدد والتنوع للمستقبل أي إن التنوع الجبهوي يؤمن التنوع في إطار الوحدة ، هذا المبدأ الذي ينبغي اللا يكون – بالفعل لا بالقول – احد أدلتنا اليوم على تأسيس هذه الثقافة لخدمة المستقبل الذي ننشده . انتــــــــــــــــــــــــــــــــهى
صادر عن المجلس الوطني الأعلى لتحرير واستعادة دولة الجنوب المستقلة
عــــــــــــــــــــــــــــــــــدن ــــ بتاريخ : 01 / أغسطس / 2009م .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق